دول » دول مجلس التعاون

اقتصادات الخليج.. ما احتمالات تجاوزها تداعيات أزمة كورونا؟

في 2020/06/02

متابعات- 

رغم الأعباء الثقيلة التي ألقت بها جائحة "كورونا" وتهاوي أسعار النفط على كواهل الاقتصادات العالمية، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، فإن الغطاءات المالية القوية التي تتمتع بها الأخيرة قد تساعدها على امتصاص هذه الأزمة وتجاوزها بشكل أسرع من غيرها، رغم الإجراءات القاسية التي يتحتم على هذه الدول اتخاذها.

فتوقف حركة الاقتصاد العالمي وما ترتب عليه من تداعيات أربك الموازنات الخليجية وأرهق كواهلها، ما حدا بها لتقليص النفقات وإقرار خطط تقشف، بل وللاقتراض أيضاً، لكن هذه الأمور يمكن تجاوزها برأي خبراء؛ حال التغلّب على الوباء وفتح الاقتصاد العالمي مجدداً.

وقد حذّر مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث هذا الشهر من أن دول الخليج تواجه احتمالات خسارتها لنحو ثلثي إيراداتها النفطية خلال 2020، ونحو الثلث في 2021 مقارنة بإجمالي الإيرادات المسجلة في 2019.

كما أظهر تقرير صادر عن "صندوق النقد الدولي"، يوم الخميس (6 فبراير 2020)، أن دول الخليج العربية قد تشهد نفاد ثروتها المالية في الأعوام الـ15 المقبلة؛ في ظل تدني إيرادات النفط والغاز، ما لم تُسرع خُطا الإصلاحات المالية.

تحديات

وهذا الشهر أيضاً، نشر موقع "ستراتفور" الأمريكي تحليلاً قال فيه إن الأزمة الحالية ستعطّل خطط تنويع الاقتصاد الخليجي، معتبراً أن الضربة المؤلمة التي تلقتها إيرادات الخليج دليل على حاجتها الماسة لتوسيع اقتصاداتها بما يتجاوز صادرات النفط والغاز.

ويقول التحليل إن الكويت، والسعودية، وقطر، والإمارات، تتمتع بقدرة أكبر على صد تداعيات الأزمة الراهنة الاقتصادية، في حين تفتقر عُمان والبحرين إلى المقدار نفسه من الأموال التي يمكنها من تجاوز العاصفة.

وحتى لا تؤدي الخسارة في الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى سحق اقتصادات الخليج بسرعة قدّمت حكومات هذه الدول حزم تحفيز أولية مماثلة، وقدّمت دعماً مضموناً لرواتب مواطنيها، وضخَّت سيولة في القطاع المالي، كما يشير تقرير ستراتفور.

لكن في حين ستساعد هذه الإجراءات شركات القطاع الخاص على المدى القريب، فإن كلفتها ستتمثل في المزيد من خفض الإيرادات غير النفطية، وزيادة العجز المالي، بحسب محللين.

جوانب إيجابية

ورغم ذلك فإن ثمة جوانب إيجابية وسط الضغوط التي يولدها كورونا؛ إذ ستمنح البيئة العالمية الحالية المصابة بالكساد بعض الفرص الاستثمارية لدول الخليج الأكثر ثراءً، والتي ما تزال لديها سيولة نقدية، لكن البقاء في قلب الحياة السياسية والاقتصادية سيكون الهدف الخليجي الرئيس في المدى القريب، كما يقول الموقع الأمريكي.

وحالياً، يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدل النمو الاقتصادي لمصدري النفط في الشرق الأوسط إلى 4.7% في عام 2021، على الرغم من أن هذا يعتمد على نظرة متفائلة لمسار الفيروس، وحدوث انتعاش في الاقتصاد العالمي، واستقرار أسعار النفط.

لكن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني تقول إن الأرباح القوية نسبياً للبنوك الخليجية، ومخصصات خسائر القروض، ستساعد في تخفيف أثر الصدمة التي تلقتها اقتصادات المنطقة بسبب كورونا وانهيار أسعار النفط.

وأكد تقرير للوكالة أن البنوك الخليجية تستطيع امتصاص صدمة تصل إلى 36 مليار دولار، قبل استنزاف قواعد رؤوس أموالها، لافتة إلى أن البنوك السعودية هي الأقوى بالمنطقة، في حين تتمتع نظيرتها الكويتية بأعلى قدرة على مواجهة تكلفة مخاطر أكبر.

وفي السياق قال تحليل لبنك "قطر الوطني" إن الأرصدة المالية ستتحسن بشكل طبيعي خلال 2021 وما بعده، مؤكداً أن الحكومات ليس أمامها إلا دعم اقتصاداتها لمواجهة الوباء.

الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، يرى أن "الفوائض الخليجية حمت العملات المحلية؛ لأن هذه الفوائض تمكن الحكومات من مواجهة أي ضغط في الطلب على الدولار، مثال ذلك السعودية، التي تمتلك أكثر من 500 مليار دولار على سبيل الاحتياط، وعليه فهي تقترض بلا خوف، فضلاً عن الفوائض البترولية لهذه الدول".

وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين" أوضح شاهين أن "قيمة الاحتياطات الخليجية يمكن تلمسها بالنظر لاقتصادات الدول الأخرى التي تأثرت عملاتها بقوة بسبب كورونا واضطرت لسحب الاحتياطات النقدية التي تملكها".

لكن الخبير الاقتصادي أشار إلى أن "التأثير الأكبر للأزمة سيكون على المشروعات الخليجية المستقبلية وخطط تقليص البطالة، لأن الحكومات مضطرة لتطبيق خطط تقشف كبيرة وتأجيل مشروعات استراتيجية، وهذا سينعكس سلباً على المواطن".

وختم شاهين بالقول: إن "الدول الخليجية ستلجأ للاقتراض بلا شك، خاصة أنه لا يوجد سقف زمني معين لانتهاء أزمة كورونا، كذلك ستقلل دعم المشروعات الخاصة مستقبلاً، ورغم أنها ما تزال حتى اللحظة قادرة على التصدي مالياً لكل هذه التداعيات، فإنها ملزمة باستغلال الحدث وفتح مشروعات أخرى تجعلها دولاً منتجة".