دعوة » مواقف

القومية الهندوسية حولت معاداة الإسلام إلى ماركة عالمية من الخليج إلى كندا

في 2020/07/02

فورين بوليسي- 

 أشار الصحافي الإستقصائي ستيفن جو إلى دور القومية الهندوسية في نشر وتصدير ماركة خطيرة من كراهية الإسلام حول العالم، مشيرا إلى كندا الدولة التي تقدم نفسها كبلد متعدد الثقافات بات يعاني من معضلة.
وجاء في مقالته التي نشرتها مجلة “فورين بوليسي” أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعرض لانتقادات بسبب التمييز ضد حوالي 200 مليون مسلم. فقد زادت التوترات بين هذه الأقلية الكبيرة والهندوس القوميين الذين يدعمون حزب بهارتيا جاناتا والتي قادت خلال السنوات الماضية لتشريع قوانين مثيرة للقلق وانتهاكات خطيرة وعنف قاتل قاده الرعاع في داخل الهند. إلا أن العداء تجاوز حدود الهند. وكل هذا يعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي ودياسبورا مكرسة نفسها للدفاع عن الحزب القومي المتطرف الحاكم بحيث نقل العداء للمسلمين وحوله إلى ظاهرة عالمية.
وتسبب نقل التحيزات المحلية إلى المستوى العالمي بإثارة مشاكل دبلوماسية للهند مع حلفائها. وكان هذا واضح في منطقة الخليج التي يعمل فيها ملايين الهنود والتي أقام مودي وبهدوء علاقات قوية مع حكامها، ولكنها أصبحت الآن مهددة بسبب حالات قام فيها المتطرفون الهندوس هناك بنشر دعاية معادية للإسلام عبر الإنترنت.
وفي الوقت الذي استهدف النقد اللاذع والكراهية المسلمين في الهند إلا أن البعض منها احتوى على تعليقات تقلل من شأن الإسلام عامة ونبيه محمد. وأدى هذا لظهور نقد نادر لمودي بين النخب الحاكمة في دول الخليج.
ففي نيسان/إبريل انتقدت حكومة الكويت وعضو في العائلة الحاكمة في إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة كراهية الإسلام الواسعة على منصات التواصل الإجتماعي والتي اتهمت المسلمين الهنود بنشر فيروس كورونا قصدا، وأن بعض المسلمين يقوم بما أطلق عليه المتطرفون “جهاد كورونا”. ورد مودي بتغريدة قال فيها إن الفيروس “لا يفرق بين العرق أو الدين”، مع أن خطاب حكومته كان يقول عكس هذا.
وبعد شهر أصدر المدعي العام الفدرالي في الإمارات تحذيرا ضد التمييز بعد طرد عدد من الهنود من وظائفهم بسبب منشورات معادية للمسلمين وضعوها على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما حدا بصحيفة “غالف نيوز” لتخصيص افتتاحية دعت فيها الهند التوقف عن تصدير خطاب الكراهية إلى الخليج. وفي الغرب وجدت نسخة بهارتايا جاناتا المعادية للإسلام حليفا راغبا بتبنيها وهو اليمين المتطرف، وكتطور جديد في بلد متعدد الثقافات مثل كندا. ففي نيسان/أبريل صوتت المجالس البلدية مع قرار يسمح للمسلمين برفع الأذان لعدة دقائق في اليوم خلال شهر رمضان. وكانت الحكومة تأمل بأن تعزز فكرة الدمج الاجتماعي، بعد إغلاق المساجد وبقية أماكن العبادة نتيجة لكوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا.
وأدى القرار إلى ردود فعل مضادة بما فيها عريضة واسعة على الإنترنت وحملة كراهية، حيث اقترح اليمين المتطرف أن الديانة”الإسلامية” اخترقت المجتمع الكندي وسياسته. وعكس أفراد من الدياسبورا الهندية مواقف اليمين المتطرف عبر تغريدات قالوا فيها إن الأذان هو جزء من “حملة استراتيجية على مستوى العالم” للإسلاميين وأن صوت مكبرات الصوت العالي وهي تنقل الآن لا يكون أبدا “دعوة للسلام”.
وخسر عدد من الذين نشروا تغريدات كهذه وظائفهم بسبب ضغط الجماعات المعادية للكراهية. ولكن قلة من هذه الحالات كان محلا للاهتمام باستثناء رافي هودا العضو في المجلس الإقليمي للمدارس بمنطقة تورنتو والذي كتب تغريدة قال فيها إن السماح للأذان يفتح المجال أمام “صفوف خاصة لراكبي الجمال والشياه” أو قوانين “تطالب المرأة بتغطية جسدها من الرأس للقدم كخيمة”. وعندما شجبت الشبكة الكندية المعادية للكراهية تغريدة هودا اندلعت حرب. وجاء لنجدة هودا عدد من مستخدمي منصات التواصل المؤيدين للحركة الهندوسية وعادة بأسماء مستعارة وتحتوي على 8 أرقام تعطي فكرة عن منشأ الرقم الذي جاء للدفاع عن هودا. ومن هنا تحول جدل محلي إلى مشكلة دولية. ويتطوع هودا من جانبه في فرع المعبد الهندوسي سوامي سيفاك سانغ الذي يمثل مصالح الحركة الهندوسية راشتيرا سوامي سيفاك سانغ في الخارج.

وهي حركة قومية متطرفة تدافع عما يعرف بالهندوتفا أو طهارة الهند كبلد للهندوس فقط. وينتمي مودي إلى هذه المنظمة كما هو الحال مع عدد من وزراء حكومته. وفتحت الحركة أول فرع لها في الخارج عام 1947 بكينيا ولديها الآن 500 فرع في 39 دولة وتعرف فروعها باسم “شاخاص” أو الفرع. فبالإضافة للخدمات التي تقدمها للمجتمعات الهندوسية في الخارج تقوم بتنظيم المحاضرات والمعسكرات الصيفية وغيرها من النشاطات التي تتوافق مع أيديولوجية الحركة الأم.
وبحسب وثيقة حصلت عليها “غلوبال نيوز” فقد جاء انتشار القومية الهندوسية في كندا كجزء من جهود المخابرا الهندية “للتأثير السري” على الساسة الكنديين ودفعهم لدعم سياسات الهند ومواقفها من خلال عمليات التضليل الإعلامي والمال. ولا يوجد ما يدل على نجاح هذه الاستراتيجية إلا أن من الواضح أن تأثير الهند الدولي توسع بحيث سيس أجيال من الهنود في الخارج والذين تشربوا خطاب الحركة الهندوسية القومية.
ونظرة على تقرير الإتحاد الأوروبي “ديسنفولاب” الذي صدر الخريف الماضي تكشف عن نجاح الجهود. وقدم التقرير تفاصيل عن 260 شبكة إخبارية مؤيدة للهند تنشر الأخبار المحلية الكاذبة وفي 65 دولة بما فيها الدول الغربية.
وتحمل الشبكات أسماء محلية للمدن والإحياء الناشطة منها لكن لا أحد منها له علاقة بالمكان الذي تحمل اسمه أو تمثله. وكلها تحتوي على دعاية مؤيدة للهند أو معادية لباكستان. وكل شبكة مسجلة في مجموعة سريفاستافا، وهي شركة هندية نظمت العام الماضي رحلة لسياسي أوروبي متطرف لزيارة كشمير ومقابلة مودي.
وبدا هذا التأثير العالمي واضحا عندما نظم الهنود في الخارج والهنود الأمريكيون الصيف الماضي تجمع “هاودي مودي” في هيوستون بحضور 50.000 شخص بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب وعدد من الساسة الجمهوريين والديمقراطيين. وقام الناشطون والمتطوعون الهنود بالجهد الأكبر الذي حول لقاء زعيمي دولة إلى حفل عام. وكان يقصد منه تقوية العلاقة بين ترامب- مودي وتعبئة الهنود في الخارج حول حزب بهارتايا جاناتا وبالتالي تعزيز موقع مودي في داخل الهند. ويعد هذا التنظيم للشتات الهندي رصيدا لمودي وحكومته. كما أن الساسة المنتخبون سيجدون صعوبة في توجيه النقد للحكومة الهندية خشية إغضاب الناخبين الهندوس لهم. وبات هذا واضحا في صمت كندا بعد العنف الطائفي في شباط/فبراير الذي قتل فيه 50 مسلما. وفي الوقت الذي تحدث فيه وزير الخارجية الكندي مع نظيره الهندي حول العنف فإنه قدم تعليقا غامضا أدى لانتقادات له في داخل كندا.
وبنفس المقام لم يصدر أي تعليق من جاستن ترودو، رئيس الوزراء، فيما تجنب 4 هنود من حزبه التعليق. والتزمت الدول الأجنبية الصمت في الصيف الماضي عندما جرد مودي ملايين المسلمين من المواطنة الهندية وألغى الوضع الخاص لكشمير في الدستور الهندي ووضعها تحت الحصار. وتساءلت الباحثة فاريحا شاميم إن كانت “جماعات اللوبي المتأثرة بحركة الهند الطاهرة” قد نجحت في أهدافها وبنت تأثيرا على الأرض. ويجد الساسة الليبراليون أنفسهم في وضع صعب، فهم لا يستطيعون نقد سياسات مودي بدون إغضاب داعميه في الشتات. ويحتم جو مقالته بالقول إن التداعيات السلبية التي أشعلتها منصات التواصل الاجتماعي في كندا قد تكون آنية ولكنها تشكل محددا على طريقة عمل الديمقراطيات عندما تنتقل إليها نزاعات خارجية، خاصة في الغرب الذي يضع ثقله في جانب واحد من النزاع. فقد وجدت نسخة مودي من هندوتفا شريكا مستعدا من الجناح المتطرف في الغرب ويجب على قادته الليبرالية الانتباه لمخاطر هذا التحالف.