علاقات » خليجي

عرقلت صلحاً خليجياً وشيكاً.. هل أثرت أبوظبي على قرار الرياض؟

في 2020/07/12

الخليج أونلاين-

ثلاث سنوات مرت على الأزمة الخليجية، بين قطر من جهة والسعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر من جهة ثانية، من دون أن يلوح أي حلّ في الأفق حتى اليوم.

وبالتوازي مع ذلك، ومع دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة، والمضي نحو إنهاء خصامٍ يدخل عامه الرابع، تعثّرت مجدداً محادثات رامية إلى وضع حد للخلاف بعد أن أثارت موجة من الجهود الدبلوماسية آمالاً بحدوث انفراج واختراق حقيقيَّين.

ويبدو أن الشواهد والحقائق تؤكد أن دولة الإمارات تقف حجر عثرة أمام إنهاء الأزمة الخليجية، وإفشالها سابقاً للمحاولات العُمانية والكويتية لإنهاء الخلافات، قبل أن تأتي تأكيدات لإفشال أبوظبي الجهود الأمريكية في إيجاد حل وسط للأزمة.

أبوظبي وإفشال التصالح

مع مرور شهر في السنة الرابعة من الأزمة الخليجية، كشفت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، المقربة من الرئيس دونالد ترامب، عن عرقلة الإمارات اتفاقاً بوساطة أمريكية بين السعودية وقطر قبل لحظات من إتمامه.

وذكرت الشبكة، في تقرير لها في 9 يوليو 2020، أن "الإمارات أفشلت، مطلع شهر يوليو، اتفاقاً خليجياً لحل الأزمة مع قطر بوساطة أمريكية، كاد يمثل انتصاراً سياسياً للرئيس ترامب قبل انتخابات نوفمبر المقبل".

وأضافت: "قبل شهرين، مع قيام واشنطن بدور الوسيط، اتخذت المناقشات منعطفاً إيجابياً عندما أبدت السعودية استعداداً لقبول عناصر من الحل الذي تقوده الولايات المتحدة، ثم كلف الرئيس ترامب كبار المسؤولين في الإدارة بصياغة صفقة مقبولة لجميع الأطراف".

ووفقاً للتقرير، تقول المصادر إنه بعد سلسلة من المناقشات رفيعة المستوى بين كبار القادة من السعودية وقطر والإمارات والولايات المتحدة، يبدو أن اتفاقاً لإنهاء الحصار كان قد تم التوصل إليه في الأسبوع الماضي.

وأشارت إلى أن الإمارات، في اللحظة الأخيرة، غيرت مسارها وطلبت من السعودية وقف دعم الاقتراح الذي تدعمه الولايات المتحدة.

وتقول الشبكة في التقرير: "حرم التأخير الذي تسببت فيه الإمارات مؤقتاً إدارة ترامب من انتصار حاسم في السياسة الخارجية بالشرق الأوسط، من شأنه أن يعزز النفوذ الأمريكي ضد إيران".

ليست الأولى

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها وسائل إعلامية عن محاولة الإمارات إفشال أي محاولة للتصالح مع قطر، ففي ديسمبر 2019، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن مصدر دبلوماسي، قوله إن هناك من "يعارض" في أبوظبي إعادة العلاقات إلى سابق عهدها.

وفي نوفمبر الماضي، قال موقع "ذي ميدل إيس آي" البريطاني، إن النظام الحاكم في دولة الإمارات "يواصل مؤامراته لتخريب أي محاولات لحل الأزمة الخليجية عقب الحديث عن قرب التوصل لاتفاق بين السعودية وقطر".

وذكر الموقع أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد "يستميت لإفشال اتفاق الرياض والدوحة وأي جهود لحل الأزمة الخليجية".

وفي 5 يونيو الماضي، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن الخليج تغير و"لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه" قبل قطع العلاقات مع قطر.

وأضاف في تغريدة له على "تويتر": "لا أرى أن أزمة قطر في ذكراها الثالثة تستحق التعليق، افترقت المسارات وتغيّر الخليج ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه". وبحسب قرقاش، فإن "أسباب الأزمة معروفة، والحل كذلك معروف وسيأتي في أوانه".

هل أبوظبي تقود السعودية؟

ويرى بعض المحللين السياسيين أن القرار السياسي السعودي أصبح أداة بيد الإمارات، فيما يعتقد آخرون أن الدولتين متفقتان في كل خطواتهما.

وكتب الإعلامي القطري جابر الحرمي على صفحته بـ"تويتر"، تعليقاً على ما نشرته "فوكس نيوز"، قائلاً: "ما بثته شبكة فوكس نيوز يؤكد ما هو مؤكد: قرار الرياض في أبوظبي".

ويشاركه في الرأي الكاتب والصحفي الأردني ياسر أبو هلالة، الذي تساءل قائلاً: "لماذا تعرقل الإمارات الجهود الأمريكية لتحقيق المصالحة الخليجية؟ والسؤال الأهم: لماذا تخضع السعودية دائماً للقرار الإماراتي بعد أن تتجاوب مع الجهود الأمريكية؟".

وأكمل أبو هلالة قائلاً: "يبدو أنها فقدت الأمل ببقاء ترامب، وأي تنازل ستقدمه للإدارة الأمريكية الجديدة التي سيكون موقفها صعباً من السعودية!".

في المقابل لا يعتقد المعارض الإماراتي، ومساعد وكيل وزارة المالية الإماراتية السابق، جاسم الشامسي، أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يقود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ويقول في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "لا أعتقد أن بن زايد يقود بن سلمان، لأن السعودية لها دور استراتيجي في المنطقة، وبن سلمان إذا تحدث عن السعودية فهو يتحدث عن استراتيجية اقتصادية وسياسية وجغرافية أقوى من الإمارات".

ويضيف: "هناك تلاقي مصالح، لأنهما يريدان الوصول للحكم، وهناك مشروعات مطلوب منهما التنسيق فيها مع الضامن الأمريكي الصهيوني، الذي يسعى لتقسيم الأمة وتمزيقها وعزل الشعوب العربية عن الحصول على حرياتها وإرادتها مثل ما يحدث في اليمن، ودليل على ذلك أن ما تقوم به الإمارات في اليمن مجرد مصالح وتقسيم للكعكعة فيما بينهما".

أجندات متناسقة

وفي سياق حديثه يرى "الشامسي"، أنَّ سبب بروز الإمارات كمعارِضة لأي مصالحة خليجية، يعود إلى "التنظيم الإعلامي الذي تملكه، إضافة إلى كونها السبّاقة في ضرب التيارات الإسلامية ومحاربة الشعوب العربية".

وتابع: "المشهد الخليجي غامض وغير واضح ولا يعبّر عن الشعوب الخليجية العربية التي تتناغم مع مشاعر الأمة التحررية"، لافتاً إلى أن "ما يقوم به بن زايد وبن سلمان لا ينعكس حقيقة على توجهات الشعوب الخليجية التي هي مخنوقة مسلوبة الإرادة".

وأضاف: "هذا يعطينا مؤشراً على أن هناك أجندات خارجية يعملان عليها، لأن ما يقوما به لا يعبّر عما تريده الشعوب العربية، وهذا ينعكس على حالة قطر التي لها مشروع مستقل وتحرُّري، وتريد أن تدعم الربيع العربي وتتناغم مع الشعوب العربية، وهذا ليس من مصلحة السعودية والإمارات التي تحارب الدوحة منذ سنوات طويلة".

ودخلت الأزمة الخليجية عامها الرابع؛ ففي 5 يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت كل المنافذ الجوية والبحرية والبرية معها، في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981.

مصالح يصعب تغييرها

من جانبه يرى الصحفي والباحث في الشؤون الدولية بسلطنة عُمان، سالم الجهوري، أن الخلافات بين الدول عادةً ما تفتح كثيراً من الملفات القديمة والجديدة، مشيراً إلى أن ذلك "يعد طبيعياً؛ نظراً إلى المصالح التي تدافع عنها كل دولة وما تحاول تحقيقه من مكاسب".

ويعتقد في سياق حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن ما نشرته الشبكة الأمريكية "لا يمكن الأخذ به حرفياً كما ورد"، مشيراً إلى أن المساعي الأمريكية كانت تهدف إلى "إقناع كل من الرياض وأبوظبي بفتح أجوائهما أمام الخطوط القطرية كخطوة أولى".