مجتمع » بطالة

العمالة اليومية في الخليج.. واقع مؤلم أفرزته كورونا ومخاطر تلوح بالأفق

في 2020/07/13

الخليج أونلاين- 

في ظل أزمة جائحة فيروس كورونا والتدابير الاحترازية التي اتخذتها حكومات دول الخليج العربي لاحتواء المرض، والتي تمثلت في الإغلاق الكامل للمدن والمقرات والأعمال، كانت فئة العمالة اليومية الأكثر تضرراً؛ لكونها تعتمد على دخل يومي في تحقيق قوت يومها.

وفقد أصحاب العمالة اليومية في دول الخليج، مثل عمال الحلاقة وغيرهم، مصدر رزقهم خلال شهور الإغلاق الأربعة الماضية التي جلسوا فيها في بيوتهم، وهو ما دفع عدداً منهم إلى مغادرة الدول المقيمين فيها إلى بلادهم الأصلية إلى حين عودة الحياة الطبيعية بشكل كامل، وآخرين بقوا ينتظرون العودة إلى أعمالهم.

وتتوقع منظمة العمل الدولية أن يكون عدد العاملين المجبرين على ترك الخليج أكبر بكثير مما أعقب الأزمة المالية عام 2008 - 2009، وانهيار أسعار النفط في صيف 2014.

ويتكدس أصحاب العمالة اليومية بدول مجلس التعاون في بيوتهم المستأجرة، وبات بعضهم غير قادر على توفير طعامه اليومي، وهو ما دفع بالمؤسسات الخيرية في الخليج إلى تقديم مساعدات عينية يومية لهم في أماكن سكنهم.

وفي منطقة الخليج نحو 35 مليون أجنبي، وفق تقديرات، يشكلون العمود الفقري لاقتصاد هذه المنطقة، غير أن إعادتهم إلى بلدانهم أصبحت تمثل حماية لوظائف ورواتب مواطني هذه الدول.

وتصل نسبة العمالة الوافدة في الإمارات إلى 90%، وفي الكويت بلغت النسبة 69.3%، في حين تصل إلى نحو 80.9% في عُمان، وإلى 94.4% في قطر، وتقترب من 73.5% في البحرين، وفق معطيات نشرتها صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، في أكتوبر 2019، نقلاً عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية.

إنفاق العمالة

الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة "أوكلاند" الأمريكية، يؤكد أن العمالة اليومية أو غير المنتظمة في دول الخليج تأثرت بشكل كبير جداً خلال الشهور الماضية بسبب فيروس كورونا.

واعتمد أصحاب العمالة اليومية، حسب حديث شاهين لـ"الخليج أونلاين"، في توفير متطلبات حياتهم المعيشية اليومية على إنفاق الأموال التي ادخروها قبل أزمة كورونا والتي كانت معدة للتحويل إلى بلادهم الأصلية وعائلاتهم.

كما لجأ عدد من أصحاب العمالة غير المنتظمة، كما يؤكد شاهين، إلى الاستعانة بأصدقائهم وأقربائهم الموجودين في الدول المقيمين فيها، واستدانة بعض الأموال منهم لتوفير بدل إيجار لبيوتهم، وطعام وشراب.

ووفق الأستاذ الأكاديمي، فقد عملت بعض الجمعيات الخيرية، والمواطنين الخليجيين، على تقديم مساعدات على شكل هدايا ومنح لأصحاب العمالة اليومية الذين تضرروا بسبب جائحة كورونا، والتطوع لكفالتهم، إلى حين عودتهم إلى أعمالهم.

وحول وجود أي خطط معدة من قبل حكومات دول الخليج العربي، لدراسة أوضاع العمالة اليومية، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية: إنه "بشكل عام لا يوجد أي نظام، سواء في الخليج أو الدول العربية، لإعانة العمالة اليومية، إلا من خلال تقديم مبالغ مالية زهيدة في بعض الدول لهم".

وفي حال استمر أصحاب العمالة اليومية بدون عمل أو تحقيق دخل لهم، يتوقع شاهين أن يذهب بعضهم إلى الانحراف وارتكاب بعض الجرائم، وهو ما سيدفع دول الخليج إلى اتخاذ قرارات بترحيلهم فوراً.

مبادرات خليجية

وأمام توقف كثير من أصحاب المهن عن عملهم وعدم وجود دخل لهم، شرعت جمعيات خيرية في دول الخليج على تقديم إعانات عاجلة لهم من غذاء وشراب، ورعاية صحية.

في دولة قطر، أطلقت جمعية "قطر الخيرية" مبادرة تحت عنوان "مطابخ الخير" لتوفير الوجبات للعمال بشكل عام الذين تضرروا من أزمة كورونا.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها "الخليج أونلاين"، فقد افتتحت "قطر الخيرية" مطبخاً خيرياً يخدم العمال ويقدم لهم وجبات مجانية في المنطقة الصناعية، وهو واحد من أربعة مطابخ يطلَق عليها مطابخ الخير، تتولى من خلالها "قطر الخيرية"، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة والجهات المعنية في الدولة، تقديم الوجبات الساخنة لنحو 7 آلاف وجبة يومياً، توزَّع على العمال.

محمد علي الغامدي، مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع الحوكمة لتطوير "قطر الخيرية"، قال: إن "الوجبات الـ7 آلاف تتم يومياً كدعم للعمال الذين تضرروا من الأزمة، وذلك تقديراً لجهودهم الكبيرة في المساهمة بالتنمية في قطر، وهو أقل واجب يمكن أن تقوم به (قطر الخيرية) تجاههم".

وفي تصريحات سابقة لـ"الخليج أونلاين" أضاف الغامدي: "إن قطر ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم، وفَّرت أكثر من 90 ألف وجبة بمساهمة المحسنين، وسوف تزيد (قطر الخيرية) أعداد الوجبات الغذائية، خاصة أنها تذهب كلها لفئات العمال".

وفي الكويت، التي غادرها أكثر من 90 ألف وافد، عملت السلطات المختصة والمجتمع المدني لمساعدة العمالة التي تضررت نتيجة كورونا ولم تستطع توفير قوت يومها، حيث أطلقت حملة تبرعات شعبية لدعم جهود الحكومة الكويتية في التصدي للفيروس.

وأطلق الحملةَ "تحالفُ الجمعيات والمبرات الخيرية"، تحت شعار "فزعة للكويت"، من خلال 41 جمعية خيرية كويتية، تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية.

وجمعت المؤسسات المشاركة في الحملة التبرعات إلكترونياً، وتذهب تلك التبرعات لمصلحة مواجهة الفيروس بالتعاون بين الحكومة والمؤسسات بالكويت.

وجمعت الحملة الأولى لتحالف الجمعيات الخيرية في الكويت أكثر من 9 ملايين دينار كويتي (30 مليون دولار أمريكي)، خلال 24 ساعة، أسهم فيها نحو 200 ألف متبرع.

وأصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية بالكويت، في أبريل الماضي، تقريراً حول جهود الجمعيات الخيرية في مكافحة فيروس كورونا، مبينة أن الجمعيات أسهمت بمليونين و789 ألف دينار (9.3 ملايين دولار) خلال شهر مارس الماضي.

وقدمت الجمعيات أكثر من 150 ألف وجبة للعاملين في وزارات الدولة والمحاجر والمنافذ الحدودية، وقدمت خدمات لـ90 ألف متضرر من الكويتيين المغتربين والأسر المتعففة والعمالة، ودعماً مادياً وسلالاً غذائية وصحية ووجبات، حسب وزارة الشؤون الاجتماعية.

وفي سلطنة عُمان، والإمارات، والبحرين، قدمت العديد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية مساعدات غذائية للعمالة التي تأثرت من جائحة كورونا، وتمثلت في طرود غذائية ومياه شرب.