ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

بين المواقف والواقع.. هل هناك خلاف سعودي على التطبيع مع "إسرائيل"؟

في 2020/09/04

الخليج أونلاين- 

حالة من التناقض تسيطر على الدبلوماسية السعودية في تعاملها مع القضية الفلسطينية وموقفها من التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ تصدر المملكة مواقف رسمية تؤكد تمسكها بحل عادل للقضية وفق مبادرة السلام العربية، في حين تظهر تحركاتها على الأرض عكس ذلك.

وتعكس الحالة السياسية المتناقضة للسعودية وجود خلاف داخل البلاط الملكي حول التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي كما فعلت الإمارات الشهر الماضي، أو الالتزام بالموقف العربي والدولي من القضية الفلسطينية.

وتشترط الجامعة العربية لإقامة أعضائها علاقات مع "إسرائيل" انسحاب اﻷخيرة من الأراضي المحتلة عام 1967، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وحل مشكلة اللاجئين.

مظاهر التناقض

آخر مظاهر التناقض السعودي من فلسطين والتطبيع هو سماح المملكة لطائرة شركة "العال" الإسرائيلية التي حملت وفداً إسرائيلياً وأمريكياً بالعبور عبر أجوائها إلى الإمارات، رغم عدم وجود أي اتفاق سلام مع "إسرائيل".

كما وافقت الهيئة العامة للطيران المدني السعودي على طلب من هيئة الطيران المدني بدولة الإمارات بخصوص الرغبة في السماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إلى دولة الإمارات والمغادرة منها إلى كافة الدول، ومن ضمنها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

الخطوة السعودية جعلت رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يشيد بإعلان المملكة الموافقة على طلب الإمارات بالسماح للطائرات الإسرائيلية بعبور أجواء المملكة.

وفي موقف مختلف تماماً حول السماح بعبور الطائرات الإسرائيلية الأجواء السعودية أظهر الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير الخارجية السعودي، موقفاً مختلفاً لبلاده من التطبيع، حين أكد أن بلاده لن تغير مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام سعودية قال الأمير فيصل بن فرحان، الأربعاء 2 سبتمبر، إن السماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات والمغادرة منها إلى كافة الدول لن يغير مواقف السعودية الثابتة تجاه قضية فلسطين.

وتقدر المملكة، وفق تصريح بن فرحان، "جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية".

اختلاف داخلي

الخبير والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل يرى أن ولي العهد السعوي، محمد بن سلمان، لديه رؤية مختلفة عن والده، الملك سلمان بن عبد العزيز، إذ يريد الأول الانفتاح على دولة الاحتلال الإسرائيلي، في حين يتمسك الأخير بالأصول التاريخية لبلاده.

ولدى الملك سلمان، حسب حديث عوكل لـ"الخليج أونلاين"، فهم والتزام أكثر بأصول التاريخ، على عكس القيادات الشابة، والتي يستمدها ولي العهد من علاقاته مع الولايات المتحدة، ومنها تنفيذ رؤيتها لعام 2030، ومن ضمنها تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

وينتشر مغردون وكتاب سعوديون، وفق عوكل، للترويج والإشادة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهي نتيجة سطوة الولايات المتحدة التي تضع كل ثقلها في المنطقة لخلق استقطابات حادة فيها، على أن لها عدواً يشكل تهديد.

وتتمسك السعودية حسب مواقفها الرسمية، كما يوضح الخبير والمحلل السياسي الفلسطيني، بمبادرة السلام العربية التي قدمتها عام 2002، والسلام على رؤية حل الدولتين، والحقوق الفلسطينية، ولكن هناك سياق آخر بالمنطقة يدار من خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتميل السعودية، وفق عوكل، إلى عدة أولويات؛ أكثرها هو أمنها واستقرارها الداخلي حتى لو كان على حساب الآخرين، حيث سقط الأمن القومي العربي وانهار.

ضغوط أمريكية

صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية كشفت، الأحد (30 أغسطس الماضي)، عن ضغوط كبيرة يمارسها كوشنر على ولي العهد السعودي لإعلان التطبيع مع "إسرائيل" قبيل الانتخابات الأمريكية، مشيرة إلى أنه (كوشنر) لوّح للأمير بن سلمان بأن عدم حدوث ذلك قد يؤدي إلى وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض بدلاً من ترامب.

وقالت الصحيفة إن كوشنر لفت نظر السعوديين إلى أن وصول الديمقراطيين إلى الحكم في الانتخابات المقبلة يعني خسارة الرياض مكانتها لدى البيت الأبيض؛ "لأن بايدن سيشرع فور فوزه بالتفاوض مجدداً مع إيران حول ملفها النووي، وهو ما يعني تراجع مكانة السعودية".

ورغم حديث الصحيفة العبرية عن وجود خلاف داخل قصر الحكم السعودي بين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يرفض التعامل مع "إسرائيل" دون حل قضية فلسطين، وبين ولي عهده الذي يبدي انفتاحاً أكبر على الأمر، فإن كوشنر نجح في تحقيق نجاحات أهمها مسألة تحليق طائرة إسرائيلية في سماء السعودية، كما تقول الصحيفة أيضاً.

وقبل سنوات قليلة، وتحديداً قبل ظهور بن سلمان في الصورة، كان الحديث عن التعامل مع دولة الاحتلال واحداً من المحظورات في السياسة والشارع السعودي عموماً، وكان مجرد التفكير في الأمر درباً من دورب الخيال السياسي، لكن السعودية اليوم لا تشبه سعودية البارحة في أي شيء.

وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين، خلال مقابلة له مع قناة "i24news" العبرية، في يوليو الماضي، قال إن السعودية ودولاً أخرى مهتمة بالتعاون مع "إسرائيل"، معتبراً أن ذلك "مسألة مصلحة مشتركة".

ويعتبر السياسيون الإسرائيليون أن السعودية من الدول الرئيسية بالنسبة لهم، وذلك وفق حديث زعيم المعارضة في "إسرائيل"، يائير لابيد.

لابيد كشف أيضاً عن وجود محاولات للتفاوض مع السعودية بوساطة الولايات المتحدة، وإمكانية التطبيع معها.

دعوات للتطبيع

وفي السعودية بدأت نخبها بالترويج لعقد اتفاق سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدم الارتهان لمبادرة السلام العربية.

الكاتب في صحيفة "عكاظ" السعودية والمقرب من الديوان الملكي، خالد السلمان، يرى أن "السلام كان مقابل عودة فلسطين، ثم مقابل عودة القدس، ثم مقابل عودة الضفة وغزة، ثم مقابل وقف ضم المستوطنات! قضية ترخص بتقادم الزمن!"، معتبراً أنها قضية تحولت إلى "سلعة في دكاكين عرب الشعارات، أما المثير للسخرية فهو أن تصدر اتهامات وانتقادات التطبيع من عواصم يرفرف فيها العلم الإسرائيلي!".

في 5 فبراير الماضي، دعا الكاتب السعودي البارز تركي الحمد، سلطات بلاده السماح للإسرائيليين اليهود بزيارة قبور أجدادهم المدفونين في أراضي المملكة.

جاء ذلك في تعليق "الحمد" على مقطع مصور نشره حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، والذي ظهر فيه أحد اليهود وهو يطلب السماح له بزيارة قبور أجداده في المملكة.

وقال الحمد المقرب من الديوان الملكي السعودي، في مشاركته المقطع المصور: "ليت الحكومة السعودية تسمح له بذلك.. سيكون لها بعد إعلامي وإنساني وإيجابي كبير جداً".