اقتصاد » ميزانيات

التطبيع والخليج..هل تؤثر وفاة الصباح على سياسة الكويت الخارجية؟

في 2020/10/01

الخليج أونلاين- 

فقدت الكويت مهندس سياستها الخارجية و"عميد الدبلوماسية" بل و"حكيم العرب" أيضاً، الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، حسب توصيف كثير من وسائل الإعلام، لما اضطلع به من سياسة دبلوماسية مستقلة، أبعدت بلاده عن الكثير من النزاعات والتوترات الإقليمية، ومساهمته في تخفيف نزاعات دولية.

وخلال أربعة عقود على رأس الدبلوماسية الكويتية، وصولاً إلى توليه الحكم وحتى مماته، اضطلع أمير الكويت الراحل بدور الوسيط بين الفرقاء في أزمات مختلفة هزت المنطقة، كان آخرها الأزمة الخليجية، التي عمل خلال ثلاث سنوات وحتى لحظة رحيله على محاولة تقريب وجهات النظر وإنهاء أكبر أزمة عاشتها دول الخليج في تاريخها.

في المقابل فإن اسم أمير دولة الكويت الجديد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ارتبط في أذهان أبناء شعبه بالأمن والأمان والتطور الذي شهدته بلاده؛ من جراء ما قام به خلال توليه مناصب أمنية وعسكرية خلال السنوات الماضية.

ومع رحيل الأمير صباح، وتولي أخيه الشيخ نواف الأحمد الصباح الحكم، وضعت تساؤلات كثيرة عما إن كانت تلك السياسة الخارجية لبلاده ستتغير وفقاً لرؤيته، أم أنه سيمضي على نفس الطريق لاستكمال مسيرة الأمير الراحل.

عميد الدبلوماسية

خلال تولي أمير الكويت الراحل صباح الأحمد جابر الصباح منصب وزير الخارجية ثم منصب أمير البلاد، اتبع سياسة مستقلة، ما ساعد على تحصين سمعته الإقليمية وصقلها.

ورغم كبر سنه، ظل الأمير منخرطاً إلى حد كبير بالأعمال اليومية وبالسياسة الإقليمية والدولية، وقد حضر، في نهاية مايو 2019، ثلاث قمم خليجية وعربية إسلامية في مكة استمرت أعمال كل منها حتى ساعات الصباح.

ودعا خلال هذه القمم إلى نزع فتيل الأزمات الإقليمية، وخفض التصعيد في الخليج، حين كانت التوترات تزداد بين إيران والولايات المتحدة وتوحي بحرب قريبة، داعياً إلى أن "نعمل بكل ما نملك ونسعى إلى احتواء ذلك التصعيد".

وينظر إلى الأمير الراحل على أنّه "مهندس" السياسة الخارجية الحديثة لدولة الكويت، فخلال عمله على رأس وزارة الخارجية لأربعة عقود، نسج علاقات وطيدة مع الغرب، وخصوصاً مع الولايات المتحدة التي قادت الحملة العسكرية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي في 1991.

تطوير السياسة الخارجية

وحول شخصية الشيخ صباح الأحمد الصباح، أوضح الأستاذ الدكتور عبد الهادي العجمي، رئيس قسم التاريخ السابق في جامعة الكويت، أن "الأمير الراحل كان من الشخصيات السياسية التي تدرجت في تطور الحكم الكويتي منذ الاستقلال، فقد دخل في تشكيل الوزارة منذ أول حكومة تشكلت، ثم بسرعة تولى منصب وزير الخارجية".

وبين لـ"الخليج أونلاين" أن "أمير البلاد الراحل أصبح أكثر شخصية أدارت ملفات الخارجية لفترات طويلة جداً، حيث من خلال الوزارة تشكلت شخصية القائد؛ لمعرفته بتحورات الأفعال السياسية في المنطقة والتنسيق بدرجة عالية جداً، وأهمية الواقع الكويتي بين قوى متعددة داخلياً وعالمياً".

وأردف بالقول: "أدار الراحل السياسة الخارجية للكويت بين قوى محيطة بالكويت، منها العراق والسعودية وإيران، وكذلك الاتحاد السوفييتي سابقاً والولايات المتحدة، إذ استطاع أن ينجو بالكويت من كل تلك التجاذبات خلال فترات عديدة من إدارته ملفات وزارة الخارجية".

وفيما يتعلق بالأزمة الخليجية، أشار إلى أن "رحيله سيؤثر في الوساطة"، لكنه يرى أن هناك تعويلاً على الشيخ نواف وعلاقاته الإيجابية بكل الأطراف، "بل أيضاً مؤسسات وزارة الخارجية التي ستعمل على استمرار المبادرة، والمساهمة في نجاح الأمير الجديد في تفكيك الأزمة الخليجية وإتمام مشروع الشيخ الصباح".

التطبيع والأزمة الخليجية

وبرز أمير الكويت الراحل وسيطاً بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، وكذلك بين السعودية  والإمارات والبحرين ومصر، من جهة، وبين قطر من جهة أخرى، في أعقاب الأزمة التي تسببت بقطع العلاقات في يونيو 2017.

وينسب إلى أميرها الراحل نجاحه في وقف عمل عسكري "مبيّت" من دول الحصار لغزو قطر، أشار إليه وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" الفضائية، قبل أيام.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وقفت الكويت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ورفضت التطبيع، وكان للشيخ صباح تصريحات داعمة لفلسطين، حيث قال في إحداها: "لماذا تستمر معاناة الشعب الفلسطيني؟ لماذا نتجاهل ولا ننفذ قرارات مجلس الأمن التي اتخذت؟ لماذا يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن حل هذه القضية؟ ولماذا تصبح الضحية قاتلاً في عرف إسرائيل؟".

وأكد أن قضية فلسطين ستبقى هي الأولوية الأولى للكويت، إلى حين أخذ الشعب الفلسطيني كامل حقوقه.

سياسة الأمير الجديد

يؤكد الكاتب السياسي والإعلامي الكويتي، د.عايد المناع، أن السياسة الخارجية في الكويت ستبقى كما كانت في عهد الشيخ صباح الأحمد، ولن تتغير بتولي الأمير نواف الحكم.

وقال في تصريح لـ"الخليج أونلاين": إن تلك السياسات "ستبقى كما هي دون تغيير يذكر، سواءً بما يتعلق بالأوضاع في الخليج، وخصوصاً الأزمة القائمة، أو فيما يتعلق بمسألة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".

ولفت إلى أن السياسة الخارجية لبلاده "لن يحيد عنها الأمير الجديد"، مؤكداً أن الكويت ستواصل جهودها في سبيل حل الأزمة الخليجية، "فالكويتيون كلهم، وبالذات رئيس الوزراء ووزير الخارجية وآخرون، متمسكون بحل الأزمة الخليجية وتغيير أوضاعها".

وأشار إلى العبارة الشهيرة في الكويت التي تتعلق بالتطبيع مع "إسرائيل": (نحن آخر من يطبع مع إسرائيل ومن يعترف بها)، مؤكداً أن هذه العبارة قالها أميرها الأسبق الشيخ جابر الأحمد بعد تحرير الكويت وما زال الكويتيون متمسكين بها حتى اليوم.

وأضاف: "الأمير الجديد وجميع الكويتيين على الموقف المبدئي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولن يتم مؤاخذة الشعب الفلسطيني بما قام به ياسر عرفات ومنظمة التحرير عندما انحازت لنظام صدام حسين، لأننا نؤمن بأن الحقوق تعطى لأهلها، والشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه".

وتابع: "لذلك لا بد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتكون قابلة للحياة، ومدعومة عالمياً، وهي بالفعل تستند إلى قرارات الشرعية الدولية".