ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

تلويح بعد وقائع.. هل تخلت الرياض عن التزاماتها المالية تجاه فلسطين؟

في 2020/10/11

الخليج أونلاين-

بشكل متزامن ووفق آلية منظمة بدأت السعودية وعبر أمراء بارزين في الأسرة الحاكمة، وصحفيين مقربين من الديوان الملكي، بمهاجمة الفلسطينيين، والتلويح بعصا المال والمساعدات التي تقدمها المملكة للفلسطينيين.

آخر الهجمات السعودية ضد الفلسطينيين جاءت على لسان جميل الذيابي، رئيس تحرير صحيفة عكاظ المحلية، والمقرب من الديوان الملكي، من خلال تأكيده أن المملكة دعمت القضية الفلسطينية كثيراً، ولكن قادتها "خائبون، وزمن المجاملات ولى".

وسبق هجوم الذيابي حديث حاد أدلى به سفير الرياض الأسبق لدى واشنطن والرئيس السابق للاستخبارات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، قال فيه: إن السلطة "قامت بتمزيق فلسطين وتضييع القضية، كما أن قادتها ناكرو الجميل".

ولم يكتفِ الأمير بندر بمهاجمة السلطة ورئيسها محمود عباس، بل شن هجوماً آخر على الفصائل الفلسطينية باختلاف أطيافها؛ بسبب رفضهم لاتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.

كذلك ألمح الأمير السعودي إلى الدعم الذي قدمه ملوك السعودية المتعاقبون على مدى عقود للقضية الفلسطينية، وهو ما يعد مقدمة لإمكانية قطع هذا الدعم بشكل رسمي، بحسب محللين ومراقبين.

343434343343

تراجع الدعم

بدأت السعودية بتغيير موقفها من القضية الفلسطينية قبل عام 2017، وهو عام تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، إذ أصبح السعوديون أكثر انفتاحاً على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الإعلاميين وشخصيات مقربة من الديوان الملكي.

مع التقرب السعودي من الاحتلال الإسرائيلي توقفت السعودية، في نوفمبر 2016، عن تسديد التزاماتها المالية للسلطة، والتي تُقدر قيمتها بـ140 مليون دولار، وفق ما أعلن في حينها مدير دائرة الميزانيّة في وزارة الماليّة الفلسطينيّة فريد غنام.

وتظهر الأرقام أن السعودية قدمت للسلطة الفلسطينية 1.8 مليار دولار، وذلك طوال 22 عاماً؛ منذ 1997 حتى عام 2020 الحالي، وفقاً لإحصائية سعودية.

ومنذ العام 2002 بدأت المملكة السعودية تُسهم في دعم ميزانية السلطة الفلسطينية، واستطاعت خلال الفترة (2002-2004) الإيفاء بتعهداتها المالية البالغة 184.8 مليون دولار؛ منها 46.2 مليون دولار تم دفعها على مدار ستة أشهر ابتداءً من 1 أبريل 2004 وحتى نهاية سبتمبر من ذات العام.

وخلال تلك السنوات حرصت السعودية على إنشاء صندوق باسم "الأقصى" برأس مال قدره 800 مليون دولار أودعت فيه 200 مليون دولار، وصندوق آخر باسم "انتفاضة الأقصى" برأس مال 200 مليون دولار ساهمت هي فيه بـ50 مليون دولار.

كل تلك المساهمات السعودية لم يعد يعرفها الفلسطينيون، حيث توقفت دون إعلان رسمي من قبل المملكة، في الوقت الذي بدأت فيه باعتقال أي أشخاص أو رجال أعمال يقومون بجمع تبرعات للفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ ما يزيد عن 13 عاماً.

وأبقت السعودية الدعم للفلسطينيين عبر المساهمة التي تقدمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث أعلنت الأخيرة، في الثلاثاء (6 أكتوبر 2020)، تلقّيها دعماً مالياً من السعودية بقيمة 25 مليون دولار، ستخصص للاجئين الفلسطينيين.

وقالت الوكالة في بيان: إنّ "هذا التبرع جزء من تعهد أكبر للمملكة بمساعدة الوكالة على المحافظة على الخدمات الهامة التي تقدمها لما مجموعه 5.6 ملايين لاجئ من فلسطين".

توقف تام  

الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، يؤكد أن قيمة المساعدات المالية السعودية التي كانت تصل إلى السلطة قبل عام 2019 كانت 100 مليون دولار سنوياً، ولكن هذا العام لم يصل من المملكة أي دولار واحد لخزينة السلطة الفلسطينية.

ويعود عدم إرسال السعودية لأموال جديدة لسلطة، وفق حديث عبد الكريم لـ"الخليج أونلاين"، إلى تغير موقفها السياسي من القضية الفلسطينية، ولكنها لن تجرؤ على إعلان قطع المساعدات المقدمة للسلطة بشكل رسمي خشية غضب شعبي.

وبحسب المحلل المختص فإنه يوجد لدى السعودية كما يبدو موقف صامت من قطع المساهمات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية؛ وذلك لعدم قدرتها على إعلان ذلك رسمياً لاعتبارات وحسابات شعبية.

وبدأ تراجع الرياض في دعم الفلسطينيين مالياً واضحاً، كما يوضح عبد الكريم، مشيراً إلى أن المملكة كانت تدفع للسلطة مبالغ مالية خارجة عن الدعم السنوي، كالتي دفعتها مرة حين احتجزت "إسرائيل" أموال المقاصة والبالغة 100 مليون دولار لمواجهة الضغوطات الإسرائيلية.

ويستدرك بالقول: "ولكن في هذه الأوقات لم نعد نرى السعودية تلتزم أصلاً بالدعم السنوي، حيث لم تدفع حتى الآن إضافة إلى دول عربية أخرى أي مساهمات للسلطة، وفقاً لتأكيدات الرئيس محمود عباس".

وكان الدعم السعودي، كما يبين الخبير الاقتصادي، في السنوات الماضية، الأكثر انتظاماً لخزينة السلطة، والذي لم يشهد أي انقطاع أو تراجع، قبل أن يستكمل موضحاً: "ولكن هذه الفترة شهدنا تغيراً في الموقف، وعدم تقديم المساهمة المالية السنوية".

وحول تأثير المساهمة المالية السعودية للسلطة الفلسطينية يعتقد المحلل الاقتصادي أنها ستؤثر بالفعل على الحكومة الفلسطينية، لكنه شدد على أن الأخيرة "تستطيع العيش بدون تلك المساعدات، رغم أن دخلها الشهري بات 100 مليون دولار، في حين كان يصل قبل أعوام إلى 350 مليون دولار.

وتعمل السلطة على تغطية العجز المالي لديها، وفق عبد الكريم، من خلال الاقتراض من البنوك، والمساعدات الدولية، خاصة من الاتحاد الأوروبي، وبعض الإيرادات المحلية من الضرائب.

يشار إلى أن الرياض تجنبت انتقاد التطبيع الإماراتي البحريني مع "إسرائيل رغم كونه مخالفة صريحة لمبادرة السلام العربية.

وتنص المبادرة العربية -التي أطلقتها السعودية وحظيت بإجماع عربي- على ربط التطبيع بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، فضلاً عن حل عادل لقضية اللاجئين.

وسحبت السلطة الفلسطينية سفيريها من أبوظبي والمنامة عقب التطبيع مع "تل أبيب"، فيما اعتبرت الفصائل والتنظيمات الفلسطينية تلك الخطوة بمنزلة "طعنة في الظهر، وخيانة للقضية الفلسطينية".