دول » قطر

انتخابات مجلس الشورى القطري.. الأسئلة والدور المرتقب

في 2020/11/04

متابعات-

بعد سنوات من الانتظار الشعبي أعلن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أثناء كلمة له بمناسبة افتتاح دورة الانعقاد العادي الـ 49 لمجلس الشورى، عن تحديد موعد إجراء انتخابات مجلس الشورى في أكتوبر من العام المقبل.

ويأتي تحديد موعد الانتخابات، بحسب أمير دولة قطر، تجسيداً لتقاليد الشورى القطرية وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين. 

ويرى متابعون لسياسات الدولة الخليجية أن تحديد موعد رسمي لانتخابات مجلس الشورى يعد ملمحاً هاماً يعكس رغبة القيادة القطرية في إشراك المواطنين في العملية السياسية، ويضع صانع القرار القطري أمام المساءلة الشعبية.

مسيرة مجلس الشورى... محطات فارقة

سعت دولة قطر منذ العام 1999 إلى تسجيل مسار توافقي بين الحكومة والشعب، حيث أقر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني القرار الأميري رقم (11) لسنة 1999، القاضي بتشكيل لجنة إعداد الدستور. 

تمخض عن ذلك استفتاء شعبي على دستور البلاد عام 2003 في توجه واضح إلى خلق مناخ ديمقراطي يشجع حرية التعبير، ويصون حرية الصحافة والنشر، ويساوي بين المواطنين، ويكفل حرية الدين والعبادة للجميع، ويضمن أن يكون الشعب هو مصدر السلطات والتشريع من خلال مجلس تشريعي منتخب.

وفي العام 2004 أصدر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الدستور الدائم لدولة قطر، الذي نص على دور مجلس الشورى باعتباره سلطة تشريعية، وحدد صلاحياته في إقرار الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية.

لاحقاً، جاء القرار الأميري رقم (47) لسنة 2019 بإنشاء وتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشورى، وتم تحديد اختصاصاتها، برئاسة رئيس مجلس الوزراء لتشرف على التحضير لانتخابات مجلس الشورى، وتعد مشروعات القوانين اللازمة، وتقترح البرنامج الزمني لعملية انتخاب أعضاء المجلس. 

مجلس الشورى... الآفاق المرتقبة 

أثار تأجيل الاستحقاق الانتخابي في دولة قطر الكثير من التساؤلات منذ سنوات عديدة، فبالرغم من أن الدستور الحالي تضمن مواد تتعلق بالسلطة التشريعية، ونص على آليات عملها وحدد مهام مجلس الشورى بشكل واضح. 

ومع أن الدستور القطري قد نص على أن مجلس الشورى يتكون من خمسة وأربعين عضواً، يُنتخَب ثلاثون منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أو غيرهم، فإنه نص على أن الانتخاب يصدر وفق قانون تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب، وهو ما لم يتحقق إلى حد الساعة. 

ويعيد الدكتور ماجد الأنصاري، رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، التأجيل في إجراء انتخابات لمجلس الشورى إلى عدة عوامل؛ منها ما هو داخلي يتعلق بالتساؤلات الوطنية المشروعة حول شكل هذا المجلس، وطبيعة التمثيل فيه، والمواصفات المطلوبة فيمن يحق له الترشح والانتخاب، بالإضافة إلى عوامل أخرى خارجية تتعلق بضغوط من دول جارة لتأخير هذه الانتخابات.

ويضيف الأنصاري، في حديث لـ "الخليج أونلاين"، أنه "وبعد إنجاز هذا البناء القانوني عبر لجنة متخصصة شكلت بواسطة رئيس الوزراء السابق لصياغة قانون الانتخابات، وانتهاء النقاش التشريعي حولها أصبحت الدوحة حالياً جاهزة، خصوصاً أنها مقبلة على مرحلة جديدة في تاريخها بعد الانعتاق من قيد المجاملات الإقليمية". 

وبحسب الأنصاري، فإن التركيبة القانونية محسومة من الناحية الدستورية؛ 30 عضواً منتخباً و15 عضواً معيناً من قبل أمير البلاد، ولكن طبيعة العمل اليومية للمجلس، وتعاطيه مع التشريعات والقضايا الوطنية لن يتضح إلا بعد بداية عمل المجلس. 

وكانت الدوحة عرفت أول تجربة انتخابية عام 1999 لاختيار أعضاء المجلس البلدي المركزي عن طريق الاقتراع المباشر، وشارك فيها المواطنون بمختلف أطيافهم، ولكن يرى مراقبون للشأن المحلي لدولة قطر أن اهتمام المواطنين بالمجالس البلدية أصبح محدوداً، وذلك لأن الدور المحدود لصلاحيات المجالس البلدية أدى إلى قلة الإقبال حتى على المشاركة في الانتخابات البلدية، وهو ما يراه الأنصاري، حيث اعتبر أن تجربة المجلس البلدي اعتراها الكثير من القصور؛ وذلك لعدة اعتبارات منها أن المجلس البلدي اعتُبر جزءاً من السلطة التنفيذية لا جهازاً رقابياً أو تشريعياً مستقلاً؛ حيث إنه يعمل تحت إشراف وزير البلدية الذي يفترض أن يقوم بدور رقابي عليه فهو يقوم بدور استشاري أكثر من دور رقابي. 

ويضيف في هذا الصدد: "إن الصلاحيات المحدودة كانت عائقاً حقيقياً دون المشاركة الشعبية في الانتخابات البلدية بشكل واسع، ولكن لن تكون هي الحالة ذاتها مع انتخابات مجلس الشورى، وذلك لكون الدستور القطري يحدد بوضوح صلاحيات هذا المجلس باعتباره السلطة التشريعية الحقيقية في دولة قطر". 

ويعتقد الأنصاري أن "تجربة توسيع نطاق عمل المجلس خلال رئاسة السيد أحمد بن عبد الله آل محمود كان الهدف من ورائها هو تجهيز المجلس ليقوم بدوره كأداة تشريعية بشكل حقيقي".

لذلك يرى الأنصاري أن مجلس الشورى سيكون أكثر فعالية من المجلس البلدي؛ لكونه سيكون أكثر جذباً للمواطنين، سواء من حيث الانتخاب أو الترشح. 

وحول أهمية أن يكون مجلس الشورى منصة رسمية للتعبير عن الشعور الشعبي القطري، يقول رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية: إن "كلمة السيد أحمد بن عبد الله بن زيد آل محمود، اليوم، التي تصدى فيها لانتقادات الرئيس الفرنسي ماكرون للإسلام بحضور أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، تعتبر دليلاً على أن المجلس حتى قبل الانتخابات بدأ يأخذ الدور الذي يمثل نبض الشارع القطري في القضايا المحلية والإقليمية".

مجلس الشورى ... انتظار شعبي 

بدوره يرى الإعلامي عبد العزيز آل إسحاق أن هذه الخطوة القطرية التي تحدد موعداً لانتخابات مجلس الشورى تساعد على دفع عجلة التنمية لتصل إلى أقصاها بحلول العام 2030، وهو ما كان منتظراً حدوثه منذ مدة طويلة منذ إقرار الدستور القطري. 

واعتبر آل إسحاق أن تحديد موعد لانتخابات مجلس الشورى يعتبر إنجازاً وطنياً مسجلاً للدوحة وللمسيرة التاريخية التي يقودها حضرة صاحب السمو تميم بن حمد آل ثاني. 

وأشار آل إسحاق إلى أن طبيعة التكوين الاجتماعي والسياسي لدولة قطر جعل لهذه الانتخابات طبيعة خاصة، حيث يرى أن الشعب القطري ينتظر تائقاً صدور القانون المفسر لشكل الانتخابات وتفعيل المحكمة الدستورية. 

وحول القضايا التي من الممكن أن تشغل ممثلي الشعب القطري في مجلس الشورى، يرى آل إسحاق أن مجلس الشورى في دورته الأولى لن ينشغل كثيراً بإدارة السياسة الخارجية للدولة وذلك لأن هناك رضى تاماً لدى المجتمع عن إدارة السياسة الخارجية لدولة قطر. 

ويعتقد آل إسحاق أن هناك قضايا وطنية ذات طابع مجتمعي تعتبر أكثر إلحاحاً، وتتعلق أساساً بقوانين محلية مرتبطة بالوظائف والخدمات العامة، ومراقبة الأداء الحكومي، كل هذه الموضوعات قد تأخذ حصة معتبرة من نقاشات المجلس، على الأقل في دورته الأولى.

ويشير آل إسحاق إلى أن "المجلس، كأي مجلس منتخب في العالم، سيبدأ خطواته الأولى التي قد تثمر نجاحاً أو تشهد فشلاً، وهذان أمران متوقعان"، مضيفاً: "قد تكون هناك قرارات صائبة وأخرى خاطئة يتخذها الأعضاء في المجلس، ولهذا من الواجب دعم هذا التجربة بكل ما ستأتي به، وذلك عن طريق دعم الصواب وتصحيح الخطأ".

ويؤكد آل إسحاق أن "تجربة الانتخابات بدأت في قطر بشكل تدريجي"، وهو- وفق ما يعتقد- "قرار حكيم، حيث تم اعتماد المجلس البلدي المركزي الذي عرف خلال السنوات الماضية الكثير من التعديلات على اختصاصاته والتشريعات المتعلقة به؛ سواء من ناحية طريقة الانتخابات أو توزيع الدوائر".

هذه التجربة، بحسب آل إسحاق، "استفاد منها المشرعون القطريون كما استفاد منها الناخب والمرشحون بدورهم، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على انتخابات مجلس الشورى المزعم عقدها في أكتوبر القادم".