خاص الموقع

عار التمور المجهول!

في 2020/11/11

(أحمد شوقي/راصد الخليج)

رغم ان الثوابت والمبادئ العربية والاسلامية والانسانية بشكل عام، تلفظ التطبيع مع العدو الاسرائيلي وتعتبره خيانة عظمى لشعب اغتصبت اراضيه وسلبت حقوقه، وخيانة لقضية مركزية تعد من قضايا الشرف والكرامة، ورغم ان الأمور جليّة، الا ان بعض الحوادث الصغيرة يمكن ان تشكل دلالات كاشفةـ وتعد بمثابة تلخيص بليغ للعار والمأساة.

خبر صغير اذاعته وكالات الانباء، ويمكن ان يعد خبرا روتينيا او عاديا او صغيرا، اذا ما قورن بجريمة التطبيع، ولكنه عندما يذكر برفقة تقرير اخر، فهو يعد دليلا دامغا على الجرم!

ولننتقل مباشرة الى الخبر، ثم الى التقرير لتوضيح ما نريد قوله:

اولا: الخبر:

هذا الخبر، هو ما نشرته صفحة "إسرائيل بالعربية"، الناطقة بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تغريدة على صفحتها الرسمية في "تويتر، وأكدت من خلالها وصول أول شحنة للتمر الإسرائيلي، أُرسلت إلى الإمارات.

وفي تفاصيل الخبر، أفادت الخارجية الإسرائيلية بأن الشحنة شملت 200 كيلوغرام من تمر، نوعية "المجهول"، المزروعة في "إسرائيل"، والتي تنتج 70% من تمور المجهول في العالم.

ووصفت الخارجية الإسرائيلية وصول أول دفعة من فواكه بلادها إلى الإمارات بأنها "ثمار السلام"، و"ما أجمل السلام"، مرفقة بالتغريدة صور للتمر، وعليها العلمين، الإماراتي والإسرائيلي.

ثانيا: التقرير:

هذا الخبر قد يعد من قبيل الأخبار المتوقعة وقد يوضع في سياق مجاملات وتمهيدات لمرحلة تعاون وتبادل تجاري، ولا يشكل أهمية امام الخبر العنوان العريض المخزي للتطبيع.

الا انه وبالعودة لتقرير فلسطيني يتعلق بتمور "المجهول" فإن الامر يبدو مختلفا!

التقرير يعود لمايو من هذا العام 2020، وهو في صيغة بيان تحذيري من حملة اصدقاء الاقصى، حيث حذرت الحملة من شراء التمور الإسرائيلية التي تنتجها الشركات العاملة في المستوطنات، داعيةً لمقاطعتها بسبب دعمها لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.

وقالت الحملة إنه يجب على الأشخاص عدم شراء التمور من الشركات التي تسرق الأراضي الفلسطينية، وتستغل العمال الفلسطينيين.

وأضافت معلومات هامة تقول: "منذ احتلت (إسرائيل) الضفة الغربية الفلسطينية في عام 1967، أقامت مزارع للتمور في مستوطناتها غير القانونية في ذلك الجزء من غور الأردن".

وأوضحت أن "هذه الصناعة استغلالية للغاية وتحدث في المستوطنات، ما يستوجب مقاطعة منتجاتها"، مبينةً أن "40 في المائة من التمور الإسرائيلية اليوم تزرع في مستوطنات غير قانونية".

وأشارت إلى أنه "بسبب العمل الشاق الذي ينطوي عليه إنتاج التمور، يقوم المستوطنون الإسرائيليون بإحضار عمال فلسطينيين بأجور منخفضة للقيام بالعمل الصعب، كما يستخدمون الأطفال الفلسطينيين للعمل في ذلك".

وتابعت "لا تزرع مزارع النخيل على الأراضي المسروقة باستخدام العمالة الفلسطينية المستغلة فحسب، بل تسرق أيضًا موارد المياه من القرى الفلسطينية، مما يجعلها تكافح من أجل الحصول على المياه للشرب والري".

وهنا فإن وصول هذه الشحنات للامارات، لا يعد تجاوزا للجانب الاخلاقي فحسب، والذي يشمل شراء واستخدام منتجات تقوم على السخرة وسرقة الشعب الفلسطيني، بل تعد اعترافا سياسيا اماراتيا بشرعية المستوطنات غير القانونية!

عندما يتناول اي اماراتي سواء كان مواطنا او مسؤولا، اي تمرة من "ثمار السلام" من نوعية "المجهول"، فعليه ان يعي انه مشارك في جريمة اخلاقية واستغفال سياسي ينتزع اعترافا بشرعية المستوطنات، في ان واحد!

وهذا مجرد مشهد افتتاحي لاتفاق الخيانة، وليس بعد تمور "المجهول" الا المستقبل "المجهول" للخليج وشعبه.