سياسة وأمن » حروب

هل يتسبب الصراع الإثيوبي في أزمة بين الإمارات ومصر؟

في 2020/11/28

المونيتور-

في الوقت الذي تتأرجح فيه إثيوبيا على شفا حرب أهلية، برزت الإمارات كلاعب رئيسي، بالنظر إلى علاقاتها مع كل من إثيوبيا وإريتريا، لدرجة أن المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي "جيتاشيو رضا" اتهمها بدعم الحكومة الإثيوبية بطائرات مسيرة في حربها على المنطقة.

وأضاف المتحدث في 15 نوفمبر/تشرين الثاني أن هذه الطائرات تنطلق من القاعدة العسكرية الإماراتية في عصب بإريتريا، لكنه لم يقدم أي دليل على هذا الادعاء.

وهدد الجيش الإثيوبي في 22 نوفمبر/شرين الثاني بإرسال دبابات إلى ميكيلي، عاصمة منطقة تيجراي الشمالية، وحذر المدنيين من أنه قد يقصف المدينة التي يقطنها 500 ألف نسمة.

وصرح المتحدث العسكري الكولونيل "ديجين تسيجاي" لهيئة الإذاعة الإثيوبية أن "المراحل التالية هي الجزء الحاسم من العملية، وهو تطويق ميكيلي بالدبابات وإنهاء المعركة في المناطق الجبلية والتقدم نحو الحقول".

وسيطر الجيش الإثيوبي على مدينة أديجرات، التي تعد إحدى أكبر مدن المنطقة، وبلدتي أكسوم وعدوة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أدى القتال إلى مقتل مئات الأشخاص ونزوح عشرات الآلاف إلى السودان المجاور.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان إن أكثر من 600 شخص قتلوا على أيدي عصابات مسلحة مرتبطة بالحكومة الإثيوبية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني في ماي كادرا، وهي بلدة في منطقة تيجراي.

ووجد تقرير اللجنة أن مجموعات الشباب المعروفة باسم "السامري" - بالتنسيق مع الميليشيات المحلية وقوات الشرطة - نفذت مداهمات من منزل إلى منزل وقتلت مئات الأشخاص على أساس العرق.

ورغم الدعوات الدولية التي يقودها الاتحاد الأفريقي لوقف القتال وتحذيرات الولايات المتحدة والأمم المتحدة من كارثة إنسانية، رفض رئيس الوزراء الإثيوبي "أبي أحمد" الدعوات لإجراء محادثات أو وقف التصعيد.

دعم الإمارات متوقع

والتقى سفير إثيوبيا لدى الإمارات، "سليمان ديدفو" مع "ريم الهاشمي"، وزيرة الدولة الإماراتية للتعاون الدولي، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، ووعد الإمارات بإنهاء العملية العسكرية ضد جبهة تحرير شعب تيجراي "في أقرب وقت ممكن".

وقالت الكاتبة والمحللة الإريترية "شفاء العفاري" لـ "المونيتور" إن الدعم الإماراتي لإثيوبيا يمكن توقعه لأن السيطرة على إثيوبيا ستضمن نفوذاً كبيراً في القارة.

تمتلك الإمارات 92 مشروعاً استثمارياً في إثيوبيا في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات والصحة والتعدين.

وأعربت الإمارات عن قلقها إزاء الصراع الإثيوبي؛ كما دعا وزير الخارجية الإماراتي في بيان صدر يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى "ضرورة العودة إلى الحوار وتطبيق سيادة القانون"، مؤكدا أن "إثيوبيا هي مفتاح الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي والمنطقة".

وسبق أن صرّح وكيل وزارة الاقتصاد الإماراتية لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، "عبدالله بن أحمد الصالح"، في 20 مارس/آذار 2019، خلال منتدى الأعمال الإماراتي الإثيوبي، أن صادرات الإمارات إلى إثيوبيا في عام 2018 بلغت 200 مليون دولار، بزيادة قدرها 46% مقارنة بعام 2017.

كما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"، في 8 يوليو/تموز 2019، أن بلاده سترسل 50 ألف عامل إثيوبي إلى الإمارات كجزء من برنامج للحد من البطالة في إثيوبيا.

وأبرم "صندوق خليفة" لتطوير المشاريع في 27 فبراير/شباط اتفاقية بقيمة 100 مليون دولار مع وزارة المالية الإثيوبية لدعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إثيوبيا.

وفي مقابلة مع موقع "العين الإخبارية" في 6 أبريل/نيسان، قال وزير الخارجية الإثيوبي "جيدو أندارغاتشو": "هناك العديد من الدول التي دعمت التحول والإصلاحات في إثيوبيا، لكن الإمارات لعبت دورًا رائدًا في هذا الصدد".

وتابع: "من المستحيل تقدير الدعم الذي تقدمه الإمارات لإثيوبيا، لا سيما في المجال الاقتصادي".

تأمين جبهة إريتريا

وقالت "شفاء العفاري" إن السبب الآخر وراء الدعم العسكري الإماراتي لإثيوبيا هو مواجهة نفوذ جبهة تحرير تيجراي على جماعات المعارضة في إريتريا والتي يمكن أن تؤثر على دول الجوار التي تمتلك فيها الإمارات قواعد عسكرية.

وأعلن المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أن الجبهة هاجمت منشآت في إريتريا بما في ذلك مطار العاصمة أسمرا.

وتتمتع أبوظبي بعلاقات طويلة الأمد مع إريتريا، وتمتلك الإمارات قاعدة عسكرية في ميناء عصب منذ عام 2015، وهي أول منشأة عسكرية من نوعها في الخارج.

وبما أن إريتريا وإثيوبيا وقعتا اتفاقية سلام في 2018 بعد سنوات من الصراع، وحصل "أبي أحمد" على جائزة نوبل للسلام عن دوره في التوسط في الصفقة، فإن أديس أبابا وأسمرا في نفس الجانب حاليا ضد جبهة تحرير تيجراي.

ورقة ضغط لمصر

وردا على سؤال حول تأثير الصراع الإثيوبي على قضية "سد النهضة" الإثيوبي، قالت "شفاء العفاري" إن رئيس الوزراء الإثيوبي يصعب عليه السيطرة على الوضع.

وأضافت أنه من خلال هذا العدوان، مهد "آبي أحمد" الطريق لتدخل خارجي قوض موقفه في أزمة "سد النهضة"، وأعطى مصر ورقة ضغط لاستخدامها.

ورأت أن الدعم الإماراتي لإثيوبيا في حربها ضد جبهة تحرير تيجراي قد يؤدي إلى أزمة بين الإمارات ومصر التي قد تتدخل القاهرة لدعم جبهة تحرير شعب تيجراي، مما يضع القاهرة وأبوظبي في صراع غير مباشر.

وفي مقال نُشر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة "فورين بوليسي"، توقع "أليكس دي وال"، مدير مؤسسة السلام العالمي، حدوث فوضى في شمال شرق إفريقيا، مرجحا أن تدخل دول أخرى في الصراع الحالي بسبب التدخل الأجنبي من قبل لإريتريا والإمارات.

لكن "حاتم باشات"، الوكيل السابق لجهاز المخابرات العامة وعضو لجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان المصري، قال لـ "المونيتور" إن "العلاقات المصرية الإماراتية قوية وقائمة على تقارب وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها مواجهة التحالف التركي القطري في الشرق الأوسط".

وأضاف "باشات" أن "دعم الإمارات للنظام الإثيوبي لا يهدف فقط إلى خلق مناطق نفوذ في إفريقيا، بل يسعى أيضًا للحفاظ على مصالحها في إثيوبيا. ومصر حاضرة في إفريقيا وستتعامل مع إثيوبيا بالشكل الذي يناسب مصالحها. وستسعى إلى استخدام العديد من الأوراق، بما في ذلك إريتريا، للضغط على إثيوبيا، حيث تلعب إريتريا دورًا رئيسيًا في الصراع الإثيوبي الداخلي".

وفي هذا السياق، التقى وزير الخارجية المصري "سامح شكري" في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، بنظيره الإريتري "عثمان صالح" و"يماني جبر أب"، المستشار السياسي للرئيس الإريتري، لبحث الوضع.