دول » الكويت

"أمة 2020".. كيف ستضمن الكويت سير الانتخابات بشفافية ونزاهة؟

في 2020/11/29

الخليج أونلاين-

ستكون الكويت مع موعد ديمقراطي جديد في الخامس من ديسمبر 2020، لإجراء أول انتخابات نيابية في عهد أمير البلاد الجديد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وتزامناً مع تفشي وباء فيروس كورونا المستجد واحدة من أبرز الأزمات التي تشغل العالم اليوم.

وتعتبر التجربة الديمقراطية الكويتية من التجارب الأكثر نضجاً في العالم العربي؛ إذ كانت أول دولة خليجية تضع دستوراً وتجري انتخابات نيابية عام 1962، ما جعل الديمقراطية والحرية والشفافية في البلاد تاريخية.

ولعل إعادة انتخاب مجلس الأمة في هذه الدورة سيكون له وقع سياسي إيجابي على الداخل الكويتي خصوصاً بعد ملفات متعددة كانت مفتوحة في الأشهر الماضية، منها مكافحة الفساد، والأزمة الاقتصادية المترتبة على تفشي كورونا، ووصول أمير جديد إلى سدة الحكم بعد وفاة الأمير الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح.

ضمان الشفافية

وتمثل ديمومة الانتخابات التشريعية ضمن أجواء حرة مؤشراً مهماً على استمرار تطور المجتمع بالكويت، ولا شك أن مشاركة المجتمع في مراقبة سير العملية الانتخابية سيساعد على ضمان نزاهتها لأعلى درجة ممكنة.

ومجلس الأمة هو السلطة التشريعية في دولة الكويت، ويختص بالتشريع والرقابة على تنفيذ السلطة التنفيذية للقوانين، ويتألف من 50 عضواً منتخباً.

وأجريت آخر انتخابات برلمانية عام 2016، ويحق لـ574 ألف ناخب وناخبةٍ التصويت، وفق الأرقام الرسمية.

وترشح لهذه الانتخابات 395 مرشحاً عن 4 دوائر انتخابية في عموم أنحاء البلاد، من بين العدد النهائي الذي أعلنت عنه إدارة شؤون الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية.

وتعمل مؤسسات حكومية على تهيئة الأجواء لمراقبة العملية الانتخابية منعاً لحصول أية تجاوزات أو حالات فساد تعكر صفوها، وتسبب انتقادات للحكومة والدولة بغنى عنها.

وفي إطار ذلك دعا مجلس الوزراء الكويتي ثلاث جمعيات مستقلة للمشاركة في الاطلاع على سير العملية الانتخابية في انتخابات مجلس الأمة لعام 2020؛ سعياً لتحقيق أعلى معايير الشفافية.

ووجهت الدعوة لكل من جمعيات "الشفافية" و"النزاهة الوطنية" و"الصحفيين" إلى المشاركة في الاطلاع على سير العملية الانتخابية وكل الإجراءات حتى إعلان النتائج النهائية.

وتهدف الحكومة من ذلك إلى ضمان إجراء الانتخابات في جو من الحرية، وتمكين الناخبين من التعبير عن آرائهم واختيارهم ممثليهم بمجلس الأمة.

مراقبة مجتمعية

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أجرت الهيئة العامة لمكافحة الفساد "نزاهة" بالتعاون مع جمعية الشفافية الكويتية دورة تدريبة لـ 187 متطوعاً ومتطوعة بهدف منح الكوادر الوطنية الشابة الفرصة لمراقبة الانتخابات 

وأقيمت الدورة بمشاركة نخبة من الدستوريين والأكاديميين الكويتيين، مثل الخبير بالقانون الدستوري محمد الفيلي، والأمينة المساعدة للوقاية في الهيئة العامة لمكافحة الفساد، أبرار الحماد، ورئيس جمعية الشفافية ماجد المطيري.

وستعمل الدورة التدريبية على تعريف المتطوعين بأداء واجبات المراقب الانتخابي ومعرفة السلوك الانتخابي وضباط الارتباط وطرق التواصل، ورصدهم لكل الأحداث في يوم الانتخاب.

ونقلت صحيفة "الجريدة" المحلية عن محمد الفيلي قوله: إن "قانون الانتخاب كتب في مرحلة سابقة على دخول الدستور، وعلى الناخب أن يتقدم معه إثبات شخصيته كإثبات الجنسية، وتختم في اللجنة الانتخابية؛ لإثبات عدم جواز التصويت لأكثر من مرة".

وأكد أن الانتخاب سري، ولا يكون معلوماً لدى الغير، ويقدم الناخب الورقة لرئيس اللجنة، وفقاً للقانون، وأمين سر اللجنة يؤشر على الكشف واسم الناخب عند تصويته، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية المتطوعين الذين يراقبون العملية الانتخابية ومنع التأثير على إرادة الناخبين، ومراقبة عملية الاقتراع والفرز، وهي جزء مهم.

من جهتها، قالت المسؤولة في "نزاهة"، أبرار الحماد، إن "مكافحة الفساد مسؤولية مشتركة، وأشكر كل متطوع يؤدي دوره في مراقبة الانتخابات والشفافية، ولو احتجت متطوعين لمكافحة الفساد لوجدت الكوادر الوطنية المدربة موجودة".

وأضافت: "كل المرشحين يتحدثون عن الفساد، وهي قضية الساعة، وعلينا أن نعرف ما هو الفساد وكيف نكافحه وما هي الشفافية"، مشيرة إلى أن "قيمنا وسلوكياتنا هما الدرع الأساسية لمكافحة الفساد"، وفق الصحيفة.

من مكافحة الفساد إلى إجراء الانتخابات

وشهدت الكويت واحدة من أوسع الحملات الموجهة ضد الفساد بعد يونيو 2020 طالت مسؤولين وضباطاً ومشاهير، ضمن تحقيقات قضائية وجنائية شملت مختلف القضايا وتابعتها السلطات العليا في البلاد بشكل مباشر.

وكانت تلك الحملة سابقة على موعد الانتخابات الذي كان مقرراً في البداية بنوفمبر 2020، ثم أجل إلى بدايات ديسمبر لعدة أسباب، منها تفشي جائحة كورونا، والاستعداد لفتح مقار انتخابية مؤمنة وتمنع وقوع إصابات بين المواطنين، ووفاة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد.

وفي ظل مرض الأمير (الراحل) صباح الأحمد، قاد الأمير الحالي (كان ولياً للعهد) ملف مكافحة الفساد، مؤكداً أن القانون فوق الجميع، و"لا يوجد في الكويت صغير أو كبير أمام عدالة القانون".

وكانت تلك الحملة بمنزلة تهيئة الظروف لانتخابات تشريعية جديدة، تحقق درجة عالية من الكفاءة الحكومية، وتفسح المجال لوجوه جديدة يمكنها دخول المشهد السياسي في الكويت المختلف بأجوائه السياسية عن عموم الدول العربية والخليجية.

وبعد وفاة الأمير صباح، وتعيين الأمير نواف، دخلت الكويت مرحلة انتقالية، وصفت بالسلاسة والاستقرار، حيث نودي به أميراً للبلاد وبويع في مجلس الأمة، وبعد أيام سمى شقيقه الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ولياً للعهد.

ورغم الانتقادات الواسعة للحكومة في ظل أزمة كورونا، وتقدمها بطلب الاستقالة، فإن الأمير نواف جدد ثقته بها للاستمرار في أداء مهامها، مطالباً إياها بالتحضير للانتخابات النيابية.

وبدا ذلك مؤشراً على إصرار أمير الكويت الجديد على بدء عهده بشكل دستوري وقانوني، مستكملاً حملة مكافحة الفساد بإجراء انتخابات برلمانية تضمن بداية سياسية مستقرة لحكمه وتحقق مزيداً من التقدم والتطور للكويت.