ملفات » الفساد في السعودية

حملة سعودية جديدة لمكافحة الفساد تثير المخاوف في المملكة

في 2020/12/15

وكالات-

بعد مصادرة مبالغ مالية نقدية كبيرة، كان بعضها مخبئا في أسقف زائفة وخزانات مياه، تثير حملة سعودية جديدة لمكافحة الفساد الخوف في المملكة.

وشهدت الحملة توقيف مسؤولين عسكريين كبار بالإضافة إلى موظفين بيروقراطيين صغار، ويطلق عليها اسم “ميني ريتز” في إشارة إلى إيقاف السلطات السعودية في 2017 العشرات من الأمراء ورجال الأعمال والسياسيين في هذا الفندق الفخم.

وأوردت التحقيقات التي نشرتها وسائل إعلام حكومية أن هيئة مكافحة الفساد الرسمية في البلاد قامت بضبط طالبي رشوة “متلبسين” في سلسلة مداهمات، وعثرت على مبالغ نقدية مخبأة في عليّات أو خزنة تحت الأرض وحتى في مسجد.

ولقيت حملة مكافحة الفساد التي أدت إلى عشرات الاعتقالات في الأشهر الأخيرة وصادرت مبالغ مالية، الثناء من السعوديين وخُصص رقم هاتفي مجاني من أجل الإبلاغ عن أي شبهات فساد.

وأكد مسؤول محلي رفض الكشف عن اسمه أن “الرسالة التي يرسلها حكام (السعودية) للفاسدين هي لن تذهبوا إلى الريتز، بل ستذهبون إلى سجن حقيقي”.

وتابع: “يتخوف كل من يتلقى رشى من أن يأتي عليه الدور”.

وللتأكيد على جدية الحملة، أعلنت “نزاهة” في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي اعتقال أحد موظفيها بسبب الفساد.

وواجهت المملكة التي تحتل المرتبة 51 من 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، عقودا من الكسب غير المشروع وممارسة “الواسطة” أو المحسوبية.

وبعد قضية تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 التي تم بموجبها احتجاز أمراء ورجال أعمال بارزين بشبهة ضلوعهم في قضايا فساد مالي، في فندق “ريتز كارلتون” الفخم في الرياض في إطار حملة تطهير غير مسبوقة، وصفها المنتقدون بأنها تأتي في مسعى من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز قبضته.

وبعد أسابيع من احتجازهم، أطلق سراح الأمراء ورجال الأعمال بعد توصلهم لتسويات مالية، بينما قالت السلطات إنها استعادت أكثر من 107 مليار دولار.

مصادر جديدة للدخل

تعزز الحملة الجديدة التي تستهدف الجميع من مسؤولين كبار في مجال الدفاع وصولا إلى موظفين صغار في البلديات ومجالات الصحة والبيئة، من قبضة ولي العهد السعودي الحديدية على الحكم.

وأكد أحد المراقبين في المملكة أن الحملة تسعى للتأكيد أنه “لا يوجد سوى قيادة واحدة”.

وكان الأمير محمد أبلغ مجلس الشورى الشهر الماضي أن حملة مكافحة الفساد أعادت 247 مليار ريال سعودي (66 مليار دولار) في الأعوام الثلاثة الماضية بالإضافة إلى استرجاع أصول وعقارات وأسهم بالمليارات.

وفي آذار/ مارس، أعربت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن قلقها من توقيف السلطات السعودية نحو 300 مسؤول حكومي بادعاءات متعلقة بالفساد، داعية إلى ضمان عدم تعرضهم “لإجراءات قانونية ظالمة”.

وأثارت الحملة تكهنات صامتة حول إن كانت عملية التطهير الجديدة مجرد غطاء لتعزيز خزائن الدولة وسط تراجع اقتصادي حاد. وأكد أكاديمي سعودي أن “الهدف الحقيقي ليس الفاسدين بل الغرامات ومصادر جديدة للدخل”.

وثمة أيضا تساؤلات حول ما إذا كانت الحملة تهدف أيضا إلى إقصاء مسؤولين أمنيين لا يعتبرون مخلصين بما فيه الكفاية للحكّام.

من جهته، رأى ديفيد رونديل الذي شغل في السابق منصب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في الرياض: “أظن أن ثمة عددا قليلا من المعارضين السياسيين في شبكة الفساد، والأسباب الرئيسية لحملة القمع هي إنهاء الفساد وتحفيز التنمية وجمع الأموال”.

وأضاف: “يبدو أنها تنجح. يخبرني العديد من رجال الأعمال السعوديين أن الفساد تراجع… لم يزل تماما ولكنه تراجع وأصبح أقل قبولا اجتماعيا”.

“تقويض المنافسين”

ويقول مراقبون محليون إن الحملة أساسية من أجل توجيه الدولة الغنية بالنفط بعيدا عن ثقافة استمرت لعقود من الإسراف والمساءلة الضعيفة وهو ما لا تستطيع المملكة تحمله في عصر انخفاض أسعار النفط.

وأكد ولي العهد لمجلس الشورى أن “سرطان” الفساد المتفشي يشكل “خطرا على التنمية والازدهار”، وأصبح يستهلك “5% إلى 15% “من ميزانية الدولة.

ولكن ما يثير التكهنات أن هذه التوقيفات تشكل أداة ضد الخصوم السياسيين.

وقال ديفيد إغناتيوس الصحافي في “واشنطن بوست” في تموز/ يوليو الماضي، إن المملكة تقوم بتحضير “تهم فساد وعدم ولاء” ضد ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف المحتجز منذ آذار/ مارس الماضي.

ولم تعلق السلطات السعودية علنا على أسباب احتجازه.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، أثارت إقالة العاهل السعودي الملك سلمان لقائد القوات المشتركة الفريق الركن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود، ونجله الأمير عبد العزيز من منصب نائب أمير منطقة الجوف، وإحالتهما على التحقيق، صدمة.

وبحسب مؤسسة كابيتال ايكونوميكس الاستشارية، فإن هذه الخطوات تعكس محاولة السعودية “تقويض المنافسين المحتملين”.