اقتصاد » احصاءات

التسوية الخليجية لن تنهي الأزمة الاقتصادية لدول مجلس التعاون

في 2020/12/20

صحيفة المونيتور-

تشير تقارير عديدة إلى أن تسوية الأزمة الخليجية، التي بدأت بإعلان السعودية والإمارات والبحرين قطعا شاملا للعلاقات مع قطر في 5 يونيو/حزيران 2017، باتت وشيكة، ورغم ذلك فإن توقعات الاقتصاديين بشأن آثار تلك التسوية تبدو قاتمة.

فالتحديات هائلة أمام اقتصادات الخليج حتى لو تم إنهاء النزاع السياسي بنجاح، وهي تحديات تتعلق بالأوضاع الاقتصادية الجديدة التي أنشأتها الأزمة، والتي مثلت "أزمة" لبعض دول مجلس التعاون الخليجي، و"فرصة" للبعض الآخر، الأمر الذي خلق وضعا تنافسيا بين دول المجلس على نحو غير مسبوق.

ففي حالة قطر كمثال، دفعت الأزمة الخليجية الدوحة إلى تأسيس 47000 شركة منذ عام 2017، في إطار خطة لتعزيز الصناعة الوطنية وفتح خطوط تجارية جديدة مع دول مثل تركيا وإيران.

المسؤول الصحفي في شركة "بلدنا" القطرية التي تدير واحدة من أكبر مزارع الماشية في الخليج، علق على تنفيذ تلك الخطة بقوله: "قطر بعد الخامس من يونيو/حزيران 2017 ليست مثل قطر قبله"، وفقا لما أوردته وكالة "رويترز".

وتعد جهود الدوحة لتعزيز الصناعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي أحد الاستجابات السياسية الرئيسية للحصار، وتمثل فرصة وتهديدا من الناحية الاقتصادية في آن واحد.

فمن جانب تمثل فرصة من حيث القدرة على تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، ومن جانب آخر تمثل تهديدا من حيث تعزيز فصل الاقتصادات القطرية والإماراتية السعودية التي كانت متشابكة قبل 5 يونيو/حزيران 2017.

وأعطى هذا الفصل مجالس التنسيق الثنائية، لا سيما مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، مزيدًا من الزخم، الأمر الذي يضعف من قيمة مجلس التعاون كإطار اقتصادي.

مثال آخر على الآثار التي خلفتها الأزمة الخليجية على مستقبل الاقتصاد يتمثل في الموانئ العمانية، التي تحول بعضها إلى "مركز بديل" لإعادة شحن المنتجات ونقطة لعبور رجال الأعمال في دبي؛ للتحايل على تعليق الرحلات الجوية إلى قطر.

لا مصلحة لعمان في فقدان هذه الموانئ لزخمها، تماما كما هو الحال بالنسبة للتجار القطريين الذين باتوا يفضلون عقود الاستيراد من تركيا وإيران عن مثيلتها القادمة من السعودية، حيث انخفضت الصادرات من المملكة إلى قطر بنسبة 99% مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة الخليجية.

كما قضت الأزمة على تدفق السياح السعوديين الذين شكلوا حوالي ثلث زوار قطر البالغ عددهم 2.94 مليون زائر في عام 2016.

المثال الأكثر لفتًا للانتباه على الفرص الضائعة هو مشروع السكك الحديدية لدول مجلس التعاون، وهي شبكة تأخر تنفيذها بشكل متكرر ويبلغ طولها 1350 ميلًا، وتم التخطيط لها في البداية لربط جميع دول الخليج وتسهيل تنقل ملايين الركاب، وتعزيز التجارة الإقليمية وتقليل تكاليف النقل.

وإضافة إلى ذلك، قوضت الأزمة الخليجية جاذبية اقتصادات دول مجلس التعاون كسوق واحدة، حيث يخشى بعض المستثمرين الدوليين أن تسود المنافسات السياسية على سيادة القانون والمصالح التجارية.

ولذا يقول كبير الاقتصاديين في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط "سكوت ليفرمور": "لا أعتقد أن اقتصادات الخليج في حال أفضل في ظل الأزمة منها بدون الأزمة"، مشيرا إلى أن "المستثمرين يحبون الاستقرار ويكرهون عدم اليقين"، وفقا لما أورده موقع "المونيتور".

وفي السياق ذاته، يرى محلل دول الخليج "نبيل نويره" أن عودة مجلس التعاون موحدا ليس واردا في الأفق "لأن الدول الأعضاء الستة باتت في منافسة اقتصادية مع بعضها البعض".

وأضاف "نويره": "مجلس التعاون الخليجي مات بالفعل، ولا ينبغي أن نتوقع الكثير منه"، مشيرا إلى أن التحديات الاقتصادية المقبلة ستفرض منافسات مقبلة بين السعودية والإمارات.

فانخفاض أسعار النفط واحتمال حدوث تحول عالمي في مجال الطاقة يتركان أمام ولي عهد السعودية وحاكمها الفعلي "محمد بن سلمان" خيارات قليلة، ومواجهتها بتسريع الإصلاحات الاقتصادية ينطوي على مخاطرة بتحدي مكانة الإمارات كمحور اقتصادي لمنطقة الخليج.

 ولذا يتوقع "نويرة" أن "الصراع السعودي الإماراتي قادم".