سياسة وأمن » تصريحات

أنظمة الحكم في الممالك العربية تواجه تصدعات عميقة

في 2020/12/31

هلال خاشان- جيبوليتكال فيوتشرز- ترجمة الخليج الجديد-

تعد الممالك الثمانية في العالم العربي من بين آخر الممالك المطلقة المتبقية في العالم، ومع ذلك فقد أثبتت في بعض النواحي، أنها متينة بشكل مدهش.

فمقارنة بالجمهوريات العربية، نجت الأردن والمغرب ودول مجلس التعاون الخليجي الست من انتفاضات الربيع العربي نسبيًا.

لكن بعض الممالك تواجه تحديات جديدة تهدد بإنهاء عقود من الحكم الملكي.

في عام 2010، أضرم البائع المتجول التونسي "محمد البوعزيزي" النار في نفسه بعد أن اعتدى عليه ضابط شرطة لأنه أوقف عربة البيع في مكان غير مصرح به.

كان هذا الحدث حافزًا لاحتجاجات الربيع العربي التي انتشرت في أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط.

وبالرغم من حقيقة أن المحتجين كانوا يطالبون بإصلاحات ديمقراطية، إلا أن شرارة هذه الحركة كانت في الواقع هي الظروف الاقتصادية المتردية في المنطقة.

ومع ذلك، تمكنت دول مجلس التعاون الخليجي من الصمود في وجه عاصفة الربيع العربي، حيث اقتصاداتها الريعية ضمنت تمتع مواطنيها بدخل للفرد يفوق بكثير مثيله في بلدان الانتفاضات العربية.

تفتخر قطر بأن دخل الفرد يبلغ 69 ألف دولار، فيما يبلغ دخل الفرد في الإمارات 43 ألف دولار، وحتى في عمان فإن دخل الفرد يبلغ 16500 دولار وهو أعلى بكثير من مصر (2500 دولار) أو تونس (3450 دولار).

ومباشرة بعد اندلاع الثورة في مصر في يناير/كانون الثاني 2011، أنفق العاهل السعودي الملك "عبدالله" 37 مليار دولار على الجيش وموظفي الخدمة المدنية والمؤسسات الدينية للحفاظ على الولاء للعائلة المالكة.

وتنفق الإمارات أكثر من 15% من ميزانيتها الاتحادية على الدعم المالي والاجتماعي للسكان المحليين.

تعترف مجموعات المعارضة في تلك الممالك بشرعية الملوك - باستثناء أولئك الموجودين في السعودية والبحرين - وتميل إلى الضغط فقط من أجل الإصلاحات السياسية.

بشكل عام، قاومت الملكيات العربية إجراء مثل هذه التغييرات، خشية أن تؤدي إلى نظام سياسي مسؤول وشفاف.

وبدلاً من ذلك، قاموا بإجراء تغييرات شكلية تهدف إلى إرضاء المعارضة، وتجنب انتقادات المنظمات الدولية.

على سبيل المثال، في عام 1926، أنشأ "ابن سعود" مجلس الشورى، وهو هيئة تشريعية تقدم المشورة للملك في القضايا الحاسمة.

ومع ذلك، بعد تشكيل مجلس الوزراء السعودي في عام 1953، أصبح مجلس الشورى في الغالب بلا معنى.

وقد أعاد الملك "فهد" تنشيطه في عام 2000 لكنه لم يمنحه سلطات تنفيذية أو تشريعية.

وبالرغم من الادعاء بإحراز تقدم في المشاركة السياسية والاندماج الاجتماعي، إلا أن درجات مؤشر الديمقراطية للملكيات أسوأ من تلك التي حققتها الجمهوريات العربية.

وبحسب "مؤشر الديمقراطية" الذي أصدرته "وحدة الاستخبارات الاقتصادية" التي تتبع مجموعة الإيكونوميست البريطانية، فقد احتلت السعودية المرتبة 159 من أصل 167 دولة، بينما جاءت البحرين في المرتبة 149 والإمارات في المرتبة 145.

ووفقًا للمؤشر، فإن الكويت والأردن هما أقل الممالك العربية استبدادًا وجاءت في المركز 114.

تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بجذور سياسية أعمق في السلطة من الجمهوريات العربية، وكلها من إبداعات ما بعد الحرب العالمية الأولى.

وقد أسست أول دولة سعودية، وسلالة البوسعيد في عمان، وبيت آل الصباح في الكويت، وآل خليفة في البحرين، وعائلة آل نهيان في أبوظبي حكمهم بين 1744 و 1764 فيما يعود صعود آل ثاني في قطر إلى عام 1847.

وقد طلبت هذه الممالك الحماية البريطانية لتعزيز سلطتهم.

ومع ذلك، فإن الأنظمة الملكية تعيش تصدعات في 3 دول عربية هي الأردن والبحرين والسعودية.

ففي الأردن، بدأ البدو - القاعدة التقليدية لدعم الهاشميين - يديرون ظهورهم للنظام.

وسيحدد الاتجاه المستقبلي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ما إذا كان بإمكان الدولة البقاء في وضعها الحالي.

وفي البحرين، أدى قمع الأغلبية الشيعية ورفض النظام الملكي لتنفيذ إصلاحات عادلة إلى جعل الوضع لا يطاق.

في عام 2011، سحقت السلطات، بمساعدة القوات السعودية والإماراتية، الانتفاضة الشيعية وقتلت عشرات المتظاهرين، وتصدر المحاكم البحرينية بشكل روتيني أحكامًا قاسية بالسجن بحق رجال الدين الشيعة الذين ينتقدون الحكومة.

علاوة على ذلك، تعتمد البلاد اعتمادًا كبيرًا على السعودية للحصول على المساعدات المالية والدعم الأمني.

وفي السعودية، شددت السلطات التدابير على جميع الحركات الإصلاحية منذ تأسيس البلاد عام 1932 ولكن المملكة تواجه الآن عددًا من التحديات الخطيرة حيث يعتمد تماسك السعودية على 3 عوامل هي المؤسسة الدينية، ووضع الرفاهية، ووحدة العائلة المالكة. لكن كل هذه الركائز الثلاث مهددة الآن.

أضعف ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" المؤسسة الدينية وأنهى استقلالها.

وأدى تضاؤل ​​عائدات النفط إلى تقليص الدعم، وضرورة فرض ضرائب ورسوم جمركية، وتقليل قدرة الدولة على تقديم خدمات الرعاية الاجتماعية، ومن غير المرجح أن تفي "رؤية 2030" المشهورة بتقليل اعتماد المملكة على ريع النفط.

كما حطم "بن سلمان" وحدة العائلة المالكة السعودية، واعتقل المئات من الأمراء ورجال الأعمال المؤثرين في عام 2017.