دول » الكويت

الكويت.. استقالة الحكومة تأخذ البلاد لأزمة وتهدد بأخرى

في 2021/01/13

الخليج أونلاين-

بعد شهر واحد من تشكيلها قدمت الحكومة الكويتية الجديدة استقالتها لأمير البلاد؛ وذلك على خلفية الصدام المبكر الذي وقع بينها وبين عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة (البرلمان).

وكان أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، قد كلَّف الشيخ صباح الخالد الصباح، بتشكيل الحكومة بعد انتخابات مجلس الأمة، التي جرت أوائل ديسمبر 2020، والتي أفرزت برلماناً غلبت عليه وجوه جديدة وشابة.

وقدّم رئيس الحكومة كتاب الاستقالة لأمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الأربعاء 13 يناير، وذلك بعد ما آلت إليه الأوضاع بين الحكومة ومجلس الأمة، ووفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية، بحسب الوكالة الرسمية.

وهذه هي الحكومة الثانية للشيخ صباح الخالد، وهي الأولى في عهد الأمير الجديد، الذي قال في كلمة عقب أدائه اليمين الدستورية، مطلع سبتمبر 2020، إنه لا مجال للمناكفات في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد.

ويشهد الكويت أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه تقريباً؛ بعدما عصفت تداعيات جائحة كورونا وما ترتب عليها من تهاوٍ بأسعار النفط بجزء ليس بسيطاً من اقتصاد البلاد، ودفعها للاستدانة وتقليص النفقات.

ومنذ يومه الأول بدا المجلس الجديد متحفزاً ضد الحكومة التي وصفها بعض النواب فور تشكيلها بأنها "نادٍ للأقارب"، فيما قال آخرون: إنها "تعكس قراءة خاطئة لشكل البرلمان الجديد"، بحسب ما نقلته "القبس" الكويتية، منتصف ديسمبر 2020.

أزمة مبكرة

وبدأ مجلس الأمة الجديد أزمة مبكرة مع الحكومة، حيث قدّم، في السادس من يناير الجاري، استجواباً لرئيس الحكومة اتهمه فيه بعدم التعاون مع البرلمان.

ولم يتجاوب رئيس الحكومة مع طلب المجلس؛ ما أدى لتعطيل جلسة الاستجواب التي كانت مقررة في السادس من يناير، ودفع بعض النواب لتقديم طلب لتعديل اللائحة الداخلية للمجلس بما يضمن إجراء الاستجواب دون حضور رئيس الحكومة.

وكان الشيخ نواف الأحمد قال للنواب في افتتاح البرلمان الجديد، منتصف ديسمبر 2020، إن هناك حاجة لوضع برنامج إصلاحي شامل لمساعدة البلاد على الخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، وإنه لا يوجد متسع من الوقت "لافتعال الأزمات".

وأكد الأمير في كلمته تلك أنه "لم يعد هناك متسع لهدر المزيد من الجهد والوقت والإمكانات في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات، والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين، وعقبة أمام أي إنجاز".

تصعيد من الجانبين

وحظي الاستجواب الذي تقدم به النواب بدر الداهوم وثامر الظفيري وخالد العتيبي بدعم من نحو 33 من النواب الآخرين، الذين أعلنوا نيتهم تأييد الاستجواب، وهو ما يعني أن 36 نائباً على الأقل من أصل 50 يؤيدون استجواب رئيس الحكومة.

وبعد قرار الحكومة عدم الحضور تقدم خمسة نواب باقتراح بتعديل للائحة يسمح بعقد جلسات المجلس في حال غياب الحكومة متى اكتمل النصاب القانوني لها.

والاثنين 11 يناير الجاري، طالب النائب الكويتي مرزوق الخليفة رئيس الحكومة صباح الخالد بـ"الرضوخ للاستحقاقات الوطنية والتشريعية"، مؤكداً أن استمراره في نهجه الحالي سيضعه في خانة المساءلة السياسية.

ونقلت صحيفة "القبس" المحلية عن الخليفة قوله: "إن عودة رئيس الحكومة لتحدي إرادة الأمة سيدفع النواب لعدم التعاون معه".

وأكد النائب الكويتي: "لن نتعاون مع رئيس وزراء مرتاح من الوضع المتردي الحالي الذي نعيشه في ظل بقاء الحكومة حجر عثرة أمام مشاريع الإصلاح".

من أزمة لأزمة أكبر

رئيس تحرير صحيفة "الشعب" الكويتية الأسبوعية، حامد بويابس، أكد أن استقالة الحكومة تعني احتدام الصدام بين مجلسي الوزراء والأمة.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" أوضح بويابس أن "أعضاء في مجلس الأمة لم يعطوا الحكومة الوقت للعمل أو أداء المهام، حيث قدموا عدداً كبيراً من التساؤلات والاستجوابات ضد عدد كبير من الوزراء".

وكان أبرز هذه الاستجوابات هو ذلك الذي تقدم به نواب ضد رئيس الحكومة.

ويحتاج اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، حسب بويابس، من 30 إلى 40 يوماً، وهو ما يعني أن الكويت ستعيش فراغاً دستورياً خلال هذه الأيام.

ويستبعد بويابس حدوث أي تعاون بين الحكومة الجديدة ومجلس الأمة؛ بسبب ما أسماها "حركات كرتونية مع مراهقة سياسية فجّة من بعض النواب"، وتصيد بعض الأخطاء البسيطة.

ويعتقد المحلل الكويتي أن الحكومة الجديدة ستواجه نفس الضغوطات التي واجهتها الحكومة المستقيلة. مشيراً إلى أن "البلاد خرجت من أزمة وذهبت إلى أزمة أكبر، خاصة مع وجود المعارضة الحالية داخل مجس النواب، وعودة بعض الشخصيات لمنصة العمل السياسية".

وفي حال استمر الخلاف بين مجلس الأمة والحكومة المرتقبة فإن أمير البلاد، بحكم صلاحياته، قد يصدر قراراً بحل المجلس، وهو ما يعيد الكويت للوراء، بحسب بويابس.

وأشار بويابس في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن من بين أعضاء المجلس من يطالب بتغيير رئيس المجلس مرزوق الغانم، وهو ما أدى إلى احتقان كبير بين المواطنين، حسب تعبيره.

وشهد انتخاب الغانم مجدداً رئيساً للمجلس حالة شد وجذب بين النواب؛ بعدما أعلن 37 نائباً من بين 50 هم أعضاء المجلس، تأييدهم لخصمه بدر الحميدي.

واتهم النواب الحكومة المستقيلة بممارسة ضغوطات كبيرة على النواب لإعادة انتخاب الغانم رئيساً، وطالب بعضهم بفتح تحقيق في ملابسات الجلسة الأولى للبرلمان الجديد.

ولطالما تسبب استجواب رئيس الحكومة بأزمات سياسية بالكويت، غير أن الوضع هذه المرة يبدو أكثر تشدداً من جانب البرلمان الذي غلبت "المعارضة" على تشكيلته الجديدة.

وفي سوابق تاريخية كثيرة أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان؛ مما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد، كما أصاب الحياة السياسية بالجمود.

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزاً يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس 2021؛ بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط، وفقاً لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان، في أغسطس.

وللتغلب على هذه المعضلة تسعى الحكومة لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (66 مليار دولار) على مدى 20 عاماً، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق.