دول » الكويت

هل سيتم حل مجلس الأمة الكويتي والدعوة لانتخابات جديدة؟

في 2021/01/18

الخليج أونلاين-

بعد استقالة الحكومة الكويتية، وحالة الصدام السياسي التي ظهرت مبكراً مع مجلس الأمة الجديد، على خلفية استجواب رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد، تتجه الحياة السياسية في الكويت إلى مزيد من الخيارات، ومنها حل المجلس.

ولا يُستبعد أن يتم حل مجلس الأمة الكويتي، في حال ذهب النواب إلى عدم التعاون مع رئيس الحكومة، أو رئيس المجلس، خاصة في ظل مواصلة النواب طرح تساؤلات، وسعيهم لاستجواب رئيس الوزراء، وهو ما قد يعني أن الكويت تتجه إلى انتخابات برلمانية جديدة.

وظهرت ملامح عدم تعاون نواب مع رئيسَي الحكومة والمجلس، مع تصريحات النائب محمد المطيري، بأن نواباً يفكرون بجدية في عدم التعاون مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة والحكومة.

كذلك، نظم نوابٌ ندوة، الأربعاء (13 يناير)، بعنوان "لماذا عدم التعاون مستحقٌّ؟"، وهو ما يعطي دلالة على قوة حدة الأزمة داخل مجلس النواب الكويتي، وإمكانية الذهاب إلى خيارات أخرى كحلِّه وإجراء انتخابات جديدة.

وبدأت الأزمة بالكويت، حين قدم نواب، في السادس من يناير الجاري، استجواباً لرئيس الحكومة، وهو ما جعل رئيس الوزراء يسارع لتقديم الاستقالة إلى أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الصباح.

وكان أمير الكويت قد كلَّف الشيخ صباح الخالد الصباح، تشكيل الحكومة بعد انتخابات مجلس الأمة، التي جرت أوائل ديسمبر 2020، والتي أفرزت برلماناً غلبت عليه وجوه جديدة وشابة.

وخلال جلسة افتتاح البرلمان الجديد، منتصف ديسمبر 2020، أكد أمير الكويت أن هناك حاجة لوضع برنامج إصلاحي شامل؛ لمساعدة البلاد على الخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، وأنه لا يوجد متَّسع من الوقت لـ"افتعال الأزمات".

وفي الجلسة الأولى، انتُخب مرزوق الغانم رئيساً لمجلس الأمة، بعد حصوله على 33 صوتاً مقابل 28 صوتاً ذهبت لبدر الحميدي.

وفي كلمة خلال الجلسة قال أمير الكويت: "لم يعد هناك متسع لهدر مزيد من الجهد والوقت والإمكانات في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات، والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين، وعقبة أمام أي إنجاز".

وسبق أن حلَّ أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح السالم، عام 1976، مجلس الأمة ووقف العمل بالدستور ؛ لتنقيحه من جديد مع تشكيل لجنة خاصة في هذا الشأن.

وفي وقتها، أرجع ولي العهد الكويتي، ورئيس الحكومة آنذاك الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، عدم قدرة حكومته على التعاون مع مجلس الأمة، إلى تعطيل مشروعات القوانين التي تراكمت منذ مدة طويلة لدى المجلس، وضياع كثير من جلسات المجلس بلا فائدة، ومن الأسباب التي ذكرها الأحمد، لعدم التعاون مع مجلس الأمة، التهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين دون وجه حق من قِبل النواب، وفقدان التعاون بين السلطتين.

وتشبه الحالة التي تم فيها حل مجلس الأمة الكويتي عام 1976، الأيام الحالية التي تمر بها الحكومة والمجلس في الكويت؛ وهو ما قد يؤدي إلى حل المجلس.

خطوة واردة

وفي ظل سخونة الوضع لم يستبعد السياسي الكويتي عبد العزيز سلطان، حل مجلس الأمة، مشيراً إلى أنه توجد سوابق وشواهد على ذلك، خاصةً أنه جرى حلُّه 8 مرات سابقاً، منها 6 مرات دستورية.

وأوضح "سلطان" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، أمر بحلِّ المجلس عام 2016، ودعا إلى انتخابات تشريعية جديدة، بعد قبوله استقالة رئيس الحكومة آنذاك الشيخ جابر المبارك، موضحاً أن قرار الحل جاء "بسبب خلل في العمل البرلماني" وتحوُّله إلى "ساحة للجدل العقيم والخلافات وافتعال الأزمات".

وأشار إلى أن الأمر قد يحدث مع المجلس الحالي، خاصةً أنه "تصادَم مع الحكومة بعد أقل من شهر على تشكيلها"، متوقعاً أن تكون احتمالية حل المجلس دستورياً "كبيرة جداً، في التشريع الأول من الفصل الثاني"، مرجعاً ذلك إلى أن "أغلب القوانين سيتم طرحها في هذا الوقت".

وعن إمكانية أن تقدِّم الحكومة "كتاب عدم تعاون مع المجلس"، قال السياسي الكويتي: إن ذلك ممكن، "بسبب التشريعات والقوانين التي أُعِدت مسبقاً، وتم الاتفاق عليها مع كل من تكتل النواب وتكتل الـ16 الجديد، وهي قوانين مستحقة من قلب الشارع الكويتي قبل أن تكون قوانين وتشريعات الأعضاء"، لكنه أكد "صعوبة تحقيقها، لاعتبارات سياسية".

وأكد أن احتمالات حل مجلس الأمة تفوق احتمالات استمراره، مؤكداً أنه في حال صدر قرار أميري بحل المجلس فلن يكون هناك "مجال لقبول النواب أو رفضهم".

ويلفت النظر إلى أن البعض يؤكد أن الحل قادم لا محالة، "ليس بسبب ممارسات النواب، بل لتركيبته التي تميل أكثر إلى جانب المعارضة".

صِدام مبكر

وبيَّن أن تركيبة المجلس الجديدة "أنتجت صداماً مبكراً مع الحكومة"، خاصةً الاستجواب الموجَّه إلى رئيس الحكومة، والمكون من ثلاثة محاور هي: "مخالفة صارخة لأحكام الدستور، وهيمنة السلطة التنفيذية على البرلمان، ومماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي".

وفي حال أصر مجلس الأمة على "كتاب عدم التعاون"، يعني ذلك- بحسب سلطان- أن أمير البلاد أمام خيارين دستورياً بخلاف محاولات التهدئة، مشيراً إلى أن الخيار الأول يتمثل بالطلب من رئيس الوزراء الاستقالة أو حل مجلس الأمة.

ويضيف قائلاً: "بعد تقديم الحكومة استقالتها فليس من المرجح أن تقدم كتاب عدم التعاون مع المجلس".

وأوضح أن الإشكالية تكمن في "موازين القوى التي تتحكم فيها السلطة"، مطالباً بـ"مراجعة جدية؛ لضمان استقرار الحياة الدستورية، ومن ضمن ذلك الارتقاءُ بالأداء البرلماني الضعيف، والفساد التشريعي"، وإلا فستدخل البلاد في "متاهة سياسية".

وعن أسباب تكرار الأزمة السياسية في الكويت، يقول "سلطان" لـ"الخليج أونلاين": إن ذلك سببه "محاولة إعادة التجربة؛ فالحكومة تعيد التجربة ذاتها وتنتظر نتائج مختلفة"، قائلاً: إنها "لا تريد أن تتعلم  من التجارب السابقة، على ما يبدو".

وأكد أن الحل يتمثل في "الالتزام بالنظام الديمقراطي والذهاب لقبَّة البرلمان؛ لتفنيد أسباب الاستجواب، أو تجنُّب ذلك مسبقاً، من خلال اختيار فريق عمل حكومي للابتعاد عن الصدامات مع السلطة التشريعية"، مشيراً إلى أن "الفصل بين السلطات غير متحقق على أرض الواقع".

قانونية الحل

ووفق الدستور الكويتي، توجد حالات لحل مجلس الأمة، منها أنه في حال تبيَّن عدم إمكانية التعاون بين المجلس ورئيس الوزراء، فيتم رفع الأمر إلى أمير البلاد، الذي يُعفي رئيس مجلس الوزراء ويعيّن وزارة جديدة، أو يحل المجلس.

وتنص المادة الـ107 من الدستور الكويتي على أن "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى، وإذا حُلَّ المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل".

ووفق المادة السابقة، فإنه في حال لم تُجرَ الانتخابات خلال تلك المدة، يستردُّ المجلس المنحل سلطته الدستورية بالكامل، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن يُنتخب المجلس الجديد، وحسب مواد الدستور الكويتي، فإنَّ "حل مجلس الأمة يجب أن يكون بمرسوم تُبيَّن فيه أسباب الحل؛ لكي يتسنى لجماهير الشعب الوقوف على أسباب حل مجلسهم الذي انتخبوه".

وبعد حل مجلس الأمة الكويتي، يجب إجراء انتخابات المجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ حله وفق مواد الدستور. كذلك، لا يجوز حل مجلس الأمة في أثناء فترة إعلان الأحكام العرفية: وذلك ما قررته المادة الـ181 من الدستور بقولها: "في أثناء قيام الأحكام العرفية لا يجوز بأي حال، تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه".