دول » الكويت

هل تعيد الكويت إحياء وساطتها بين إيران والسعودية؟

في 2021/01/28

الخليج أونلاين-

مرة أخرى تعود "الوساطة الكويتية" بين إيران والسعودية للواجهة مجدداً، مع تحركات ورغبة إيرانية في خفض التصعيد مع دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، تزامناً مع تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن الحكم.

وتتميز دبلوماسية الكويت بالتوازن والحياد والوساطة في ملفات الشرق الأوسط، ومارست كثيراً دور الوسيط لحل الخلافات، من خلال تبني المسار الدبلوماسي كما حدث في المصالحة الخليجية بين قطر والدول المقاطعة لها، ومحاولة التمايز عن الأدوار المتنافسة لبعض دول المنطقة.

ويرى مراقبون أنه لا يمكن لمنطقة الخليج أن تبقى بمنأى عن تعقيدات العلاقة بين إيران والسعودية، حيث تعتبر إيران والسعودية لاعبيْن رئيسيين في المنطقة؛ وللعامل الجيوسياسي دوره المحوري في تشكيل العلاقة بالنظر إلى سياسات ومواقف كل دولة.

إيران تبحث عن الوساطة

بعد أقل من شهر على نجاح الوساطة الكويتية في حل الأزمة الخليجية، كشفت صحيفة "الجريدة" الكويتية، في 27 يناير 2021، أن زيارة نائب وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إلى الكويت جاءت في إطار مسعى إيراني لطلب توسط الكويت لحل خلافات طهران مع السعودية.

وكان عراقجي التقى وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد الناصر، وقال إن بلاده "مستعدة للحوار حول أمن منطقة الخليج مع دولها دون أي تدخل أجنبي، وإمكانية إعادة تفعيل وساطة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد حول حل الخلافات الإيرانية - الخليجية التي أطلقها في عام 2017".

ونقلت صحيفة "الجريدة" عن مصدر بوزارة الخارجية الإيرانية قوله إن زيارة عباس عراقجي للكويت، جاءت في إطار مساعٍ حثيثة لإيجاد وسيط معتمد لحل الخلافات مع الرياض.

وأوضح أن هذه الخطوة "تأتي بناءً على حساباتها السياسية بعد رحيل صقور إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الجمهورية، وكذلك وفق نصيحة من فريق بايدن؛ على أساس أن حل الخلافات مع جيرانها، وتحديداً مع المملكة، سيسهل عودة واشنطن للاتفاق النووي، وحل القضايا الأخرى كالبرنامج الصاروخي الإيراني المثير للجدل، وأنشطة طهران الإقليمية".

وأضاف المصدر أن طهران، بعد نجاح الوساطة الكويتية في حل الأزمة الخليجية، والإشادة الدولية الواسعة بذلك، "أصبحت متحمسة للطلب من الكويت أن تؤدي دوراً بينها وبين السعودية، خصوصاً أن العلاقات بين إيران والمملكة تواجه انسداداً كبيراً، على عكس علاقتها مع باقي الدول الخليجية باستثناء البحرين، إذ لا تزال تحتفظ بقنوات اتصال".

الوساطة الكويتية

وهذه الوساطة التي تريد طهران إحياءها مجدداً، جاءت بعد مدة وجيزة من القطيعة شبه التامة بين إيران والسعودية، بعدما حمل وزير الخارجية السابق الشيخ صباح الخالد إلى إيران، في يناير 2016، رسالة من أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلى القيادة الإيرانية، بشأن العلاقات الخليجية - الإيرانية، وسبل فتح قنوات للحوار بين الجانبين تنعكس إيجاباً على المنطقة.

هذه الرسالة تبعتها تحركات دبلوماسية إيرانية - كويتية - عُمانية، توجت بزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الكويت ومسقط.

لكن السعودية يومها لم تتجاوب مع الوساطة الكويتية للتصالح مع إيران، حيث أشارت إلى أن مطالبها لإصلاح العلاقات مع طهران ليست ثنائية، ولا تتمثل بالاعتداء على ممثليتيها في طهران ومشهد، وإنما ترى بأنها "تعيث تدخلاً وإفساداً في اليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان، وفي الكويت نفسها".

وفي نوفمبر 2019، أعلن نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، أن بلاده نقلت رسائل إيرانية إلى المملكة العربية السعودية والبحرين، من أجل حل الخلافات معها.

والوساطة الكويتية لم تكن هي أولى الوساطات بين إيران ودول الخليج منذ اندلاع الخلاف بينهم، على إثر إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، وما نتج عنه من الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، فقد سبقتها مبادرات عراقية وعمانية وحتى جزائرية وإن لم ترتقِ إلى درجة جدية الوساطة الكويتية.

الرفض السعودي

عن أسباب فشل الوساطة الكويتية سابقاً، يقول عدنان هاشم، رئيس مركز "ساس" للأبحاث ودراسة السياسات: إن "الرياض هي من كانت تقف وراءها وليست إيران، بسبب مخاوف لدى المملكة".

ويقول لـ"الخليج أونلاين": "توقفت معظم الوساطات السابقة بطلب من السعودية وليس إيران، إذ دائماً ما كانت طهران تنادي بعلاقة جيدة مع دول الخليج لكن هناك مخاوف مشروعة بسبب دور النظام الإيراني في المنطقة".

ويرى أن دور الكويت كوسيط داخل مجلس التعاون "دائماً ما تنجح جهود وساطتها"، معتقداً أن إيران "تريد فعلاً إحياء هذه العلاقة مع الكويت وتعظيمها؛ لدور الكويت المحوري داخل مجلس التعاون الخليجي".

ويؤكد عدنان هاشم أن "هذه الخطوة من قبل إيران تهدف إلى إرسال رسائل بأنها قادرة على التعامل مع الخليج كدول منفردة لتخفيف العقوبات عليها ولتجنب دفع إسرائيل لمعركة في مياه الخليج".

فهم المسألة الأمنية

الرغبة الإيرانية في الحوار مع السعودية جاءت أيضاً بعد مرور أيام على تصريح لوزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال فيه إن بلاده مستعدة للوساطة بين دول الخليج وإيران.

وأوضح في حديث مع وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في 19 يناير 2021، أن "الوقت قد حان كي تبدأ دول الخليج العربية المحادثات مع إيران الآن"، مشيراً إلى "احتمال إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإيران".

وبين "آل ثاني" أن بلاده تأمل في "عقد قمة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي الستة وإيران، وهذه أيضاً رغبة تشاركها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى".

أما إيران ذاتها فكان لها تأكيدات مستمرة عن استعدادها للحوار مع دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، والتي كان آخرها تصريحات السفير الإيراني في الكويت محمد إيراني، في 4 يناير 2021، عندما قال إن بلاده "ترى السعودية بلداً مهماً وكبيراً في المنطقة، وإن قادة طهران لم يكونوا يؤمنون بقطع العلاقات معها، وإنهم يرون أنه في إطار التعاون المشترك يمكن حل معظم المشاكل الثنائية، والتغلب على معظم الأزمات الإقليمية".

الدكتور ماجد الأنصاري، رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، يرى "أن تأزم العلاقات الإيرانية الخليجية مرتبط بعدم رغبة الطرفين في الوصول إلى منظومة أمن جماعية"، مؤكداً ضرورة أن يفهم الطرفان (السعودي - الإيراني) تداعيات المسألة الأمنية على الجانبين".

ويقول الأنصاري: "إن تحقيق الأمن الجماعي للمنطقة يستلزم أن يكون في إيران نظام يقبل مبدأ العيش المشترك مع الطرف الآخر ، وتنطبق ذات المسألة على الضفة الخليجية، خصوصاً الرياض".

ويتابع، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "إن المصلحة المشتركة للدول الخليجية وإيران يمكن الوصول إليها عن طريق نظام سياسي، لديه القدرة على تحييد الخلافات بحثاً عن مواطن التفاهم انطلاقاً من مبادئ العلاقات الدولية وتطبيقاً لسياسة حسن الجوار".