سياسة وأمن » صفقات

بعد تجميد أمريكا صفقات السلاح للسعودية.. هل تتخذ بريطانيا خطوة مماثلة؟

في 2021/01/29

جارديان -

أدى قرار الولايات المتحدة بتجميد صفقات السلاح إلى السعودية والإمارات من أجل إجراء مراجعة لها، إلى تجدد الدعوات للمملكة المتحدة، ثاني أكبر مصدر للسلاح إلى للرياض، بإعادة تقييم سياستها في هذا الخصوص.

وقال مسؤولون في الحكومة البريطانية إنه لا توجد حتى الآن خطط لمراجعة مبيعات السلاح إلى الرياض، لكن على الأقل فإن شكوك إدارة "جو بايدن" بشأن الحرب السعودية في اليمن، التي تتواصل منذ أكثر من 6 سنوات، ستتطلب من وزارة الخارجية تغيير موقفها أو المخاطرة بالعزلة الدبلوماسية.

وقد تكون هناك أيضا تداعيات لا مفر منها على شركات الأسلحة البريطانية، إذ يقول خبراء إن التحركات الأمريكية سيكون لها تأثير غير مباشر، على سبيل المثال، عندما تكون أجزاء من المعدات البريطانية مصعنة أمريكيا، وبالتالي يتطلب الأمر الحصول على تراخيص أمريكية.

ما يبقى غير واضح هو المدة التي ستستغرقها المراجعة الأمريكية ومدى تغيير الولايات المتحدة لنهجها إزاء الحرب في اليمن.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي الجديد، "توني بلينكن"، خلال إعلانه عن قرار مراجعة صفقات السلاح المبرمة، أن "الحوثيين ارتكبوا عملا عدوانيا كبيرا في الاستيلاء على (العاصمة اليمنية) صنعاء منذ بضع سنوات... وارتكاب أعمال عدوانية ضد شريكتنا المملكة العربية السعودية، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وغيرها من الفظائع، وخلق بيئة رأينا فيها الجماعات المتطرفة تملأ بعض الفراغات التي نشأت".

غير أنه استدرك: "لكن في الوقت نفسه، شهدنا حملة بقيادة السعودية، التي ساهمت أيضا في ما تعتبره العديد من التقديرات أسوأ أزمة إنسانية في العالم اليوم، وهذا يعني شيئا ما. ولذا فمن المهم للغاية حتى في خضم هذه الأزمة أن نبذل قصارى جهدنا لإيصال المساعدة الإنسانية للشعب اليمني، الذين هم في أمس الحاجة إليها".

وفيما يتعلق بقرار مراجعة مبيعات السلاح، وصف "بلينكن" الخطوة بأنها "نوع من المراجعة المعقولة التي تجريها أي إدارة جديدة".

لكن في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي كان أكثر صرحة إذ قال إن "بايدن أوضح أننا سننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، وأعتقد أننا سنعمل على ذلك في وقت قصير جدا".

ويقدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن صفات السلاح الأمريكية شكلت ما يقرب من ثلاثة أرباع حجم مبيعات السلاح للسعودية بين عامي 2015 إلى 2019.

ووفقا لحملة "مناهضة تجارة الأسلحة" البريطانية المعروفة اختصارا بـ"CAAT"، باعت المملكة المتحدة إلى السعودية أسلحة بقيمة 5.4 مليار جنيه إسترليني منذ بدء حرب اليمن في 2015؛ ما يجعل لندن ثاني أكبر مصدر للسلاح إلى الرياض.

وعلقت ألمانيا بالفعل بعض مبيعات السلاح للسعودية؛ في قرار أثار انقسامات داخل التحالف الحاكم.

السؤال الآن هو ما إذا كانت أمريكا ستضغط على المملكة المتحدة لتحذو حذوها؟

وكانت المملكة المتحدة علقت مبيعات الأسلحة المربحة للسعودية لمدة عام اعتبارا من يونيو/حزيران 2019، عندما وجدت محكمة الاستئناف في لندن، كجزء من المراجعة القضائية، أن آلية اتخاذ القرار بشأن بيع تلك الأسلحة غير قانونية؛ حيث لم تبذل الحكومة أي محاولة لتقييم ما إذا كانت هناك انتهاكات خطيرة حدثت في اليمن من عدمه، وأدى القرار إلى تراكم كبير لتراخيص بيع الأسلحة.

لكن في صيف 2020، استأنفت بريطانيا صاردات السلاح للسعودية، وقالت وزيرة الدولة للتجارة الدولية "ليز تروس"، آنذاك، إن حكومتها راجعت عملية صنع القرار بشأن صفقات السلاح للسعودية، ووجدت أنه لا يوجد "خطر واضح" بأن المعدات العسكرية المباعة للرياض تُستخدم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبالتالي يمكن استئناف بيع الأسلحة لها.

وقال مدير حملة "مناهضة تجارة الأسلحة"، "أندرو سميث": "إذا التزم بايدن بكلمته وأنهى مبيعات الأسلحة (للسعودية والإمارات)، فقد تكون هذه خطوة كبيرة نحو إنهاء القصف الوحشي والحصار في اليمن. كما أنه سيشكل سابقة حيوية، ويمكن أن يساعد في فرض إجراءات من جانب المملكة المتحدة والحكومات الأخرى التي تتاجر بالأسلحة".

وأضاف: "إذا كانت الإدارة الأمريكية، أكبر تاجر للسلاح في العالم، مستعدة لاتخاذ موقف، فقد حان الوقت لبوريس جونسون (رئيس الوزراء البريطاني) وزملائه لفعل الشيء نفسه".

وقد تحتاج المملكة المتحدة أيضا إلى مراجعة المساعدة الفنية التي يقدمها مسؤولوها العسكريون للقوات الجوية السعودية لمساعدتها في إجراء حملة جوية تتوافق مع معايير القانون الإنساني الدولي.

وتظل المشكلة الأعمق هي كيفية إيجاد طريقة لإقناع السعودية والحوثيين بالتوصل إلى اتفاق سياسي حول مستقبل اليمن.

إذ تصر الرياض على أنها لا تريد أكثر من إنهاء ما يبدو الآن أنه حرب خاطئة، لكن مع تواصل إطلاق الصواريخ من قبل الحوثيين على المملكة، تقول السعودية إنه ليس أمامها خيار سوى مواصلة المقاومة.

فاعتبارًا من يونيو 2020، أطلق الحوثيون 312 صاروخا باليستيا على الأراضي السعودية، بما في ذلك تلك التي يزيد مداها على 1000 كم.

والحقيقة المرة بالنسبة للرياض هي أنه لا توجد تسوية تنتهي باستبعاد الحوثيين من السلطة، الذين أثبتوا أنهم مفاوضون مراوغون لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن "مارتن جريفيث".