مجتمع » حريات وحقوق الانسان

مخاوف حول مصير الأميرة بسمة بنت سعود وابنتها سهود

في 2021/02/15

صحيفة “صاندي تايمز”-

أشارت صحيفة “صاندي تايمز” إلى المخاوف حول مصير أميرة سعودية وابنتها، بعد انقطاع أخبارهما منذ وقت طويل إثر اعتقالهما.

وفي تقرير أعدته مراسلتها في الشرق الأوسط لويز كالاغان، قالت فيه إن فيلما قصيرا صورته صديقة لسهود الشريف في ربيع مشرق في لندن عام 2014 حيث كانت تمشي في الشارع الرئيس بكامدين- شمال لندن، وكانت ترتدي الجينز، وتوقفت للحديث مع عدد من المغنين المتجولين ونظرت إلى قنال ريجينت وابتسمت للكاميرا. وكانت سهود التي تدرس الأفلام، في سن 21 عاما وتعيش مع إخوتها ووالدتها الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز، أصغر بنات الملك الثاني للسعودية، الملك سعود. وكانت الأميرة، سيدة الأعمال تملك مقهيين في شارع راق في لندن وتدعو لحقوق المرأة، وقد أحبت سهود أمها حتى العبادة. وقالت في الفيلم “النجاح بالنسبة لي هو أن اجعل أمي فخورة بي”.

وبعد خمسة أعوام من تصوير الفيلم القصير وفي 28 شباط/فبراير 2019 اعتقلت هي ووالدتها في مدينة جدة. وفي المكالمات المتقطعة خلال الأشهر التي تلت عملية الإعتقال أخبرتا العائلة أنهما تشتركان في غرفة في سجن الحائر سيء السمعة قرب الرياض.

وأصبح اعتقالهما معروفا في نيسان/إبريل 2020 عندما قام الفريق في بريطانيا الذي يدير حساب بسمة على تويتر ونيابة عنها بنشر سلسلة من التغريدات اليائسة تستعطف الملك سلمان وابنه ولي العهد، محمد بن سلمان للإفراج عنها وابنتها. وفي تغريدة قالت فيها: “تم اختطافي ورميي في السجن مع ابنتي بدون سبب”، مضيفة ان حالتها الصحية في تدهور مستمر وقد تموت.

ومنذ ذلك الوقت تقول المصادر المقربة من الأميرة (58 عاما) وابنتها (28 عاما)، إنهما لم تتصلا مع العالم الخارجي.  ولم يتم توضيح سبب اعتقالهما أو توجيه اتهامات لهما. وقال مصدر: “لقد توقفوا عن الرد، وتوقفوا بشكل مطلق وكل الإتصالات قطعت” و”لم يخبرونا إن ظلت في السجن نفسه أم لا، ومضت سبعة أشهر وبصدق فهي فترة صعبة”.

وعبر من هم على علاقة بالعائلة عن دهشتهم من اعتقال سهود، الشابة التي لا يعرفها الكثيرون، وكانت تجربتها الوحيدة في العمل العام قبل اعتقالها منذ عامين هو عملها المتقطع في مجال التسويق بمؤسسة والدتها. وقال هنري إسترامانت، الخبير في الدبلوماسية والمقرب من الأميرة عن سهود “كانت مجرد طالبة، طالبة أفلام ولا علاقة لها بأي شيء” و”لا علاقات لها، كانت طالبة ووضعوها في السجن”.

ورفضت السفارة السعودية في لندن التعليق، أما ممثل المملكة في الأمم المتحدة فقد رفض اتهامات التغييب القسري والاعتقال التعسفي وقال إن بسمة وابنتها اعتقلتا لارتكاب جرائم جنائية. وانضمت بسمة وابنتها لمجموعة أمراء سعوديين اختفوا بعد سجنهم في المملكة. ومع أن سبب اعتقالهم معقد وله علاقة بخلافات حول الميراث والخلافات الداخلية في العائلة المالكة إلا ان ما يجمع كل الاعتقالات هو أنهم لم يعودوا مقبولين من بن سلمان.

وفي العام الماضي اعتقل الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي دعمته واشنطن بسبب دوره في مكافحة التطرف الإسلامي، إلى جانب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز والذي نظر إليه مرة كثقل مواز لبن سلمان. وفي 2018 تم اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود في الرياض. وزعمت الحكومة السعودية أنه اعتقل مع عدد من الأمراء بعدما رفضوا دفع فواتير الكهرباء. وهو ما ينفيه المقربون منه. وكان سلمان يعيش في باريس ويملك عقارات بـ 60 مليون جنيه استرليني وكان شخصية معروفة وأراد الظهور بمظهر من يقيم علاقات مع المشاهير والنجوم. والتقط الصور في رحلاته  ووضع صوره معهم على صفحته في انستغرام. ويقول المقربون منه إنه ربما أزعج بن سلمان الذي اعتقد أنه حاول الدخول في السياسة.

وعندما أصبح بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية في 2017 جمع ما بين الإصلاح السريع والقسوة. فبعد رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات قام في 2018 باعتقال الناشطات اللاتي طالبن برفع الحظر وقبل صعوده إلى السلطة. وتم الإفراج عن الناشطة لجين الهذلول بعد 1001 يوما في السجن، ولكنها ليست حرة بالكامل فهي ممنوعة من السفر وتحت رقابة على تصرفاتها.

ولا يوجد أمل بالإفراج سريعا عن بسمة، فقد ولدت بالرياض عام 1964 وكان والدها الملك سعود بن عبد العزيز وأمها سورية. ومنذ ولادتها شهدت حياتها اضطرابا بعدما أجبر الملك فيصل والدها على التنحي عن السلطة. وأخذتها والدتها إلى بيروت حتى اندلاع الحرب الأهلية في 1975. وبعد انتقالها إلى لندن، تعلمت بسمة في سويسرا وبريطانيا منها عامين في مدرسة خاصة في جنوب غرب لندن. ثم عادت إلى السعودية وتزوجت من رجل ينتمي إلى عائلة سعودية معروفة وأنجبت منه خمسة أولاد. وبعد طلاقها بأربعة أعوام انتقلت إلى لندن. واندمجت جيدا في النخبة البريطانية، حيث عرفت بمظهرها من خلال غطاء رأسها الفضفاض وزيها الغربي. وألقت محاضرات في كامبريدج وأكسفورد وكانت داعمة قوية لمؤسسة شيري بلير للمرأة (وهي زوجة رئيس الوزراء السابق توني بلير).

وفي 2011 انتقلت إلى بيت كبير في تشيلسي مع 3 من أولادها بمن فيهم سهود. ويقول مقربون إنها كانت تذهب في نهاية الأسبوع مع أولادها إلى السينما “كل جمعة وكل أحد هو يوم العائلة”. ودعت بسمة إلى إصلاح وضع المرأة، مع أنها كانت حذرة في نقد أفراد العائلة ووجهت النقد للوزراء. وانتقدت الشرطة الدينية التي تم الحد من سلطاتها، لكن دعوتها إلى ملكية دستورية لم تتحقق. وتدهورت حالة الأميرة الصحية في السنوات الأخيرة حيث عادت إلى السعودية لكنها كانت تقضي نصف عام في سويسرا. وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة فقد تلقت العلاج من عدة عوارض صحية. وفي نهاية 2018 تم رفض تأشيرتها للسفر إلى سويسرا. وبحسب محاميها السابق عبد اللطيف بينت، لم يستمع لمناشداتها إلى الأمراء البارزين في العائلة الحاكمة بمن فيهم بن سلمان. وقال “كعضو في العائلة المالكة عليها الحصول على إذن بالسفر إلى الخارج، ولكنها لم تحصل على نعم أو لا ولم تحصل على رفض أو أي شيء، فقط تجاهل”.

ونظرا لحالتها الطارئة فقد استأجرت طائرة تركية خاصة لنقلها وابنتها سهود إلى سويسرا. وعندما كانتا في مدرج جدة يوم 22 كانون الأول/ديسمبر 2018 لم يتم السماح للطائرة بالإقلاع. وبعد أربع ساعات ونصف ومكالمات عبثية للمسؤولين عادتا إلى بيتهما في جدة.

وقال بينت “كان هذا صادما لها لأنها تعرضت للضغط من تلك اللحظة، لحظة مغادرة المطار والعودة إلى البيت حيث تعرضت وابنتها لضغط”. وتم معاملتها وابنتها وكأنهما كانتا تحاولان الهرب إلى المنفى. ويقترح بينت أن مرور الطائرة عبر تركيا إلى سويسرا، ربما كان سببا في الاعتقال، خاصة أن تركيا تعتبر مركز المنفيين السعوديين وقتل فيها الصحافي جمال خاشقجي في كانون الأول/تشرين 2018.

وسجلت كاميرات المراقبة ما حدث بعد شهرين من محاولة السفر إلى جنيف، فقد حضر إلى البيت مجموعة من الرجال كانوا بزي مدني وقدموا أنفسهم على أنهم حرس الأمير بن سلمان. وقالوا لها إن عليها مرافقتهم إلى قصر الأمير في مقابلة خاصة معه. وبحسب مصدر مقرب قالت لهم إن المقابلة تحتاج إلى رسالة أو مكالمة هاتفية. وبعد نقاش استمر ساعتين غادرت بسمة وابنتها في سيارتها الخاصة التي أحاطتها سيارات الأمن. وانتهت الأم وابنتها في صباح اليوم التالي في سجن الحائر.

وقال مصدر “بدلا من أخذها إلى القصر نقلت حالا إلى السجن وانقطعت عن العالم”. وقال المصدر إن “سهود لم ترض أن تترك والدتها وقالت إنها ستذهب معها وذهبت، ووضعتا في السجن معا”. وبعد عامين من الاعتقال وعشرة أشهر من الصمت، لا يزال المقربون من الأم وابنتها يبحثون عن أجوبة. وقال جوشوا كوبر، مدير منظمة القسط الحقوقية في لندن “هذا أمر مثير للقلق” و “لم يوجه لهما تهم أو حدد موعد للمحاكمة”.