دول » الكويت

مع تأخر تأليف الحكومة وتأجيل انعقاد البرلمان.. أزمة الكويت إلى أين؟

في 2021/02/18

الخليج أونلاين-

بعد قرابة شهر من إعادة أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، تكليف الشيخ صباح الخالد بتأليف الحكومة الجديدة، شهدت الكويت جملة من التطورات؛ كان أبرزها صدور قرار أميري بتأجيل انعقاد اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر، إضافة إلى تأخر إعلان التشكيل الحكومي.

وخلال مشوار الشيخ صباح الخالد لتشكيل الحكومة واجه سلسلة اعتذارات متواصلة من قبل المرشحين، خاصة مع محاولة مجلس الأمة قبل صدور القرار الأميري بتأجيل انعقاده تمرير عدد من القوانين؛ أبرزها قانون العفو الشامل، الذي يواجه اعتراضاً من قبل الحكومة.

وألقت حالة الاحتقان والتصعيد من أعضاء مجلس الأمة ضد الحكومة المرتقبة حتى قبل إعلانها، بظلالها على من يعرض عليهم المنصب، وفقاً لصحيفة "القبس" الكويتية.

ويقضي المرسوم الأميري بتعليق جلسات مجلس الأمة، بداية من الخميس 18 فبراير 2021، استناداً إلى المادة 106 من الدستور، ويستمر شهراً كاملاً.

وتقدم الشيخ صباح الخالد باستقالة الحكومة بعد شهر واحد فقط من تشكيل حكومته الثانية؛ بعدما احتدم الخلاف بينه وبين مجلس الأمة.

واتهم المجلس رئيس الوزراء بعدم التعاون معه، وقدّم استجواباً له، في يناير الماضي، ولكنه رفض المثول أمامه، ما أدى لتفاقم الأزمة بين الشيخ صباح الخالد ومجلس الأمة المكون من 50 نائباً.

حل المجلس

وتعيد الحالة السياسية الحالية في الكويت إلى الأذهان ما حصل حين أصدر أمير البلاد في حينها، الشيخ صباح السالم الصباح، قراراً أميرياً بحل المجلس، بتاريخ 29 أغسطس 1976، في أعقاب استقالة الحكومة نتيجة خلاف نشب بينها وبين مجلس الأمة، تمثل في اتهامات متبادلة بتعطيل مشروعات القوانين، الأمر الذي أدى إلى فقدان التعاون بين السلطتين.

كما سبق أن أصدر أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد الصباح، في مارس 2008، مرسوماً بحل مجلس الأمة وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، حيث جاء القرار الأميري بعد يومين من استقالة الحكومة برئاسة الشيخ ناصر المحمد الصباح؛ على خلفية إشكالات بين الحكومة والمجلس ناجمة عن تدخل الأخير في عمل الحكومة، وفقاً لبيان الاستقالة.

ويمكن لأمير الكويت استخدام صلاحياته الدستورية من خلال حل مجلس الأمة وإعلان انتخابات جديدة، أو تأجيل اتعقاده، إذ يعطيه الدستور الكويتي هذا الحق، فوفق المادة 106: "للأمير أن يؤجل، بمرسوم، اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهراً، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد".

كما تنص المادة 107 من دستور الكويت على أن "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى، وإذا حُلَّ المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل".

حق أصيل

رئيس تحرير صحيفة الشعب الكويتية الأسبوعية، حامد تركي بويابس، أكد أن تفعيل المادة 106 من الدستور الكويتي تعد حقاً أصيلاً لأمير البلاد، وهي خطوة كانت ورادة، وتأكدت باليقين مع إصدار مرسوم تأجيل انعقاد مجلس الأمة لمدة شهر كامل.

ويعد مرسوم الأمير حول تأجيل انعقاد المجلس، وفق حديث بويابس لـ"الخليج أونلاين"، رسالة مباشرة موجهة من السلطة في الكويت إلى أعضاء داخل مجلس الأمة، في ظل عدم وجود بوصلة وطنية حقيقية لاستمرار الوضع السياسي في الكويت.

وجاء قرار الأمير، حسب بويابس، "في ظل ما يمارس من سلوك لأعضاء في مجلس الأمة، وهو تدمير للديمقراطية في الكويت، حيث إن القادم سيكون أسود على الحياة السياسية في البلاد، لذلك فالنواب مطالبون بسمو التعامل في القضايا ذات المصير الوطني المشترك".

وحول تأخر تشكيل الحكومة يوضح بويابس أن الأسباب تعود إلى حالات الاعتذارات من قبل الشخصيات المرشحة لتولي مناصب وزارية في الحكومة؛ بسبب ممارسات بعض النواب في مجلس الأمة.

وحذر رئيس تحرير صحيفة "الشعب" من أن الكويت تهرول إلى الهاوية بفعل الأزمة السياسية التي تخلق أزمة اقتصادية، وهو ما يوجب على العقلاء اتخاذ المسؤولية الوطنية والأخلاقية لحماية البلاد.

أسباب التأخير

المحلل السياسي د. عايد المناع، يؤكد أن الاعتذارات التي تواجه الشيخ صباح الخالد واردة، وهي مرتبطة بالموقف الشخصي من قبل المرشحين، وطلبهم معرفة الوزارة التي سيحصلون عليها، وهو ما لا يعطيه رئيس الحكومة.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول المناع: "وارد أن تكون هناك اعتذارات من قبل المرشحين لعدم الدخول في الحكومة؛ لتجنب حدوث صدامات مع مجلس الأمة، خاصة فيما يخص قانون العفو الشامل، ووجود وجهات نظر معينة حوله".

ومن الأسباب التي تجعل الخالد يتأخر في إعلان حكومته، حسب المناع، وجود تيارات سياسية لها بعض المتطلبات للحصول على امتيازات معينة كالتوظيف، أو رفض القبول بكل شيء قبل الدخول بالحكومة.

وقد يكون التأخير، كما يرى المناع، لوجود مفاوضات مع جهات معينة للتهدئة مع مجلس الأمة، خاصة فيما يتعلق بقانون العفو العام الذي يحتاج إلى موافقة أمير البلاد قبل تطبيقه.

ويرجع المحلل السياسي الكويتي أسباب التأخير إلى أنه قد يكون متعمداً من قبل رئيس الحكومة؛ لانتظاره نتائج الطعون المنظورة أمام المحكمة الدستورية، والتي قد تصل إلى حل مجلس الأمة في حال تم قبولها جميعاً.

وبشكل عام، يوضح المناع أن تأخر إعلان الحكومة سيعطل التشريعات القانونية في البلاد.

مهام الحكومة

في حال نجح الكويتيون في تجاوز الأزمة وتم تشكيل الحكومة، فإن أمامها الكثير من الملفات الصعبة؛ أبرزها تخفيف حد التصعيد مع مجلس الأمة وأعضائه، الذين يواصلون عقد الاستجوابات لوزراء الحكومة، والتي كان أبرزها محاولة استجواب رئيس الحكومة المكلف.

وقدم مجلس الأمة الجديد، في السادس من يناير الماضي، استجواباً لرئيس الحكومة اتهمه فيه بعدم التعاون مع البرلمان، وهو ما تسبب في تقديم الوزراء استقالتهم من الحكومة.

وتسببت الاستجوابات من البرلمان الكويتي للحكومة بأزمات سياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأدت غالباً إلى استقالة وزراء أو استقالة الحكومة بأكملها أو حل البرلمان، كما حدث بتقديم حكومة الشيخ صباح الخالد استقالتها.

وإلى جانب أزمة مجلس الأمة تواجه الحكومة الكويتية الجديدة ملفات بارزة؛ أهمها التداعيات الاقتصادية التي تركتها جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط، ما يجعلها أمام مهمة صعبة لمواجهة التحديات الاقتصادية.

وتشهد الكويت أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها تقريباً؛ بعدما عصفت تداعيات جائحة كورونا وما ترتب عليها من تهاوٍ بأسعار النفط بجزء ليس بسيطاً من اقتصاد البلاد، ودفعها للاستدانة وتقليص النفقات.

وخلال السنة المالية (2019-2020)، سجلت الكويت عجزاً بمقدار 18.4 مليار دولار، بزيادة 69% عن العام السابق، وفق بيانات صدرت عن وزارة المالية بالكويت، فيما توقعت الأخيرة عجزاً بمقدار 12.1 مليار دينار (نحو 40 مليار دولار) في موازنة الدولة للعام المالي (2021-2022).

كما تواجه الحكومة الجديدة صعوبات في مواجهة الفساد، وطريقة إدارة موارد الدولة، والفساد في الإدارات الحكومية، إضافة إلى قضية المقيمين وتقليص عددهم في المواقع الحساسة والمهم في البلاد.

وسيكون أمام الحكومة مشكلة جديدة قديمة؛ وهي أزمة البدون التي لا تزال مسيطرة على الوضع الداخلي، حيث تعيش هذه الفئة السكانية في الكويت ولا تحمل جنسية البلد، ويبلغ عددهم قرابة 96 ألف شخص، بحسب بيانات رسمية.

ويناقش حالياً في الكويت اقتراحان؛ الأول من أجل معالجة مشكلة "البدون"، والثاني يتعلق بإنشاء جهاز مركزي للجنسية، هدفه معالجة بعض الأخطاء الحاصلة في ملف الجنسية، وإيقاف التزوير وكشف المزورين.