علاقات » اميركي

بايدن vs ابن سلمان: أين أوراق القوّة الخليجية؟!

في 2021/03/02

(أحمد شوقي\ راصد الخليج)

بعد إصدار إدارة بايدن تقييمًا استخباراتيًا أمريكيًا يخلص إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على العملية التي قتلت الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست "جمال خاشقجي" في عام 2018، صدرت ردود أفعال غاضبة من السعودية بشكلٍ رسمي، وتبعتها مساندات رسمية خليجية أُخرى.

واستند التّقرير، الذي رفضت إدارة ترامب تقديمه إلى الكونغرس بعد مقتل خاشقجي، إلى سيطرة ولي العهد على صنع القرار في المملكة العربية السعودية، وتورّط المستشار المقرّب سعود القحطاني، ودعم محمد بن سلمان لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج.
والشاهد هنا أنّ إدارة ترامب كانت متواطئة لمصالح لها مع السعودية، وقبضت ثمن تواطُئها، على هيئة مزيد من الابتزاز المالي والسياسي.

إلّا أنّ إدارة بايدن، والتي تقوم شرعيتها على التّمايز عن إدارة ترامب والتّعهد بإصلاح آثار جرائمها السياسية، لا تستطيع الاستمرار مع هذا التواطؤ، وفي ذات الوقت لا تستطيع المضي قدماً في إجراءات تصعيدية مباشرة مع ولي العهد، وهو ما يعني خسارة الأسرة الحاكمة، وهو ما سيترتّب عليه تعقيد كبير في عدد من الملفات، ويطال الأمر الداخل الأمريكي، عبر تداعيات اقتصادية لشركات ومؤسّسات وكذلك تأثيرات على قطاع النفط، وهو ما يجعل يد بايدن مغلولة إلى حدّ كبير في الضغط المباشر على الأسرة الحاكمة.

نعم هناك قناعات بأنّ الولايات المتحدة هي الحامية للنظام السعودي، وأنّ أنظمة الخليج بشكلٍ عام لا تستطيع الصمود أمام الضغوط الأمريكية أو الإقدام على خطوات سياسية أو عسكرية دون ضوء أخضر أو إذن.

إلّا أنّ هناك ملفات ليست بهذه البساطة التي تفرضها موازين القوى وطبيعة العلاقة منذ النشأة، وعلى رأسها الملف الشخصي المتعلّق بالنّظام ذاته وبأفراده، فما بالنا ولي العهد! وقد صدرت من الكويت والإمارات بيانات مساندة، وتبعتها بيانات مشابهة من عدّة مؤسّسات عربية، وهو إعلان سعودي وخليجي بشكلٍ عام على التّكتل في مواجهة استهداف شخص ولي العهد.

ولنا هنا عدّة ملاحظات:

الأولى: أنّ التّكتل يحدث بشكلٍ شخصي ولحماية شخص، وليس لقضية عادلة أو مبدأ أو ثابت وطني، وهو تكتّل يحمل في طيّاته حماية للنفس أيضاً، باعتبار أنّ تمرير محاسبة شخص من الأسرة الحاكمة، قد يشكّل سابقة تتبعها المزيد من الحوادث لأفراد آخرين في أقطار الخليج الأخرى.

الثانية: أنّ حسابات إدارة بايدن ومراكز الفكر الأمريكية مبنية على أنّ ردود الفعل السعودية والتي يخشى منها الأمريكيون، تتعلّق بعدم التّعاون مع العدو الإسرائيلي وعرقلة مسار التّطبيع، وكذلك عدم تمويل بعض العمليات والإجراءات الأمريكية العسكرية في المنطقة، ووصف تقرير لخبراء المجلس الأطلسي، الرد السعودي المتوقّع كما يلي:

"من المرجّح أن تؤدي الإجراءات الأمريكية التي تقوّض احتمالات تولي ولي العهد للحكم إلى ردود فعل من الرياض على جبهات متعدّدة. يمكن تقليص الاستثمار الأجنبي المباشر السعودي في القطاع الخاص الأمريكي؛ يمكن إعادة توجيه مشتريات الأسلحة السعودية المعلّقة والمستقبلية من الشركات الأمريكية إلى الشركات الصينية أو الروسية أو البريطانية أو الفرنسية؛ والتّعاون السعودي مع الصين في البرنامج النووي المدني للمملكة وفي برنامج الصواريخ، الذي يشرف عليه حاليًا فرع كامل من القوات المسلحة السعودية بمساعدة مستشارين صينيين مقيمين، يمكن أن يكثف. يمكن للحكومة السعودية أن تتّخذ قرارات بشأن إنتاج النّفط من شأنها أن يكون لها تأثير سلبي على أجندة بايدن للطاقة الخضراء أو ترفع أسعار الوقود إلى مستوى يُثير استياء قاعدة بايدن السياسية.

قد تنظر المملكة العربية السعودية في طلبات من قوى عظمى أخرى أو حلفائها لإنشاء قواعد داخل المملكة ، وإرسال عشرات الآلاف من الطلاب السعوديين الذين يدفعون تقليديًا الرسوم الدراسية كاملة في الكليات الصغيرة في جميع أنحاء الولايات المتّحدة للعثور على وجهات تعليمية أخرى. من المرجح أن ترفض المملكة العربية السعودية بأدب أي طلبات أمريكية للمساعدة في استقرار سوريا أو تنسيق الإجراءات في العراق أو لبنان. في عام 2018، استجابت المملكة لطلب مباشر من بريت ماكغورك ، المنسق الأمريكي لمكافحة داعش في ذلك الوقت ، للحصول على 100 مليون دولار كمساعدات لتحقيق الاستقرار في سوريا".

وهذه الخطوات السعودية وربما الخليجية بشكلٍ عام إذا ما استمرّت المساندة للسعودية، تعني بشكلٍ مباشر، تخفيض مزايا التبعية وتقليص الخدمات للاستعمار، والتّوقف بشكلٍ مؤقّت عن التّمادي في التّفريط والمهانة!

والسؤال هنا: هل هذه هي أوراق القوة الخليجية؟ وهل باتت هذه الأوراق مخزية تستمر في التّبعية ولا تنتفض إلّا للدّفاع عن أشخاص دون مبادئ، وعندما تنتفض فإنّها تخفض مزايا التبعية بدلاً من العدول عن خيار التّبعية والعودة للأمّة وقضاياها لعلّ التّوبة تكون مقبولة؟!