دول » الكويت

هل تعطل استجوابات البرلمان الكويتي أجندة الحكومة والمعارضة؟

في 2021/03/30

كورتني فرير - منتدى الخليج الدولي - ترجمة الخليج الجديد-

من المعروف أن النظام السياسي في الكويت كان في حالة من الجمود الدائم خلال معظم العقد الماضي. وعادة ما يتمتع البرلمان بسلطة كافية لعرقلة تصرفات السلطة التنفيذية التي يعارضها، لكنه في كثير من الأحيان لا يمتلك السلطة السياسية لوضع أجندته الخاصة بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.

وتتفاقم هذه المعضلة بسبب حقيقة أن أعضاء مجلس الوزراء المعينين من قبل أمير البلاد، بالرغم من عدم انتخابهم، يعتبرون أعضاء في البرلمان أيضا. وبالرغم أنهم لا يستطيعون التصويت بحجب الثقة عن زملائهم الوزراء، إلا أن موقعهم في البرلمان يسمح لهم بتقويض أجندة المعارضة. 

ومنذ عام 2012، أصبح القضاء نشطا بشكل متزايد في الفصل في القضايا ذات الخلفية السياسية، ما زاد من تعقيد الساحة السياسية وترك للمعارضة آلية فعالة واحدة فقط لدفع أجندتها، وهي الاستجوابات الرسمية لوزراء الحكومة. وأدى الاستخدام المتكرر لهذا الإجراء إلى تصعيد التوترات بين المعارضة والسلطة التنفيذية.

وأصبح استجواب الوزراء الآن الأداة الرئيسية للمعارضة السياسية في مجلس النواب الكويتي. ومن خلال هذا النهج ، يُظهر أعضاء المعارضة التزامهم بمحاسبة القطاعات غير المنتخبة في الحكومة، فضلا عن طرح بعض القضايا السياسية التي يعتبرونها مهمة للناخبين.

ومع ذلك، فإن الاستجوابات المتكررة لم تحرز تقدما في معالجة العديد من مشاكل الكويت، بما في ذلك تحدياتها المالية الأكثر صعوبة، حيث يعرقل تغيير الحكومة المتكرر تنفيذ أجندة أي حكومة. ونظرا لأن الاستجوابات يتم الدفع بها لأسباب متنوعة، فقد أصبحت وحدة المعارضة والضغط من أجل سياسة أو أجندة معينة أكثر صعوبة، ما فاقم الجمود السياسي الحالي.

الحلقة المفرغة.. كيف تغذي الاستجوابات الجمود في الكويت

ومنذ انتخابه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، واصل البرلمان الكويتي الحالي، مثل سابقه، إثارة القضايا المتعلقة بالفساد السياسي وسوء الإدارة من قبل مجلس الوزراء المعين. 

وفي 17 فبراير/شباط الماضي، أصدر الأمير الشيخ "نواف الأحمد الجابر الصباح"، الذي تولى السلطة في سبتمبر/أيلول، مرسوما أميريا بالاستناد إلى المادة 106 من الدستور بتأجيل الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة لمدة شهر اعتبارا من 18 فبراير/شباط. وقد اتخذ هذا الإجراء بعد استقالة مجلس الوزراء بأكمله في يناير/كانون الثاني الماضي، بعد خلافات كثيرة مع البرلمان والعديد من طلبات الاستجواب.

وكان نفس المرسوم بتأجيل افتتاح البرلمان قد صدر في وقت سابق في عام 2012، عندما علق الأمير الراحل الشيخ "صباح" البرلمان قبل عقد جلسة مقررة لاستجواب وزير الداخلية السابق. وحينذاك، سبق تطبيق المادة 106 الحل الرسمي للبرلمان والدعوة لانتخابات جديدة.

واعتبارا من 2 مارس/آذار الجاري، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء نفسه، "صباح الخالد"، الذي غير 4 أعضاء من الهيئة لصالح ما تسميه الصحافة "سياسيون مخضرمون أقل إثارة للجدل". ومع ذلك، لا يزال 12 وزيرا في نفس المناصب، وأعرب العديد من أعضاء البرلمان عن عزمهم استجواب العديد منهم عند إعادة انعقاد البرلمان. وبالفعل، تضمنت الجلسة الأولى للبرلمان بعد عودة انعقاده، في 18 مارس/آذار، طرح عدة أسئلة على الوزراء.

السلطة القضائية تدخل الصراع السياسي

وازدادت بيئة النزاع بين البرلمان والسلطة التنفيذية تعقيدا عندما ألغت المحكمة الدستورية، في 14 مارس/آذار، عضوية المعارض الرئيسي "بدر الداهوم" في البرلمان. وقضت المحكمة بعدم أحقية "الداهوم" في الاحتفاظ بمقعده، لأنه أدين عام 2014 بتهمة إهانة الأمير السابق الشيخ "صباح".

وكان التشريع الذي اتُهم "الداهوم" بموجبه، والصادر عام 2016، قد منع من أدينوا بهذه الجريمة في الماضي من الترشح للبرلمان. ولا تعد هذه القضية جديدة على السياسة الكويتية، فقد أثيرت من قبل وأثارت استياء المعارضة التي كثيرا ما تكون هدفا لمثل هذه المزاعم.

وفي البداية، منعت لجنة بوزارة الداخلية "الداهوم" من الترشح للمنصب، لكن محكمة الاستئناف والنقض غيرت هذا الحكم لاحقا. ومنذ حكم المحكمة الدستورية، حشدت قبيلة "الداهوم"، وهي قبيلة "العوازم"، الدعم له. كما أصدر 28 نائبا بيانا انتقدوا فيه قرار المحكمة وأعلنوا عزمهم على تعديل قانون 2016 الذي أدى إلى عزل "الداهوم" من مجلس النواب.

علاوة على ذلك، تعهدت "مجموعة الـ16" من المعارضة بمقاطعة الجلسة الأولى للبرلمان إذا لم يتم التطرق إلى قضايا العفو عن الجرائم السياسية وإصلاح قانون الانتخابات. وفي النهاية، انعقد البرلمان مجددا في 18 مارس/آذار، وواجه الوزراء وابلا من الأسئلة.

كما تمت إحالة رئيس مجلس النواب "مرزوق الغانم"، إلى جانب 37 من النواب الخمسين الآخرين، إلى النيابة العامة لخرقهم قواعد "كوفيد-19" الخاصة بالتجمعات الاجتماعية، في اجتماع عقد في ديسمبر/كانون الأول، بالرغم أن رئيس الوزراء أمر بإسقاط هذه التهم. وفي حين أنه من غير المحتمل أن يتم عزل هؤلاء النواب من مقاعدهم بسبب هذه الاتهامات، فإن ذلك يشير إلى استمرار السلطة القضائية في لعب دور متزايد في السياسة الكويتية.

ومع ذلك، فإن الانتقادات التي تطال السلطة القضائية من قبل الحكومة والمعارضة، في مناسبات مختلفة، تشير إلى أنها لم تتحول لدعم أي من الجانبين بشكل فعال.

وأظهرت التطورات الأخيرة الصعوبات التي تواجهها المعارضة السياسية في الكويت للتوحد خلف سياسات محددة للإصلاح السياسي، نتيجة الاعتماد على الاستجوابات الفردية للوزراء بدلا من إظهار أجندة موحدة.

بدورها، أثارت هذه الاستجوابات التوترات بين السلطة التنفيذية والقضائية من جهة والسلطة التشريعية من جهة أخرى، ما أدى إلى استمرار الجمود في كل من أجندة الحكومة والمعارضة التي ترى أن الأولوية في تنفيذ الإصلاحات السياسية مثل التغييرات في قانون الانتخابات وقانون التشهير لعام 2016.