علاقات » ايراني

وفد رفيع في المنطقة.. ما الذي تريده واشنطن من حلفائها؟

في 2021/05/05

الخليج أونلاين-

مع دخول مفاوضات فيينا الرامية لإعادة الولايات المتحدة وإيران إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترامب عام 2018 مرحلة متقدمة، بدأ وفد أمريكي رفيع المستوى جولة في المنطقة لإيصال رسائل وتطمينات لبعض حلفاء واشنطن في المنطقة على ما يبدو.

وبدأ الوفد الذي يضم مسؤولين بارزين في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين إلى جانب مسؤولين أمنيين واستخباريين كبار (السبت 1 مايو) جولة في المنطقة تشمل الرياض وأبوظبي والقاهرة وعمَّان، من المقرر أن تستمر حتى السابع من هذا الشهر.

وأوضحت الوزارة في بيان أن الوفد سيلتقي مسؤولين كباراً في أبوظبي وعمّان والقاهرة والرياض، مشيرة إلى أنه سيبحث العديد من الملفات المهمة والمختلفة مع هذه العواصم.

برنامج الزيارة

بيان الخارجية الأمريكية قال إن الوفد سيؤكد للسعودية دعم الولايات المتحدة لأمنها، وسيبحث الجهود الدبلوماسية الرامية لوقف حرب اليمن، فضلاً عن ملف حقوق الإنسان وجهود المملكة لتحديث وتنويع اقتصادها والتعاون المناخي بين البلدين.

أما في أبوظبي فستجري مناقشة القضايا الإقليمية، ويسعى إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والإمارات.

وفي عمّان سيبحث القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز الشراكة طويلة الأمد للولايات المتحدة مع المملكة الأردنية، في حين سيبحث  مع المسؤولين المصريين العلاقات الثنائية، والأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي، وحقوق الإنسان.

ولم يشر البيان الأمريكي من قريب ولا من بعيد إلى المفاوضات الجارية مع إيران بشأن الاتفاق النووي، كما أنه لم يشر إلى "إسرائيل"، ولا إلى أي علاقة بين الجولة المفاجئة وبين زيارة الوفد الأمني الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة التي جرت قبل أيام قليلة.

ويوم الجمعة، كشف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن الوفد سيصل إلى الشرق الأوسط لتهدئة التوتر؛ مشيراً إلى أن موضوع إيران لن يكون في قلب هذه النقاشات.

وقال برايس إن الوفد سيناقش أموراً مهمة تتعلق بالأمن القومي الأمريكي والجهود المستمرة لتهدئة التوترات في الشرق الأوسط، ولكن اهتمامه لن ينصب على إيران أو أي شيء يتعلق بالمناقشات الجارية في فيينا.

ويرى مراقبون أن الأمريكيين حسموا أمرهم، وباتوا قاب قوسين من العودة إلى الاتفاق القديم الذي وقعه باراك أوباما عام 2015، أو توقيع اتفاق جديد يضمن التزامات أمريكية إيرانية متزامنة.

وقد صعد الإسرائيليون لهجتهم، حيث قال مدير الموساد الإسرائيلي، بعد مشاورات أجراها مع مسؤولين أمريكيين (الخميس 29 أبريل)، إن أي اتفاق سيئ مع إيران يعني بداية الحرب. 

وكان مسؤولون في جيش الاحتلال سربوا أخباراً قبل نحو شهرين عن وجود مشاورات بين "إسرائيل" ودول خليجية لردع التهديدات الإيرانية، كما أجرى مسؤولون عسكريون إسرائيليون، في مارس الماضي، زيارات للأردن وسلطنة عمان.

وسبق أن طالبت إسرائيل ودول خليجية في مقدمتها السعودية والإمارات بحضور أي اتفاق مرتقب بين الولايات المتحدة وإيران، لكن الأخيرة مضت في مسارها متجاهلة هذه الدعوات.

حلفاء واشنطن

والأسبوع الماضي، نقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن إدارة جو بايدن ستوفد مسؤولين إلى الشرق الأوسط لتهدئة مخاوف الحلفاء بشأن المحادثات.

وفي السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن إيران تشكل تحديات ومخاوف بسبب أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة. وأضاف أن البرنامج النووي الإيراني "أثار مخاوف المجتمع الدولي على مدى سنوات". 

كما قال الرئيس بايدن إنه سيعمل من كثب مع حلفاء واشنطن لمواجهة التهديدات التي تشكلها برامج إيران بالدبلوماسية والردع الصارم.

وتأتي زيارة الوفد بعد أيام من تهدئة الإدارة الأمريكية الجديدة لهجتها مع الرياض وأبوظبي، واتخاذها خطوات على طريق رفع تجميد بعض أنواع الأسلحة لكلا البلدين.

فقد أكد بلينكن (الثلاثاء 27 أبريل) أن الولايات ستتعامل مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، رغم وجود خلافات بشأن بعض الممارسات التي قامت بها المملكة.

وفي اليوم نفسه، قال ولي العهد السعودي في حديث متلفز إن الرياض وواشنطن تتفقان في 90% من القضايا المشتركة، وإن هذا التوافق يزيد ويقل بحسب الظروف.

والشهر الماضي، أبلغت الخارجية الأمريكية الكونغرس أنها ستمضي قدماً في بيع أسلحة دفاعية للسعودية والإمارات، بينها مقاتلات "إف-35" التي اتفقت عليها أبوظبي مع إدارة ترامب.

ووصفت الخارجية الأمريكية الإمارات بـ"الشريك المهم والنشيط في مكافحة الإرهاب"، كما وصفت الرياض بالحليف الاستراتيجي وقالت إنها لن تقف موقف المتفرج بينما أحد الحلفاء يتعرض للقصف كل يوم تقريباً، في إشارة لهجمات الحوثيين على السعودية.

زيارة مبكرة

الدكتور خالد الجابر، مدير مركز "مينا" للدراسات، قال إن الزيارة انتهت مبكراً، ومن الواضح أن الرسالة التي يحملها الوفد تتعلق بالقضايا التي تحظى بجدل كبير في المنطقة وخاصة ما يتعلق بتطمين بعض الدول بشأن الملف النووي الإيراني.

وقال الجابر، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إن التركيز على هذه الدول بالذات يأتي من منطلق أن الإدارة الأمريكية تريد تحجيم وسائل الإعلام التابعة لهذه الدول، والتي تقوم بعملية تخريب للجهود الأمريكية الجارية لحل الملف النووي الإيراني، خاصة أن واشنطن لا تريد سجالاً إعلامياً حول الصفقة من خلال بعض المحللين المحسوبين على الحكومات".

ويعتقد الجابر أن أبرز ما سيتناوله الوفد الأمريكي في الرياض هو حرب اليمن التي ما تزال تحظى بجزء كبير من اهتمام بايدن، مشيراً إلى أن أي تعامل بين الرياض وإدارة بايدن سيكون وقف الحرب اليمنية في القلب منه.

وستكون هناك رسالة أمريكية واضحة بضرورة وقف حرب اليمن، بحسب الجابر، الذي أشار إلى إمكانية عقد جلسات تفاوض حوثية سعودية على غرار ما يجري في فيينا حالياً بين واشنطن وطهران.

أما في مصر، يضيف الجابر، فسيكون ملف حقوق الإنسان هو الأكثر حضوراً خلال اللقاءات، خاصة أن بايدن يواجه ضغوطاً داخلية كبيرة فيما يتعلق بحماية الحريات في أكثر من مكان.

ولفت الجابر إلى أن الوفد الأمريكي وإن كان سيؤكد مواصلة الدعم الأمريكي لمصر، فإنه سيتحدث بقوة مع المسؤولين في القاهرة في مسألة قمع الحريات وسلوكيات أجهزة الشرطة تجاه المدنيين، كما أنه سيتحدث أيضاً عن حقوق الأقليات.

وختم الجابر حديثه لـ"الخليج أونلاين" بالقول إن ملفات إيران واليمن وقضية فلسطين ستكون الأكثر أهمية في جدول أعمال الوفد الأمريكي الذي سيناقش في الإمارات مسألة تصديق الكونغرس على صفقة مقاتلات "إف-35"، وفي عمّان مسألة الانتخابات الفلسطينية والأحداث الأخيرة التي شهدتها المملكة.