مجتمع » حريات وحقوق الانسان

لماذا يرفض عُمانيون القانون الجديد لمنح الأراضي؟

في 2021/05/10

الخليج أونلاين-

أثار قانون الأراضي الجديد الذي أصدرته وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في سلطنة عُمان حالة رفض واسعة بين صفوف العُمانيين، وسط مطالبات بالتراجع عنه، لكون الشروط "تعجيزية" للحصول على الأراضي، إضافة إلى أنه لم يراعِ حقوق المرأة، وبعض الفئات الأخرى، وفقاً لمختصين ومواطنين.

وتعود أسباب رفض العُمانيين القانون، لنشره رسمياً، دون عرضه على مجلس الشورى، وفقاً للنائب يعقوب الرحبي ممثل ولاية بدبد العُمانية، إضافة إلى وجود العديد من الطلبات والاشتراطات أمام منح الأراضي.

ويشترط القانون لمنح الأراضي الحكومية للرجل أن يكون أكمل 23 عاماً، وأن يكون معيلاً لأسرة مكونة من زوجة وأبناء أو أحدهما، أو يكون معيلاً لأحد الوالدين، أو معيلاً لنفسه شريطة ألا يقل عمره عن 40 سنة.

أما للمرأة فيشترط القانون أن تكمل المرأة 23 عاماً، وأن تكون العائل الوحيد لأسرتها، وتكون متزوجة من غير عُماني، ومقيمة في السلطنة إقامة دائمة، أو مطلقة، أو أرملة، أو مهجورة، وليس لديها أبناء، أو تكون معيلة لنفسها شريطة ألا يقل عمرها عن 40 عاماً.

ويمنح القانون قطعة الأرض للزوج والزوجة معاً وليس لواحد منهما فقط وغير المتزوجين فرصتهم بعد الأربعين وليس قبل ذلك، كما ستمنح ملكية قطعة الأرض للزوج والزوجة مشتركين بعد تعمير قطعة الأرض.

وسبق القانون إصدار سلطان عُمان هيثم بن طارق، الخميس الماضي، مرسوماً سلطانياً سامياً حول منح الأراضي الحكومية.

ويقضي المرسوم، وفق وكالة الأنباء العُمانية الرسمية، بأن يكون منح الأراضي الحكومية التجارية والسكنية التجارية والصناعية والزراعية بحق الانتفاع وفقاً للشروط والإجراءات المنصوص عليها في المرسوم السلطاني رقم 5/81 المشار إليه.

وقضى المرسوم بأن تسري على طلبات استحقاق الأراضي الحكومية السكنية المقدمة إلى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني قبل العمل بأحكام هذا المرسوم الضوابط والشروط المنصوص عليها في الملحق المرفق في هذا المرسوم.

وقضى المرسوم بأن يصدر وزير الإسكان والتخطيط العمراني القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا المرسوم، وإلى أن تصدر يستمر العمل بالقرارات القائمة بما لا يتعارض مع أحكامه، كما قضى بأن يلغى نظام استحقاق الأراضي الحكومية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 81/84 المشار إليه.

رفض شعبي

وعبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عبر كثير من العُمانيين عن رفضهم الواسع لقانون الأراضي الجديد، مطالبين وزارة الإسكان بالتراجع عنه.

وكتب عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، علي الحارثي، معقباً على القانون: "حسب فهمنا القاصر جداً فإن مرسوم الأراضي الجديد لم يحقق الأهداف والخطط التنموية للاستراتيجية العمرانية، فنرجو تكرماً من  وزارة الإسكان التوضيح بوضع كل هدف ويقابله البند الذي يحققه من المرسوم ومؤشر ذلك؛ أما ما جاء في بند الاستثناء فنأمل تقييده بحدود الحالات المستحقة، وألا يكون مطلقاً".

المواطن العُماني سليمان الراجحي، أكد أن ما ورد في مرسوم الأراضي من قرارات تخالف المادة 15 من النظام الأساسي للدولة، وهو العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، والمساواة بين المرأة والرجل.

وقال الراجحي في تغريدة له: "المادة 3 من قانون المعاملات المدنية العُماني لا يسري القانون على ما سبقه من وقائع ويتم تطبيق القانون فور صدوره".

الكاتبة العُمانية منى المعولي، تساءلت في تغريدة لها على حسابها في موقع "تويتر": "هل من العدل والإنصاف أن يأخذ أحدهم منح بالهكتارات (حسب قانون استحقاق الأراضي)، وكل أرض فوق 60 ألف متر مربع، ونبقى نحن اليوم غير مستحقين أرض بمساحة 600 متر؟".

الناشط العُماني سالم الذخري، أوضح أنه لم يجد في قانون الأراضي الجديد "أي إيجابية تستحق الذكر، بل به سلبيات أكبر على الفرد، وحتى على الدولة اقتصادياً، من حيث تقليل الحركة السوقية للبيع والشراء وتحصيل رسوم البيع للإسكان".

تراجع بالحقوق

المحامي بالمحكمة العليا في سلطنة عُمان، مهنا بن صالح المنذري، يؤكد أن القانون المعروض معدل، ولكن ما تم عرضه من مواد به، لم تكن متوقعة في الشكل المطروح، حيث إن الجهات المعنية عدلت القانون لوجود عدد من الطلبات التي تنتظر دورها وهي قرابة الـ500 ألف في عموم السلطنة.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول المنذري: "القانون والمواد الواردة فيه تشكل تراجعاً في حقوق المواطن؛ فقد كانت المرأة تحصل على حقها وفق القانون مساواة بالراجل، وأما حالياً فهي لا تحصل على الأرض إلا إذا كانت معيلة أو أرملة أو مطلقة أو مهجورة، تحصل على الأرض بعد سن الأربعين".

ويترك القانون، وفق المنذري، إشكالية من الناحية الاقتصادية؛ "لأن دورة العقار ستقل بسبب عدم وجود أراضٍ يتم تداولها في السوق".

كذلك فقد شاب القانون، حسب المنذري، "إشكالات في حالة أن الأرض سجلت باسم الرجل وزوجته، وفي طبيعة الحال تحصل حالات طلاق، أو عدم الوئام، وهنا قد تحصل مشكلة بأمر المنزل أيهما له الحق فيه، وتكون الملكية مشتركة".

ويعقب بالقول: "بالنص الحالي لم يراعِ القانون الجديد فئات المجتمع المختلفة، ولكن وزير الإسكان يقول إن هناك حالات استثنائية وسيتم الإعلان عنها بعد اعتمادها من مجلس الوزراء، وسيتم مراعاة ذوي الدخل المحدود، والأسر التي تتولاها وزارة الشؤون الاجتماعية، ولكنه حالياً مجرد من أي استثناءات".

وأمام الرفض الشعبي، وإمكانية التراجع عن القانون، يقول المحامي بالمحكمة العليا في سلطنة عُمان: "قد تصدر ملاحق له، ولكن القوانين حين تصدر تكون مدروسة ومراعية لكل الاعتبارات السلبية والإيجابية، والقانون لم يعرض على مجلس الشورى، وكان يجب أن يمر عليه، وفق أحد أعضاء المجلس".

تغيير جذري

بدوره، يرى الإعلامي العُماني، سالم العمري، أن بعض الخطوط العريضة المهمة من تفاصيل المرسوم السلطاني الأخير بشأن الأراضي الحكومية هي خطوط تكشف عن تغيير جذري وأشبه بالثورة في مفهوم توزيع الأراضي السكنية في السلطنة.

وفي مقال له بموقع إذاعة "وصال" العُمانية، نشره الأحد 9 مايو، يقول العمري: "تنظر الوزارة إلى أن ربط أولوية الاستحقاق بالأسرة وليس الفرد منفصلاً على أنه الحل الأمثل حالياً لتحريك ملف الأراضي الراكد والطلبات المتراكمة منذ سنوات".

ولا أحد ينكر، وفق العمري، أن "هدف الربط السابق نبيل، وله إيجابيات أبرزها محاولة صنع معالجة جديدة ومختلفة كلياً عن السابق فيما يتعلق بتوزيع الأراضي".

ويستدرك بالقول: "إلا أن هذا الربط بالأسرة يطرح أسئلة كثيرة، أولها عن ما ذنب أولئك الذين قرروا أن يتحملوا قرضاً بنكياً لشراء أرض على أمل أن تمنحهم الحكومة قطعة أرض قد يساهم بيعها في تسديد جزء مما استدانوه؟".

وتساءل العمري، عن ضمان آلية تحديد الأسر المستحقة وغير المستحقة حسب الأولويات الجديدة، وأهمية الشفافية فيها، ومدى ضمان تطبيق هذه الأولوية.

كما انعكس التغيير الجذري، حسب العمري، على سوق العقار وعلى الطبقة المتوسطة في المجتمع.

ولم تأتِ تفاصيل القانون، كما يوضح الإعلامي العُماني، على معظم أسئلة الناس، ولكن ربما تأتي الإجابة من خلال التوضيحات الإعلامية القادمة من الوزارة.