خاص الموقع

بعد بركة الحاخام الأكبر...هل بدّلت الإمارات دينها؟

في 2021/06/01

(أحمد شوقي/ راصد الخليج)

يعرف القاصي والدّاني أنّ أمريكا هي الدّاعم الأوّل والأكبر للمشروع الصهيوني، وأنّ مُنحنيات العلاقة الظّاهرة التي تتراوح أحيانًا بين ما يبدو أنّه توتّر أو خلاف، لا يمسّ جوهر التّحالف العضوي بينهما، أمّا وأن تأتي دولة من المُفترض أنّها عربية وإسلامية وتزايد على الموقف الأمريكي والذي أبدى بعض التّحفظات الشكلية في الجولة الأخيرة بغزّة، فهو ما لا يمكن تفسيره، قبل أن يكون من غير الممكن قبوله.

الإمارات خرجت عن الصف العربي والإسلامي بشكلٍ لا تبدو معه الرّجعة، خاصّة بعد موقفها الأخير من جولة "سيف القدس"، والتي بدت أنّها والعدو كيان واحد.

وقد ختمها سفير الإمارات لدى كيان العدو بمشهد مسرحي مخز وبتصريحات تزايد على الولايات المتّحدة نفسها في دعمها للعدو.

عقد سفير الإمارات لدى (إسرائيل) محمد محمود آل خاجة لقاء في مدينة القدس المحتلة مع أحد أبرز الزعماء الروحيين لليهود الأرثوذكس في دولة العدو.

ونشرت الخارجية الإسرائيلية على حساب "إسرائيل بالعربية" الذي تديره في "تويتر" صوَرًا تُظهر السفير الإماراتي وهو يزور منزل رئيس مجلس حكماء التوراة، الحاخام الأكبر شالوم كوهين في القدس المحتلة.

وأكّدت الوزارة أنّ الدبلوماسي العربي تلقّى من الحاخام البارز "بركة الكهنة"، ودار الحديث بينهما عن "اتّفاقات أبراهام" المبرمة بين (إسرائيل) وبعض الدول العربية على رأسها الإمارات.

وتبادل السفير الإماراتي والحاخام الهدايا الرمزية، كما دعا آل خاجة الزعيم الروحي اليهودي إلى حضور مراسم افتتاح معبد "الديانات الإبراهيمية الثلاث" في أبو ظبي.

ليس هذا هو الموقف الأوّل للسفير الإماراتي والذي تخطّت تصريحاته نطاق الدبلوماسية لتَصل إلى نطاقات أخرى أشبه بتصريحات العشق والغرام بالعدو.

فقد أكّد السفير الإماراتي في تصريحات سابقة، أنّ الإتفاق الإبراهيمي يفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أنّ أبوظبي وتل أبيب لديهما رؤية مشتركة للتّسامح.

وقال السفير الإماراتي خلال تقديم أوراق اعتماده للرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، إنّ الإتفاق الإبراهيمي يعدّ إنجازًا تاريخيًا ستنعكس ثماره على المنطقة بأسرها.

وأضاف، أنّ كلّ خيار غير السلام سيعني الدّمار والفقر، وسأبذل كلّ الجهد لتوطيد الروابط والعلاقات بين شعبنا والشعب الإسرائيلي.

وتابع، سيظلّ الإتّفاق الإبراهيمي للسلام منارة مضيئة للتاريخ الإنساني، وآمل أن نعمل مع الشعب الإسرائيلي لتحقيق سلام دائم تنعم به شعوب المنطقة.

ولم يكتفي السفير بالتّصريحات، بل استخدم أيضا المقالات الصحفية التي يكتبها بنفسه، ونقلت السفارة الإماراتية في (إسرائيل)، في سلسلة تغريدات عبر تويتر، عن السفير قوله إنّ "الإتّفاقية الإبراهيمية استطاعت تغيير التاريخ، وصنعت مرحلة مختلفة في المنطقة عنوانها التّقدم والتّعاون".

وأضاف أنّ الإتّفاقية "أنهت زمن التّباعد والقطيعة، وافتتحت عهداً تنموياً جديداً".

وفي مقاله، تحدّث السفير عن "المجتمع الإسرائيلي المدهش الذي تتمازج فيه الثّقافات، نتيجة وصول اليهود إليها حاملين ثقافات وموروثات متعدّدة من العالم".

كما لفت إلى أنّ دولة الإمارات التي يجمع من فيها ثقافات الشرق والغرب أيضاً تشكّل "بوتقة صهر" للثّقافات من مختلف أنحاء العالم.

حالة العشق هذه بين الإمارات والعدو الصهيوني خرجت من نطاق قضية التّطبيع السياسي إلى نطاق التّحالف الإستراتيجي، حيث تعدّت نطاق التّصريحات، لتصل إلى دعم صريح للعدوان، وتبييض لصورة العدو، مدّعيًا أنّ الجزيرة والإخوان هم من يشوّهون صورة (إسرائيل) باعتبار أنّ المشروع الصهيوني بوجهه الإستعماري الإستيطاني العنصري المجرم لم يكن سابقًا على الجزيرة، أو على حتّى إنشاء جماعة الإخوان!!

والأمر أيضا تجاوز التّصريحات إلى نطاقات عملية خاصة بالدعم الاقتصادي والإستخباراتي وتمرير مشروع تصفية القضية داخل الوطن العربي.

في 24 سبتمبر 2019، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن خطط لبناء صرح يجمع بين الديانات السماوية الرئيسية الثلاثة، أي المسيحية، واليهودية، والإسلامية، وهو يُدعى بيت العائلة الإبراهيمية.
وذلك الإعلان كان قبل التّطبيع بشهور، وقبل صدور البيان المشترك للإتفاق الإبراهيمي المزعوم والصادر في 13 أغسطس 2020.

وعقدت اللّجنة العليا للأخوة الإنسانية اجتماعها العالمي الثاني في مدينة نيويورك الأمريكية في 20 سبتمبر/أيلول من عام 2019، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية "وام".

وخلال الاجتماع، كشفت اللّجنة الستار عن مشروع بيت العائلة الإبراهيمية، والذي سيضمّ كنيسة، ومسجد، وكنيس تحت سقف صرح واحد، وذلك "ليشكّل للمرّة الأولى مجتمعاً مشتركاً تتعزّز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات"، بحسب ما ذكرته الوكالة.

أي أنّ هذا المشروع وهذا التّسامح المزعوم كان تمهيدًا لهذا التّحالف الذي ارتدى ثوب التطبيع وهو أعمق كثيرًا من مجرّد تطبيع.

ماذا تخفي الإمارات إذن بعد أن نالت هذه البركة الحاخامية؟