من هنا وهناك » من هنا وهناك

السعودية وتنظيم كأس العالم.. حلم مشروع يواجه تحديات كبيرة

في 2021/06/02

الخليج أونلاين-

تحولت منطقة الخليج العربي إلى وجهة جذابة لاستضافة كبرى البطولات الرياضية العالمية في مختلف الألعاب، خاصة مع الاهتمام الكبير الذي يوليه قادة دول مجلس التعاون للرياضة ومسابقاتها.

وبعد عام ونصف من الآن ستتوجه أنظار العالم بأسره إلى دولة قطر التي تحتضن نهائيات كأس العالم لكرة القدم، في الفترة ما بين 21 نوفمبر و18 ديسمبر 2022.

وتعد هذه المرة الأولى التي تحتضن فيها دولة خليجية وعربية وإسلامية هذا الحدث الرياضي الكبير، الذي يقام مرة كل 4 سنوات، ولكن المنطقة ذاتها قد تكون على موعد مماثل بعد ثمانية أعوام بالتمام والكمال فما القصة؟

عرض محتمل

صحيفة "التايمز" البريطانية فجرت قنبلة من العيار الثقيل عندما كشفت، في 29 مايو 2021، عن رغبة سعودية بالترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم عام 2030، وهو ما يزيد من حدة المنافسة للفوز بتنظيم "أرفع حدث كروي في العالم".

الصحيفة البريطانية نقلت عن مصادر خاصة -لم تسمها- أن السعودية استعانت بشركة استشارية أمريكية "لتنسيق استراتيجية ملف استضافتها للبطولة"، مشيرة إلى أنها "لا تمانع تقديم ملف مشترك مع دولة من قارة أخرى، قد تكون أوروبا".

لم تكتفِ الصحيفة بما أوردته؛ وإنما ربطت خطط السعودية لاستضافة البطولة العالمية بمقترح الرياض لتقليل المدة الفاصلة بين بطولات كأس العالم من 4 سنوات إلى سنتين فقط، خلافاً للنظام المعمول به منذ انطلاق المسابقة عام 1930.

"التايمز" لفتت إلى أنه في حال نجحت السعودية في الظفر بتنظيم المونديال الكروي فإن البطولة ستقام في فصل الشتاء بسبب ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، وذلك على غرار التنظيم المرتقب لدولة قطر شتاء 2022.

وأشارت إلى أن السعودية سوف تواجهها عقبة في ملف استضافتها لكأس العالم؛ ممثلة بقضية قرصنة قناة تُدعي "بي آوت كيو" لحقوق بث بطولات رياضية كبيرة، في مختلف الألعاب.

تنافس شديد

مهمة السعودية لن تكون سهلة في ظل الملفات المطروحة على الطاولة حالياً لتنظيم كأس العالم 2030؛ إذ يبرز الملف البريطاني الإيرلندي الذي يضم إنجلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، إضافة إلى الملف الإسباني–البرتغالي، فضلاً عن عرض لاتيني مؤلف من الأرجنتين وتشيلي وباراغواي وأوروغواي؛ احتفالاً بالذكرى المئوية للبطولة الأولى التي استضافتها أوروغواي عام 1930.

كما تخطط 4 من دول البلقان للترشح بملف مشترك؛ وهنا يدور الحديث حول بلغاريا واليونان ورومانيا وصربيا، دون إغفال رغبة المغرب في الترشح لمونديال 2030 للمرة السادسة بعد 5 محاولات سابقة لم تتكلل بالنجاح، أعوام 1994 و1998 و2002 و2006 و2026.

مونديال قطر سيكون الأخير من نوعه الذي سيُقام بمشاركة 32 منتخباً، بعد قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) زيادة عدد المنتخبات بدءاً من نسخة 2026، التي تحتضنها الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والمكسيك بشكل مشترك.

نقاط قوة وتحديات

المحلل الرياضي السعودي صالح الداود، يقول إن ثقل المملكة الدولي وإمكانيتها المالية والثقافية واتساع مساحتها هو الذي يدفعها إلى التقدم للحصول على شرف تنظيم مونديال كرة القدم 2030.

وأوضح "الداود" في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن الحصول على حق استضافة المونديال سيواجه تحديات كبيرة؛ في مقدمتها استضافة قطر لمونديال 2022، وهو ما قد يحول دون القبول بتنظيم مونديال آخر قريب في الشرق الأوسط.

وأكد أن المملكة تمتلك البنية التحتية اللازمة والملاعب، فضلاً عن التنوع الثقافي، خاصة أنها تضم العاصمة المقدسة للمسلمين والمدينة المنورة، لكنه أكد أيضاً أن حظوظ المملكة في استضافة المونديال ستكون صعبة جداً بالنظر إلى قوة المنافسين المتوقعة، خاصة من الدول المتقدمة.

وأشار المحلل السعودي إلى أن استضافة المملكة لعدد من البطولات الرياضية العالمية المتنوعة في الراليات أو الملاكمة أو مباريات السوبر يعزز ملفها، مضيفاً: "نحن نرى قفزات هائلة في هذا المجال ضمن رؤية 2030 التي تسير بشكل متسارع".

وقال: إن الأهم "هو أن يكون لدى المملكة ملف قوي ومقنع، وأن تكون هناك زيارات للأطراف المؤثرة بالتصويت"، لافتاً إلى أنه يعول على الشغف الجماهيري ومكانة المملكة وعلاقاتها الدولية، علاوة على الخطوات المرتقبة في تعظيم البنى التحتية للمملكة.

وشدد الداود على أهمية الأماكن المقدسة والمناطق الجبلية والساحلية، والتي قال إنها ستجذب العديد من المشجعين، بالإضافة إلى الفنادق والمدن الترفيهية الأكبر عالمياً.

وقال إن العقبات ستكون في التكتلات المتمثلة في الدول الأوروبية وأمريكا الجنوبية، مشيراً إلى أن أفريقيا وآسيا ومن ضمنها الدول العربية والخليجية ستدعم ملف المملكة بشكل كبير، مشدداً على أن "إقناع هذه الأطراف وتكوين تكتلات سيكون أهم خطوة على طريق تذليل العقبات".

وأكد أن على المملكة "الاستفادة من الخبرات الدولية الموجودة في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في هذا المجال، والتعامل بشكل منظم على مبدأ تضارب المصالح لتجاوز العقبات".

اهتمام بالرياضة

شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً سعودياً متزايداً باستضافة البطولات الرياضية والتقدم بملفات لتنظيم بطولات رياضية أخرى؛ أبرزها دخول سباق المنافسة على تنظيم كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم 2027، مع قطر والهند وإيران بعد انسحاب أوزبكستان.

التصويت على الملف الفائز تأجل من صيف هذا العام إلى أكتوبر المقبل؛ بسبب جائحة كورونا، علماً أن الاتحاد الآسيوي تسلم من نظيره السعودي منتصف أغسطس الماضي ملف الترشح، والذي احتوى على 10 ملاعب مرشحة، منها ثلاثة جديدة سيتم إنشاؤها بالعاصمة الرياض ومدينة الدمام.

واحتضنت السعودية كأس السوبر الإيطالي لكرة القدم في مناسبتين متتاليتين عامي 2018 و2019، كما استضافت، في يناير 2020، النسخة الأولى من كأس السوبر الإسباني من أصل 3 مقررة على الملاعب السعودية.

ونظمت الهيئة العامة للرياضة -تحولت لاحقاً إلى وزارة الرياضة- مباراة "سوبر كلاسيكو" بين منتخبي الأرجنتين والبرازيل مرتين؛ الأولى في أكتوبر 2018، حيث كان الفوز من نصيب "راقصي السامبا"، قبل أن تستضيف مواجهة ثانية بينهما عرفت انتصاراً لـ"راقصي التانغو"، منتصف نوفمبر 2019، وسط حضور جماهيري غفير لمشاهدة المنتخبين المدججين بكوكبة من نجوم الساحرة المستديرة.

ولم تكتفِ العاصمة السعودية بذلك، إذ نجحت في الظفر باستضافة دورة الألعاب الآسيوية لعام 2034، وهي أكبر حدث رياضي في القارة الصفراء كبرى قارات العالم، بعد محاولتها تنظيم "آسياد 2030" التي اقتنصتها الدوحة.

"رؤية 2030"

"رؤية السعودية 2030"، التي أُطلقت في أبريل 2016، تضمنت أن الدولة "ستشجع الرياضات بأنواعها من أجل تحقيق تميزٍ رياضي على الصعيدين المحلّي والعالمي، والوصول إلى مراتب عالمية متقدمة في عدد منها".

وبحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية، في مايو 2018، فإن الرياضة السعودية شهدت مرحلة جديدة من صناعة التميز وزيادة الفعاليات وإطلاق المبادرات بما يحقق تنمية شاملة للقطاع الرياضي في المملكة، من خلال استضافة وتنظيم الأحداث الرياضية العالمية.

وأوضح التقرير أن رؤية المملكة ذهبت في تنمية قطاع الرياضة إلى "العمل على تحقيق جودة الحياة للمواطنين والمقيمين؛ من خلال بناء مرافق ومنشآت رياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، لكي يكون بمقدور الجميع ممارسة الرياضات المفضلة في بيئة مثالية".

بدوره نشر موقع قناة العربية السعودية تقريراً، في 28 أبريل الماضي، قال فيه إن السعودية أصبحت وجهة الأحداث الرياضية في العالم، بعد 5 أعوام من إطلاق "رؤية 2030"، منها نزال الدرعية للملاكمة في 7 ديسمبر 2019، الذي جمع البريطاني أنطوني جوشوا والأمريكي أندي رويز.

وتحتضن السعودية منذ عامين بطولة رالي داكار الصحراوي، الذي يعتبر أهم بطولة في رياضة السيارات، كما تستعد حالياً لاستضافة إحدى جولات "فورمولا 1" لسباقات السرعة، الذي سيقام في جدة أواخر العام الحالي.