ملفات » الفساد في السعودية

ما زالت تكافحه بالداخل.. السعودية تنقل تجربتها في مكافحة الفساد للعالم

في 2021/06/05

الخليج أونلاين-

حجم الفساد الكبير في المملكة العربية السعودية الذي تكشف عنه باستمرار سلطات البلاد، وقد وصل إلى شخصيات كبيرة ومهمة ومسؤولة في المملكة، كان وراء تمكن الرياض من امتلاك خبرة في متابعة قضايا فساد تضرب مختلف القطاعات من بينها القطاعات الأمنية بالغة الحساسية.

وبحسب تقرير "منظمة الشفافية الدولية" الأخير أحرزت السعودية تقدماً بسبعة مراكز عالمية في ترتيب مؤشر مدركات الفساد "سي بي آي" محققة المركز الـ51 عالمياً من أصل 180 دولة، وتقدمت في مركزها بين مجموعة دول العشرين الاقتصادية لتحقق المركز العاشر. 

التجربة السعودية في الكشف عن الفساد وداعميه والمستفيدين منه بالسنوات الأخيرة، كانت كفيلة بأن تجعل الأمم المتحدة توجه شكرها للمملكة؛ وذلك تقديراً لجهود الأخيرة في طرح مبادرة لمكافحة الفساد على مستوى العالم.

مبادرة الرياض

الخميس (3 يونيو 2021) تبنت منظمة الأمم المتحدة مشروعاً عالمياً أعدته السعودية لمكافحة الفساد الذي ينتشر في جميع دول العالم، وتكافح الحكومات للحد منه، بهدف توفير أموال طائلة لا يستفاد منها في الغرض الذي خُصصت له.

يحمل المشروع اسم الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد (GlobE)، وأعدته السعودية إبان رئاستها لمجموعة العشرين، العام الماضي، ونال رضا تلك الدول حينها قبل أن تتبناه الأمم المتحدة.

ستعمل الشبكة الجديدة على إنشاء شبكة عمليات عالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، وإنشاء منصة عالمية لتسهيل تبادل المعلومات بين تلك السلطات، وإطلاق برنامج لبناء القدرات داخل الشبكة لتلك السلطات أيضاً، خاصةً في الدول النامية.

مبادرة الرياض تلك تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي المشترك في مجال إنفاذ القانون بين الجهات المختصة في مجال مكافحة الفساد، وتطوير أداة سريعة وفعالة لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود.

الأمم المتحدة قالت في بيان: إن "مبادرة الرياض" تؤسس لمنصة عالمية تربط بين أجهزة مكافحة الفساد حول العالم، وإن هذه الشبكة العالمية ستوفر أموالاً مهمة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.

وقال عضو مجلس الشورى السعودي، هادي اليامي، في تصريحات نقلها التلفزيون السعودي، إن مبادرة بلاده العالمية في مجال مكافحة الفساد هي امتداد لجهود داخلية في المملكة، متوقعاً تحقيق نتائج إيجابية في مكافحة الفساد إذا التزمت الدول بالمبادرة.

فساد متشعب

آخر قضايا الفساد التي كشفت عنها السلطات السعودية كانت في 27 مايو الماضي، وفيها حكم القضاء بالحبس والغرامة على عشرات المدانين بالفساد، كان بينهم أمير وضباط ومديرون. 

وفي 19 مايو الماضي، قالت السلطات السعودية إنها باشرت في التحقيق بـ 117 قضية فساد خلال شهر رمضان الفائت.

وفي أبريل الماضي قالت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالسعودية، إنها باشرت قضايا فساد بملايين الدولارات تورط بها لواء متقاعد ونقيب وموظفون حكوميون ورجال أعمال ومواطنون.

ولا يكاد يخلو شهر من الكشف عن حالات فساد أو صدور أحكام قضائية بحق متهمين بقضايا فساد.

فساد قمة الهرم

لا يمكن الحديث عن الفساد في السعودية دون التطرق إلى ما جرى في نوفمبر 2017، حيث أوقفت لجنة مكافحة الفساد 18 أميراً والعشرات من رجال الأعمال والوزراء على خلفية تهم متعلقة بالفساد.

تلك الحملة الواسعة تؤكد أن الفساد يضرب قمة الهرم في حكومة المملكة، وهو ما يدل أيضاً على صعوبات جمة تواجه حملات مكافحة الفساد.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قاد تلك الحملة التي بقيت شهوراً مثار حديث وسائل الإعلام العالمية، وكانت من خلال "لجنة مكافحة الفساد"، التي يرأسها وأسسها في 4 نوفمبر 2017.

لا مفاجأة

الكاتب خالد السليمان يقول إنه لم يعد حجم الفساد وأسماء ومراتب الفاسدين تشكل أي مفاجأة.

وأضاف في مقال له بصحيفة "عكاظ" المحلية حمل عنوان "هل فاجأتنا بيانات نزاهة؟!" قائلاً: "هل هي مفاجأة أن يكون هناك فاسدون في مؤسسات رفيعة كالحرس الملكي أو الديوان الملكي؟ بكل تأكيد لا".

وأضاف: "أن نجد فاسدين في مثل هذه المواقع يستغلون وظائفهم بشكل غير نظامي أمر وارد".

وزاد: "بل إن مؤسسة القضاء نفسها لم تسلم من الفاسدين، فقد حملت بيانات سابقة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد إعلانات عن تفاصيل قضايا فساد وانتفاع ورشا تورط فيها قضاة وكتاب عدل".

واستطرد يقول: "فإذا كان أشخاص من أهل العمل الشرعي ممن أوكلت لهم الأمانة العدلية من ولي الأمر خانوها فكيف بغيرهم!".

وختم مقاله قائلاً: "باختصار.. المفاجأة ليست في حضور مثل هذه المؤسسات في بيانات نزاهة، بل كيف كانت ستكون في غيابها!".

نزاهة

مؤسسة مهمة أخرى تعمل في إطار مكافحة الفساد في السعودية كانت تأسست في مارس 2011، هي "هيئة الرقابة ومكافحة الفساد" (نزاهة).

هدف الهيئة حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها، وأفرادها، ومستقبل أجيالها.

تعمل الهيئة على حماية النزاهة ومكافحة الفساد في الأجهزة المشمولة باختصاصاتها، وهي الجهات العامة في الدولة، والشركات التي تمتلك فيها الدولة نسبة لا تقل عن 25%؛ وذلك لخلق بيئة عمل في تلك الأجهزة تتسم بالنزاهة، والشفافية، والصدق، والعدالة، والمساواة.

ولاحقاً صدر أمر ملكي بضم هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

محاربة الفساد

كم كبير من قضايا الفساد تتناولها وسائل الإعلام السعودية بشكل مستمر؛ ذلك يشير إلى توغل الفساد داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة.

في مقال له بصحيفة "مكة" المحلية، حمل عنوان "مكافحة الفساد لا تجامل!"، وصف الكاتب منصور الشلاقي ما تمر به المملكة بأنه "عهد الحرب الشرسة ضد الفساد والمتورطين فيه"، وهو تأكيد على حجم الفساد الكبير الذي تعاني منه المملكة.

ولفت النظر إلى أنه "لا يكاد يمضي شهر  إلا وتعلن فيه هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن صدور أحكام قضائية بحق عدد من المتورطين والمتهمين بقضايا فساد مالي وإداري".

وأوضح أن "كل قضية من تلك القضايا هي جريمة بحق الوطن والمواطن، فكم من مشروع صرفت له ملايين الريالات ونفذ على الورق".

وأضاف: "وفي كل مرة (...) نفاجأ بأرقام ضخمة من المبالغ التي تمت استعادتها من الفاسدين (...) ونتفاجأ بمتهمين يشغلون، أو كانوا يشغلون مناصب قيادية، وبمراتب ورتب عالية".