صحة » اجراءات

تحذيرات خليجية من العلاج بالخلايا الجذعية.. ما هي مخاطر هذه التقنية؟

في 2021/06/27

متابعات-

بدأ الترويج للعلاج بتقنية الخلايا الجذعية يتصاعد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ما دفع عواصم خليجية للتحذير من المخاطر التي تنطوي عليها هذه التقنية التي ما تزال محل دراسة وتجريب في أنحاء العالم.

المملكة العربية السعودية كانت أحدث الدول التي حذرت من مخاطر العلاج بالخلايا الجذعية، حيث قالت وزارة الصحة، أوائل يونيو الجاري، إن هذا النوع من العلاج عالي المخاطر، ويتم تحت إشراف طبي مشدد.

وتستخدم الخلايا الجذعية في علاج بعض حالات سرطان الدم الحاد، وفشل نخاع العظم، وأورام الغدد اللمفاوية التي لم تستجب للعلاج، مشيرة إلى أنه لم تثبت فعالية هذا العلاج حتى الآن مع حالات مرضية أخرى.

في حين لم يثبت نجاح الخلايا الجذعية في علاج أمراض السكري، أو مقاومة الشيخوخة، أو علاج أمراض القلب، أو الجلطات الدماغية، أو التهاب المفاصل وتآكلها، أو الشلل بأنواعه، أو الزهايمر، بحسب ما أكدته وزارات الصحة في السعودية وقطر والإمارات.

وقد أثارت بعض الحملات الدعائية التي أطلقها مشاهير دولة أوكرانيا بشأن إمكانية معالجة أمراض البشرة والسكري وأمراض القلب عبر هذه التقنية مخاوف المسؤولين الصحيين في الخليج، ما دفعهم لإطلاق التحذيرات.

ما هي الخلايا الجذعية؟

الخلايا الجذعية هي خلايا يتم استخراجها عادة من مصدرين رئيسين؛ هما أنسجة جسم الإنسان البالغ، وأنسجة مأخوذة من الأجنة، كما يسعى العلماء حالياً لمحاولة إيجاد طرق أخرى قد تمكنهم في وقت قريب من تصنيع خلايا جذعية من مصادر أخرى.

ولا تزال الخلايا الجذعية حتى اللحظة من المواضيع المثيرة للجدل علمياً، لا سيما عندما يتعلق الأمر باستخداماتها ومصادرها، كما أن غالبية العلاجات التي تعتمد على استخدام الخلايا الجذعية لم تحصل حتى اللحظة على أي موافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية.

وقد حذر العالم الياباني الحاصل على جائزة نوبل للطب، شينيا ياماناكا، في 2019، مما سمَّاه "وهم وسائل العلاج بالخلايا الجذعية".

وقال ياماناكا، الحاصل على جائزة نوبل عام 2012، إن هذا النوع من الممارسات يمثل تهديداً كبيراً؛ لأن الكثير من وسائل العلاج بالخلايا الجذعية يتم دون أي بيانات عن استخدام سابق على حيوانات التجارب.

وشدد على أنه يجب أن يفهم المرضى أنه إذا لم تكن هناك بيانات عما قبل المرحلة الإكلينيكية في مدى فاعلية وأمان طريقة العلاج التي يتبعونها فمن الممكن أن تكون خطيرة للغاية.

ويخشى متخصصون من أن تكون الخلايا الجذعية محل الجدل سبباً في تكوين أورام سرطانية لاحقاً، بالنظر إلى الخلل الذي يمكن أن تصيب به جهاز المناعة، لكونها علاجاً حيوياً يعتمد على تحريك خلية داخل الجسم بشكل معين، وهو أمر يحتمل خروج الخلية عن السيطرة.

تحذير وأبحاث

واحتل الأمر مساحة على مواقع التواصل وشاشات التلفاز الخليجية ومواقع الأخبار، وبدأ المتخصصون يطرحون تخوفاتهم بشأن هذا النوع من العلاج، الذي يؤكدون أيضاً أنها بمنزلة "ثورة علمية" لكنها ليست معتمدة حتى الآن، وتظل في مرحلة التجريب.

الطبيب السعودي الحميدي بن حوكة، أستاذ مساعد أمراض الدم، قال إن هذه التقنية تستخدم فعلياً في العديد من العلاجات منذ عشرات السنين، وهي آمنة وفعالة وبلا أضرار تقريباً، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر ينحصر في أمراض الدم والمناعة، دون غيرها.

وفي لقاء مع قناة "روتانا خليجية" قال ابن حوكة إن الخلايا المعتمدة (الحية) يتم الاعتماد عليها في علاج أمراض الدم والسرطان المستعصية، في حين تظل الخلايا الجذعية (المستزرعة معملياً) محل تجربة، ولا توجد أدلة قاطعة على جدواها في أمراض مثل السكري وغيرها.

وقال الطبيب السعودي إن تخليق الخلايا الجذعية على النحو الذي يجري الترويج له يثير مخاوف كبيرة بشأن خروج الخلية المزروعة في الجسم عن السيطرة؛ لكونها خلايا سريعة الانتشار، ومن ثم يمكنها إصابة الجهاز المناعي بخلل كبير ينتهي بنتائج سلبية على الصحة.

وتزامناً مع هذه التحذيرات تواصل دول الخليج العمل على تطوير الأبحاث المتعلقة بهذا النوع من العلاج؛ سعياً لتحقيق نتائج أكثر أماناً، خاصة أن المخاوف المعلنة كلها لا تنفي حقيقة أهمية هذا النوع من العلاج.

ففي أكتوبر 2018، وقع معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، اتفاقية للتعاون البحثي والتدريب مع معهد هارفارد للخلايا الجذعية، الذي يتخذ من مدينة بوسطن الأمريكية مقراً له.

وتتضمن الاتفاقية، التي تدوم فترة سريانها خمس سنوات، إطلاق برامج مهمة للتدريب التقني والتعاون البحثي في مجال بيولوجيا الخلايا الجذعية؛ بهدف التوصل إلى طرق علاج ناجعة لداء السكري.

وأواخر أبريل الماضي، وافق مجلس الشورى البحريني على إحالة اقتراح بقانون بشأن الخلايا الجذعية إلى الحكومة. ويهدف المشروع إلى تنظيم الإطار التشريعي للطب التجديدي ومصادر واستخدامات الخلايا الجذعية في العلاج والبحث العلمي والصناعات الدوائية.

نجاحات مثبتة

مقابل هذه التحذيرات أعلنت دول الخليج، خلال الأعوام الماضية، تحقيق نجاحات كثيرة على مستوى العلاج بالخلايا الجذعية (الحية)، وذلك بخلاف الخلايا (المستزرعة) محل التحذيرات.

ففي ظل موجة فيروس كورونا كانت الخلايا الجذعية حاضرة بقوة، حيث أعلنت الإمارات معالجة آلاف الإصابات خلال العام الماضي عبر هذه التقنية، تلتها في ذلك قطر والسعودية.

وفي العام 2017، أعلنت الإمارات نجاح علاج تآكل المفاصل عبر هذه التقنية بنسبة 60%، كما أعلنت وزارة الصحة السعودية، في يوليو 2018، نجاح مركز الأورام بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام في إجراء أول عملية لزراعة الخلايا الجذعية لعلاج الأنيميا المنجلة (أحد أنواع فقر الدم).

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (واس)، آنذاك، عن رئيس مركز الأورام بتخصصي الملك فهد بالدمام، الدكتور هاني الهاشمي، أن تطور التقنيات والبروتوكولات في زراعة الخلايا الجذعية وفرت فرصاً علاجية لمرضى أمراض الدم (الأورام)، إضافة إلى بعض الأمراض الوراثية كالأنيميا المنجلية وغيرها.

كما تمكّن فريق متعدد التخصصات الطبية في وحدة زراعة النخاع العظمي بالمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان، التابع لمؤسسة حمد الطبية في دولة قطر، من إجراء 53 عملية لزراعة خلايا جذعية ذاتية المصدر، في الفترة ما بين 2015-2019، إضافة إلى 12 عملية لزراعة خلايا جذعية من متبرعين بين 2017 - 2019.