علاقات » اوروبي

ماذا وراء توتر العلاقات بين إيطاليا والإمارات؟

في 2021/06/29

الخليج أونلاين-

تشهد منطقة الخليج توتراً سياسياً جديداً من نوعه، بين دولة الإمارات، وإيطاليا الدولة الأوروبية العضوة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والاتحاد الأوروبي، أحد أبرز شركاء أبوظبي.

ويبدو أن العلاقات الإماراتية الإيطالية آخذة في التصاعد السلبي على خلفية قرار اتخذته روما في يناير الماضي، يقضي بحظر تصدير الأسلحة والذخائر إلى الإمارات، بسبب مشاركتها في حرب اليمن.

ويطرح الموقف السياسي القائم بين الجانبين سؤالاً حول إمكانية تطور الخلاف خصوصاً مع تداعيات جديدة، وصلت إلى طرد أبوظبي قوات إيطالية من أراضيها.

حظر الأسلحة 

بدأت حرب اليمن قبل نحو سبع سنوات، بعد إعلان قيام تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة إماراتية واسعة، عقب سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً على العاصمة صنعاء عام 2014، إلا أن الأزمة اليمنية دخلت في نفق مسدود، حيث خلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وتسبّبت كذلك بنزوح ملايين الأشخاص وتركت بلداً بأَسره على شفا المجاعة، إضافة إلى تقارير دولية حول انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من مختلف الأطراف.

وفي ضوء ذلك، قررت الحكومة الإيطالية، في 29 يناير 2021، إلغاء تصاريح تصدير السلاح إلى السعودية والإمارات، وذلك تطبيقاً للقانون رقم 185 للعام 1999 والذي يمنع بيع السلاح للدول التي تنتهك حقوق الإنسان، إضافة إلى منع إصدار تصاريح جديدة، وهو الاستخدام الأول لهذا القانون.

وقال وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، إن بلاده أوقفت عمليات بيع آلاف الصواريخ للسعودية والإمارات، تنفيذاً لالتزام روما باستعادة السلام في اليمن الذي مزقته الحرب، وبحماية حقوق الإنسان.

وأضاف دي مايو في بيان: إن هذه خطوة ضرورية، ورسالة سلام واضحة، فـ"بالنسبة لنا، احترام حقوق الإنسان التزام لا تهاون فيه".

ويأتي هذا التطور في ضوء قرار تم اتخاذه بالبرلمان الإيطالي في ديسمبر 2020، لإلغاء تجديد تصاريح بيع الأسلحة والذخائر، في الوقت الذي أعلنت فيه منظمات حقوقية، بينها منظمتا العفو الدولية وأوكسفام، ترحيبها بهذا القرار.

ولم يكن حظر تصدير السلاح هو الأول من نوعه، حيث علقت شركة "RWM" الإيطالية المُصنِّعة للسلاح، في أغسطس 2019، عملية تصدير الأسلحة إلى السعودية والإمارات لمدة 18 شهراً؛ بسبب استعمالها في حرب اليمن.

ويبدو أن قرار الحظر لم يلقَّ قبولاً في الإمارات، حيث رفضت أبوظبي السماح لطائرة تابعة لسلاح الجو الإيطالي عبور الأجواء الإماراتية بطريقها نحو أفغانستان؛ ما أدى إلى تصعيد الموقف بين الطرفين.

وفي سياق ذلك استدعت الخارجية الإيطالية، في 8 يونيو 2021، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في روما، عمر الشامسي، وفق وكالة "آكي" الإيطالية.

وأشارت الوكالة إلى أن دولة الإمارات، ورغم خطة الطيران المتفق عليها بين البلدين، رفضت ولمدة ثلاث ساعات، السماح لطائرة "بوينغ-767" تابعة لسلاح الجو الإيطالي الإقلاع من مطار الدمام بالمملكة العربية السعودية وعبور الأجواء الإماراتية في رحلتها إلى هرات في أفغانستان.

وأوضح بيان مقتضب من وزارة الخارجية، أن الأمين العام لوزارة الخارجية أعرب للسفير الإماراتي عن "الدهشة وخيبة الأمل الشديدة" بشأن التصرف "غير المتوقع والذي يصعب فهمه" من جانب السلطات المعنية في دولة الإمارات.

من جانبه، انتقد وزير الدفاع الإيطالي، لورينزو غويريني، رفض السلطات في الإمارات عبور طائرة عسكرية لأجوائها في مسار رحلتها إلى هرات؛ للمشاركة في مراسم إنزال العلم الإيطالي وانسحاب البعثة العسكرية من أفغانستان.

طرد القوات الإيطالية

وفيما يبدو تصعيداً جديداً، قررت الإمارات طرد القوات الإيطالية من قاعدة عسكرية موجودة في إمارة دبي، ما يشير إلى فشل القنوات الدبلوماسية في احتواء التوتر القائم منذ أشهر.

وقال النائب في البرلمان الإيطالي وعضو لجنة الدفاع فيه، ماتيو بيريجو دي كريمناغو، إن قرار طرد القوات الإيطالية جاء رداً على قرار روما وقف تصدير الأسلحة للدولة الخليجية؛ لمشاركتها في حرب اليمن، وفق ما نقله موقع "ديفينس نيوز" الأمريكي في الـ26 من يونيو 2021.

وأشار السياسي الإيطالي إلى أن قوات بلاده في قاعدة عسكرية تسمى "المنهاد"، مُنحوا مهلة حتى الثاني من يوليو المقبل، لمغادرة الدولة.

وأضاف دي كريمناغو أن القوات الإيطالية بدأت الانسحاب بالفعل، وبينما يجري العمل من قِبل روما لتأمين إلغاء الإخلاء باللحظة الأخيرة، مشككاً في نجاح محاولة الحكومة الإيطالية وقف طرد القوات من القاعدة الإماراتية.

وأكّد قائلاً: إنه "عندما تنهار العلاقات في الخليج، من الصعب للغاية إعادة إحيائها".

من جانبه قال قائد القوات الجوية الإيطالية السابق الجنرال ليوناردو تريكاريكو للموقع، إن آخر طائرة إيطالية غادرت القاعدة يوم الخميس (25 يونيو 2021)، ولم يتبقَّ سوى معدات سيتم جمعها.

وأضاف تريكاريكو: إن "الإخلاء كان مجرد جزء من المعاملة القاسية التي تتعرض لها إيطاليا من قِبل الإمارات".

وقاعدة المنهاد في دبي تستضيف طائرات من دول مختلفة، وهي مُهمة لإيطاليا منذ أن اتخذت مساحة هناك في عام 2015، لتنظيم رحلات جوية فوق العراق وكمحطة توقُّف في طريقها إلى القواعد الإيطالية في أفغانستان.

فإذا تم تأكيد الإخلاء، فقد يعقّد الآن انسحاب إيطاليا المستمر من أفغانستان بشكل خطير، بحسب الموقع.

كما استخدمت إيطاليا أيضاً قاعدة المنهاد كقاعدة للرحلات الجوية لدعم العمليات متعددة الجنسيات في القرن الأفريقي والمحيط الهندي.

قرار متوقع

ورغم أن الإعلام الإماراتي لم يتناول ملف التوتر مع إيطاليا، فإن إعلام الأخيرة كانت لديه بعض التصورات حول الحالة الدبلوماسية التي وصل البلدان إليها.

فقد اعتبرت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية في يونيو 2021، أن استدعاء الخارجية الإيطالية للسفير الإماراتي لديها لم يسهم في تنقية الأجواء المتوترة بين البلدين، بل فاقمها.

واعتبرت الصحيفة أنَّ منع الإمارات الطائرة العسكرية الإيطالية من المرور بأجوائها، قُرئ في روما على أنه "تحذير أخير قبيل إغلاق قاعدة المنهاد الجوية الإيطالية بدبي".

ولفتت إلى الأهمية الاستراتيجية لهذه القاعدة الجوية التي تستخدمها القوات المسلحة الإيطالية منذ عام 2002، للربط بين وحداتها العسكرية في أفغانستان والكويت والعراق.

وترفض الإمارات الحكم على التزامها في الصراع الدائر باليمن بأنه "عدوان"، كما تعارض بشدةٍ الاتهامات الحكومية الإيطالية، والتي فُرض على أساسها حظر بيع قنابل وصواريخ وقاذفات، وفق الصحيفة.

وأضافت الصحيفة أن الخطاب الإماراتي لم تضفِ عليه أبوظبي مطلقاً الطابع الرسمي لكنه تصاعد إلى تهديد لكبرى الشركات الصناعية الإيطالية بأن "استمرار حظر توريد السلاح لأبوظبي لن يمكّن هذه الأخيرة من أن تكون شريكاً تجارياً مع روما ولا حتى حليفاً عسكرياً".

وتطالب أبوظبي الحكومة الإيطالية بتقديم اعتذار واضح مع إلغاء الحظر المفروض عليها، كما تطالب كذلك بضمانات بشأن نزاعات أخرى حصلت في الآونة الأخيرة، تخص قضايا قضائية بين شركات إيطالية وإماراتية، بحسب الصحيفة.

وأشارت إلى أن هناك "ضغائن أخرى لم تنحسر قط أيضاً بشأن قضية شركة بياجّو الإيطالية للطيران التي اشترتها الإمارات في السنوات الماضية، لتصنيع طائرات مسيّرة متطورة، ظلت حتى الآن في مرحلة تصنيع نموذجها الأوَّلي".