دول » دول مجلس التعاون

كيف تستفيد دول الخليج من الاستثمارات الخالية من الضرائب؟

في 2021/07/10

الخليج أونلاين-

محاولات جادة وطموحها أظهرتها دول الخليج لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل، وسط صراع محموم تبذله دول مختلفة لنيل تدفقات مالية هي بأمس الحاجة إليها، خاصة مع ما يعيشه العالم منذ عام ونصف من تداعيات اقتصادية مؤثرة بسبب جائحة "كورونا".

كان مجال الضرائب أحد أبرز الجوانب التي ركزت عليها دول خليجية لتحسين اقتصاداتها بجذب رؤوس الأموال الأجنبية عن طريق الاستثمار، بما يدعم النمو الاقتصادي ويحقق الاستقرار المالي.

وباتت ثلاث دول خليجية مصنفة على قائمة الدول الأكثر تساهلاً مع المستثمرين فيما يخص الضرائب؛ إذ حلت الإمارات والكويت وقطر ضمن قائمة الدول الأدنى عالمياً في معدلات الضرائب، وفق مجلة الأعمال Inventiva.

وبحسب ما ذكرت المجلة، السبت (3 يوليو 2021)، تصدرت دولة الإمارات قائمة الدول الأدنى عالمياً في معدلات الضرائب من أصل 10 بلدان، حيث تفرض أبوظبي ضريبة دخل بنسبة 0% على مواطنيها، و0% ضريبة الشركات (باستثناء شركات النفط والغاز والشركات التابعة للبنوك الأجنبية)، ومصادر الإيرادات الرئيسية للإمارات هي السياحة والنفط والغاز.

وجاءت الكويت في المركز الثاني، حيث تفرض ضرائب بنسبة 0% على الدخل الشخصي لسكانها، و15% ضرائب على الشركات، وتنعم بسادس أكبر احتياطي نفطي في العالم، ولديها أيضاً مخزون كبير من الغاز الطبيعي.

وحلت دولة قطر في المركز الثالث خليجياً والتاسع عالمياً، إذ تفرض ضريبة دخل شخصية بنسبة 0% على سكانها، و10% ضريبة على الشركات.

بيئة استثمارية

في خضم جائحة "كوفيد-19" أجرت الإمارات بالفعل إصلاحات اقتصادية عدة، وأصبح بإمكان الأجانب منذ الأول من يونيو 2021، إنشاء شركة وامتلاك رأسمالها بشكل كامل (مقارنة بـ49% سابقاً)، الأمر الذي كان متاحاً في السابق فقط في بعض المناطق الحرة.

وتهدف هذه الخطوة الإصلاحية إلى "تعزيز الميزة التنافسية"، و"تسهيل ممارسة الأعمال التجارية"، بحسب وزير الاقتصاد عبد الله بن طوق المري.

وتوقعت منظمة "أونتكاد" أن تكون الإمارات في مقدمة دول الخليج تعافياً من تداعيات كورونا، بالنظر إلى القوانين التي اتخذتها لمواجهة آثار الجائحة.

وسجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الإمارات، خلال 2019، أعلى مستوى لها منذ 2007، بعد أن ارتفعت إلى 14 مليار دولار (51.2 مليار درهم)، وبنمو نسبته 32.7% عن العام 2018، بحسب تقرير الأونكتاد.

وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي 74% في النصف الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019؛ إذ تسببت جائحة فيروس كورونا بتوقف أجزاء من الاقتصاد العالمي.

ووفق بيان صادر عن حكومة دبي، استقطبت الإمارة، المركز المالي والتجاري في الشرق الأوسط، 12 مليار درهم (3.3 مليارات دولار) في ستة أشهر تنتهي في 30 يونيو 2020.

ولم يقدم البيان أرقاماً للمقارنة، لكن الحكومة أعلنت، في 2019، استثماراً أجنبياً مباشراً في النصف الأول بقيمة 46.6 مليار درهم.

وبحسب "فرانس برس"، من المؤكّد أن الضرائب المحدودة في الإمارات كانت "محركاً مهمّاً لللمستثمرين الأجانب"، وفقاً للخبير في معهد دول الخليج العربي في واشنطن روبرت موغيلنيكي.

و"حتى مع التأثير المحتمل لضريبة الشركات العالمية الدنيا، ستظل البيئة الضريبية منخفضة نسبياً" في الإمارات، بحسب الخبير.

ويتوقّع أن يعيد "صناع السياسة الإماراتيون" هيكلة مختلف التكاليف المتعلقة بالأعمال، مشيراً إلى أنّ الدولة النفطية الثرية ستظل "مركزاً تجارياً تنافسياً".

ويقول موغيلنيكي: على المدى الطويل "لا أعتقد أنّ حكومة الإمارات أو مواطنيها سيعبؤون بالشركات أو المستثمرين الذين يهتمون فقط بالمعاملة الضريبية التفضيلية".

استثمار أجنبي مباشر

وفي الكويت ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، خلال الربع الأول من عام 2020، بنسبة 1.32% على أساس سنوي، وذلك وفق الإحصائية الفصلية الصادرة عن بنك الكويت المركزي، في نوفمبر 2020.

وسجل الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت على أساس سنوي، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2020، 4.313 مليارات دينار (14.139 مليار دولار)، مقابل 4.257 مليارات دينار (13.956 مليار دولار) بالفترة المماثلة من 2019.

لكن هذا الحجم مثّل تراجعاً على أساس ربعي بنسبة 3.19%، إذ كان يبلغ 4.455 مليارات دينار في الربع الرابع من 2019.

وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالكويت 1.075 مليار دينار (نحو 3.5 مليار دولار)؛ بين 1 يناير 2015 ونهاية مارس 2020.

الاقتصاد القوي

خلال العقدين الماضيين تمكنت دولة قطر من ابتكار مناخ استثماري مميز للمقيمين وللأجانب، إضافة إلى جملة من التشريعات واللوائح التي دفعتها لتصبح إحدى أقوى الاقتصادات في الشرق المتوسط وآسيا.

وما يشجع الجميع على الاستثمار في قطر، للأجانب والعرب، هو تمكنها من الحفاظ على نسب نمو قوية ومتوازنة على الرغم من التحديات التي تحيط بها.

مع استمرار قطر في تعزيز مكانتها كمركز سريع النمو للتجارة الدولية والاستثمار الأجنبي، يواصل مركز قطر للمال تزويد الأعمال ببنية تحتية ذات مستوى عالمي مبنية على النظام القانوني الدولي للقانون العام الإنجليزي.

ويرافق هذا نظام ضريبي جذاب، واتفاقيات بشأن إلغاء الازدواج الضريبي، تم التوقيع عليها من أكثر من 80 دولة، والملكية الأجنبية بنسبة 100% والعديد من خدمات دعم الأعمال بعد الترخيص

في بداية عام 2019، استصدر قانون الاستثمار الأجنبي ضمن قطر، والذي قدم للمستثمرين –من أي مكان أتوا– حزمة مميزة من الحوافز الاستثمارية التشجيعية، وذلك لجميع القطاعات الاستثمارية الممكنة بنسبة استثمار 100% لصالح المستثمر.

وبحسب المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، فإن مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة الواردة إلى قطر قفزت بنسبة 294.4% خلال 2019، وبواقع 1.04 مليار دولار (3.8 مليارات ريال).

واستقطبت قطر ما بين 2015-2019 استثمارات أجنبية قيمتها 4.533 مليارات دولار، بحسب التقرير.

وتركزت المشروعات في مجالات التصنيع والخدمات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتسويق والكهرباء والبحث والتنمية والنقل.

مربع الاقتصاد الريعي

الكاتب والباحث في الشأن الاقتصادي وسام الكبيسي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يرى أنه على الرغم من كون سعي دول الخليج للخروج من "مربع الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد متنوع الموارد" هو "خطوة متأخرة"، لكنه يشير إلى أن مجرد التفكير بها "هو أمر جيد وخطوة مهمة".

ويرى الكبيسي أن تخفيض الكلفة الضريبية عنصر مهم لجذب الاستثمارات الخارجية، ولكنه يجد أن الاستثمار بشكل عام يتطلب "وجود بيئة متكاملة؛ استثمارية، وإدارية، وقانونية، تتكامل وتتفاعل بطريقة جيدة مع بنية تحتية متينة تتميز بالشمولية في تحقيق احتياجات المجالات الاستثمارية المستهدفة".

ومن أهم ما يبحث عنه المستثمرون -بحسب الكبيسي- وجود بيئة مالية جيدة تتمثل في انخفاض واستقرار نسبة التضخم وسهولة حركة الأموال إلى الداخل والخارج، واستقرار أسعار العملة المحلية بالقياس إلى العملات الرئيسية.

هذه الظروف التي يتطلبها الاستثمار من أجل النجاح، وفقاً للكبيسي، "موجودة فعلاً في الاقتصادات الخليجية، ولكنها بحاجة لإعادة رسم سياساتها المالية بشكل أكثر متانة لتغدو منطقة جذب استثماري".

من جهة أخرى يقول الكبيسي: "ما زالت بعض الجوانب القانونية تشكل حواجز في وجه المستثمرين، ومن ذلك العمل بنظام الكفيل، وتعقيد إجراءات استقدام وتشغيل العمالة الوافدة، وغير ذلك. وما لم توضع سياسة متكاملة لجذب الاستثمارات ستبقى هناك فجوة بين هذه البلدان والمستثمرين الدوليين".