علاقات » خليجي

آخرها أزمة النفط.. خلافات تجاوزتها دول الخليج منذ تأسيس التكتل

في 2021/07/19

أشرف كمال - الخليج أونلاين-
بين الحين والآخر، يشهد مجلس التعاون الخليجي خلافاً سياسياً بين بعض أعضائه، لكن هذه الخلافات دائماً ما تنتهي بعودة الكتلة إلى ما كانت عليه من التوافق، بغض النظر عن حجم الخلاف أو الأضرار المترتبة عليه.

ويوماً بعد يوماً تتكشف حقيقة وجود تباينات في رؤى دول المجلس السياسية والاقتصادية، حتى بين المتحالفين منها، الأمر الذي أدى إلى حدوث أكثر من خلاف طيلة السنوات الماضية.

لكن نهايات هذه الخلافات تؤكد تمسك الدول الست، حتى الآن على الأقل، بالبقاء على الكيان كمظلة جامعة لدوله وربما حامية لها في ظل حالة عدم الاستقرار التي تضرب المنطقة من أقصاها إلى أقصاها.

وتبدو دول الخليج مدركة تماماً لحقيقة أنها غير قادرة أو مستعدة لتحمل فاتورة تفكيك تلك المظلة التي تجمع دولاً تحيط بها المخاطر من كل صوب.

هذا الإدراك لقيمة المجلس المعنوية، هو الذي يدفع الدول الأعضاء غالباً إلى تنحية الخلافات الفردية جانباً في سبيل الحفاظ على وحدة التكتل لا سيما أنه ليس مرتبطاً من الناحية السياسية والاقتصادية فحسب، وإنما من الناحية التاريخية والجغرافية أيضاً.
أزمة الرياض وأبوظبي

آخر هذه الخلافات التي ضربت مجلس التعاون كان ذلك الصراع الذي انفجر فجأة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات على خلفية عدم توافقهما بشأن آلية تمديد اتفاق خفض إنتاج الذي أقره تحالف "أوبك بلس"، حتى العام 2022.

طلبت أبوظبي السماح لها بزيادة إنتاجها على نحو لم تقبل به الرياض، الأمر الذي عطّل التوصل لتوافق بشأن سياسة الإنتاج خلال الفترة المقبلة.

على خلفية هذا الخلاف، اتخذت الرياض إجراءات تتعلق بمنع دخول القادمين من الإمارات بسبب ما قالت إنها مخاوف تتعلق بتفشي وباء كورونا، وهو ما ردت عليه أبوظبي بالمثل.

كما عدلت الرياض قانون التعريفة الجمركية على نحو يمنع دخول العديد من السلع القادمة من منطقة "جبل علي" الإماراتية، وخاصة تلك المصنعة في "إسرائيل" أو التي تنتجها شركات مملوكة كلياً أو جزئياً لإسرائيليين.

لكن "أوبك بلس" أعلن (18 يوليو 2021) التوصل لاتفاق بشان سياسة الإنتاج بعد إنهاء الخلاف بين أكبر اقتصادين في المنطقة، الأمر الذي قال وزير النفط الكويتي محمد الفارس، إنه يعكس ترابط دول مجلس التعاون.
خلافات سابقة

- أزمة الزبارة بين قطر والبحرين 1986

كانت واحدة من أبرز الخلافات التي نشبت بين دول مجلس التعاون، عندما سيطرت القوات القطرية على مجموعة جزر (جزر حوار وفشت الديبل) في أبريل 1986.

توسطت السعودية لحل الخلاف وقبل الطرفان بتشكيل لجنة ثلاثية لحل النزاع ودياً برئاسة العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز وعضوية أمير قطر الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وأمير البحرين السابق (قبل أن تصبح مملكة) الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة،

انتهت الأزمة بقرار محكمة العدل الدولية عام 2001، قبل به البلدان خشية أن يتحول الأمر إلى نزاع مسلح أوسع، حيث بسط القرار سيادة قطر على "الزبارة" وجزر جنان وحد جنان وفشت الديبل، فيما حصلت البحرين على السيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة.

وقضت المحكمة نفسها بأن يكون لسفن قطر التجارية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني.
- أزمة مسندم بين عُمان والإمارات

بدأ الخلاف سنة 1977 بسبب شبه جزيرة مسندم العمانية الواقعة على الحدود بين البلدين والتي اكتشفت أبوظبي وجود كميات هائلة من النفط فيها فقررت البدء في عمليات التنقيب.

لكن السلطنة أرسلت قوات وسفينة وحربية وتمكنت من وقف عمليات التنقيب الإماراتية في الجزيرة، واستمر الخلاف حتى توقيع اتفاق نهائي بين البلدين لترسيم الحدود عام 2008.

وعلى الرغم من أن الجزيرة دخلت وفق الترسيم تحت السيادة العمانية إلا أن أبوظبي أثارت لغطاً جديداً عام 2018، عندما نشرت خريطة في أحد متاحفها، تظهر الجزيرة كجزء من دولة الإمارات.
- المحاولة الانقلابية 1996

في العام 1996، شهدت قطر محاولة انقلابية فاشلة، قالت لاحقاً إنها مدعومة من السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر (التي شاركت في حصار قطر 2017).

وكانت المحاولة تهدف إلى احتلال قطر وتغيير نظام الحكم فيها بالقوة، وإخضاع قرارها السيادي وثرواتها للدول الأربع، لكن المحاولة فشلت بسبب سيطرة الدوحة على الأمور وتوقيف المتورطين فيها.

وفي مايو 2010، أصدر أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، عفواً بحق بعض المتهمين بالمحاولة الانقلابية، وذلك بعد وساطة من العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
- أزمة الخفوس

في 30 سبتمبر 1992، شهدت الحدود السعودية - القطرية مناوشات عسكرية قصيرة؛ عندما أرسلت الرياض كتيبة عسكرية للسيطرة على مركز "الخفوس" الحدودي بسبب تجمع قبلي في المنطقة التي كانت محل نزاع منذ 1965.

ونشب قتال سريع انتهى بمقتل ضابط و4 جنود من الجانب السعودي، ومقتل جنديين قطريين، وتمكنت السعودية من السيطرة على المنطقة.

لكن دول المجلس وقعت في العام نفسه على" بيان أبوظبي" الذي نص على ضرورة حل النزاعات الحدودية بالطرق السلمية، وعدم شرعية السيطرة بالقوة على المناطق.

وفي مارس 2001، وقعت الرياض والدوحة اتفاقاً نهائياً لترسيم الحدود، آلت بموجبه منطقة الخفوس إلى الرياض.
 

- أزمة الخفجي (المنطقة المقسومة) 2014

اندلعت الأزمة في أكتوبر 2014، عندما أغلقت السعودية المنطقة المحايدة مع الكويت بسبب ما قالت إنه "مخالفة الشركة المشغلة لحقول النفط بالمنطقة للسلامة البيئية"، الأمر الذي أدى لتوقف إنتاج المنطقة من النفط والذي يبلغ 350 ألف برميل يومياً، يتقاسم البلدان عوائدها.

وبدأت الخلافات في عام 2009، حين قررت السعودية تجديد تعاقدها مع شركة "شيفرون" الأمريكية لإدارة حقل الوفرة حتى عام 2039، دون تنسيق مع الجانب الكويتي، بعد انتهاء العقد الموقع في عام 1959.

ولأنها لم تكن طرفاً في الاتفاق فقد اعتقدت الكويت أن تصدير النفط لن يتم عبر ميناء الزور التابع لها لكن الرياض واصلت التصدير عبر الميناء الكويتي الذي سيطرت عليه شركة "شيفرون" دون اتفاق.

وعندما طالبت الكويت الشركة الأمريكية بإزالة معداتها طلبت الرياض من الكويت دفع نفقات إزالة المعدات، وهو ما رفضته الأخيرة، فما كان من الرياض إلا أن أوقفت الإنتاج من حقل الخفجي بحجة سلامة البيئة.

في مايو 2015، أبلغت شركة "شيفرون"، شركة نفط الخليج أنها تريد وقف الإنتاج في حقل الوفرة المشترك، وعزت ذلك إلى "مشكلات في الحصول على تأشيرات عمل من السلطات الكويتية لموظفيها الأجانب".

وفي الـ12 من الشهر نفسه، نشرت صحيفة "الجريدة" الكويتية أن الكويت طلبت رسمياً اللجوء إلى تحكيم دولي، وهو ما تنص عليه الاتفاقية بين الطرفين في حال المنازعات.

وبعد اجتماعات مطولة بين الجانبين، وقع البلدان في ديسمبر 2019، اتفاقية ملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة والمغمورة، لإعادة تشغيل الحقول المشتركة عبر "أرامكو" السعودية و"شركة النفط الكويتية".

الخفجي
-أزمة سحب السفراء

قبل ذلك، وتحديداً في مارس 2014، كادت أزمة مماثلة أن تعصف بالمجلس عندما سحبت كل من الرياض وأبوظبي والمنامة لسفرائها من الدوحة، في تصرف كان الأول من نوعه في تاريخ الكتلة منذ نشأتها في مايو 1981.

كانت أزمة 2014 كاشفة لتحولات جذرية في منظومة العمل الخليجي وسلوك دوله، كما أنها كشفت وجود إعادة تموضع وتغيراً في موازين القوى بين الدول الست، لكنها انتهت في نهاية الأمر، وإن تركت آثارها على سلوك الدول في السنوات اللاحقة.

وبعد ثمانية أشهر من الشد والجذب والمناكفات الشعبية والإعلامية التي وصلت إلى التلميح بإمكانية إخراج أو انسحاب دول من المجلس، أعلنت الدول الثلاث في 16 نوفمبر 2014 إعادة سفرائهم للدوحة، بعد جهود بذلتها الكويت.

- الأزمة الخليجية 2017

كانت الأزمة التي اندلعت منتصف يونيو 2017 بين دولة قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة، الأكثر خطراً على وحدة المجلس الذي دخل فعلياً حالة موت سريري طوال 3 سنوات ونصف.

ورغم التداعيات القاسية للأزمة التي كادت تنهي وجود المجلس فعلياً، إلا أن الفرقاء تمكنوا بوساطة كويتية وجهود عمانية من طي صفحة هذا الخلاف، بإعلان اتفاق المصالحة كنتاج لقمة العُلا السعودية في يناير 2021.

التعاون الخليجي