علاقات » اميركي

بعد تخلّي أميركا.. السعودية لا تتعلّم من أخطائها!‏

في 2021/09/28

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

يبدو أنّ السّعودية بعد الصّدمة الأمريكية التي تلقّاها حلفاؤها، تتّجه لطريق خاطئ، يشكّل ما يُطلق عليه علاج الخطأ ‏بخطأ أكبر، وهنا في حالتنا هي تتّجه للعلاج بخطيئة كبرى.‏

ففي الفترة الأخيرة تواترت التّقارير حول تعاون سعودي صهيوني عوضاً عن سحب مظلّة الدّفاع الأمريكية عن ‏المملكة.‏

ولكن هناك مقال نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية موقّعاً باسم ثلاثة صحفيين حول شراء السعودية المرتقب لمنظومة ‌‏"القبّة الحديدية" الإسرائيلية، يلقي مزيدًا من الضّوء وكثيرًا من التّفاصيل حول هذه الخطوة المشينة.‏
وممّا جاء في مقال إيلينا ليكسينا ونيكولاي فاسيليف وميخائيل موشكين، بالصّحيفة، فِقرة تحدّثت عن نيّة سعودية ‏لشراء منظومة "القبّة الحديدية" للدّفاع الصاروخي من كيان العدو الإسرائيلي، وقال المقال، أنّه، وفي السابق، كانت ‏مثل هذه الصّفقة تبدو غير ممكنة بسبب ما أسمته العلاقات العدائية بين البلدين، لكن التّهديدات المستمرّة من أراضي ‏اليمن والعراق وضعت السعوديين في موقف لا يحسدون عليه وفقًا لقول الصحيفة.‏

وبصرف النّظر عن توصيف الصحيفة لعلاقات لم تثبت عدائيّتها بشكلٍ صادق بين السعودية والعدو، وبصرف النّظر ‏عن توصيف الصحيفة لحركة الحوثيين باليمن بأنّها تهديدات، وبصرف النّظر أيضًا عن ادّعاء وجود تهديدات من العراق ‏للسعودية، إلّا أنّ الشّاهد هنا هو ما رصدته الصحيفة من تطوّر تاريخي أصبح معه من الممكن حدوث ما لم يكن كل ‏من السعودية و العدو الإسرائيلي الإقدام عليه بشكلٍ علني! ‏

وقالت الصحيفة، أنّه من الجدير بالملاحظة أنّ المعلومات الحالية المسرّبة حول عقد إسرائيلي سعودي محتمل ظهرت ‏على خلفية تقارير عن مشاكل في التعاون العسكري التّقني بين الولايات المتّحدة وكلا حليفيها في الشّرق الأوسط – ‌‏(إسرائيل) والمملكة العربية السعودية، وبالتالي، فمن المنطقي أن يقرّر الإسرائيليون والسعوديون التّعاون، أمام مثل ‏هذه الصعوبات، وفي مواجهة خصمهما المشترك إيران.‏

وحول صحة التقارير، عبّر رئيس معهد الشرق الأوسط، يفغيني ساتانوفسكي، عن ثقته في صحّة هذه التقارير المتعلّقة ‏بنوايا الرياض شراء "القبة الحديدية" الإسرائيلية، وبحسبه، هذه خطوة سعودية اضطرارية بعد سحب الأمريكيين ‏لمنظوماتهم الدّفاعية الجوية، لأنّ "الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يأبه بكلّ التزامات دونالد ترامب".‏

الأخطر هنا، هو ما أكّده ساتانوفسكي، حيث قال أنّ الصفقة المحتملة لاقتناء "القبّة الحديدية" لا تتطلّب الإعتراف ‏السياسي المتبادل، على غرار ما حدث في أغسطس العام الماضي مع الإمارات العربية المتّحدة، فلطالما عمل ‏الإسرائيليون على تشكيل نظام لتأمين منشآت السعوديين عسكريًا ضدّ إيران، كما تتفاعل الرّياض مباشرة مع ‏الإسرائيليين، غير آبهة بشيء في العالم، بما في ذلك تاريخ علاقاتهما السابق كله. فهم يريدون أن يعيشوا. ليس لديهم ‏من يعتمدون عليه في دول الخليج، وببساطة لا توجد قوّة إقليمية أخرى غير (إسرائيل)، في متناول اليد دائما".‏

والترجمة المباشرة لما قاله ساتانوفسكي، هي موت العمل العربي المشترك وعدم رهان السعودية على أي قوّة عربية، ‏كما أنّه دليل دامغ على استبدال العدو، حيث أصبح العدو السرائيلي حليفًا في مواجهة الجار!‏

وفي هذا المقال، ورد أيضًا، أنّ الخبراء لا يستبعدون أن لا يكتفي السعوديون، المجبرون على تنويع مشترياتهم ‏العسكرية، باللّجوء إلى (إسرائيل)، فيمكن أن يلجؤوا إلى روسيا أيضًا. وبحسب ساتانوفسكي، فإنّ خطط السعوديين ‏لشراء القبّة الحديدية لن تمنعهم من شراء منظومة إس-400 من روسيا، لأنّ المملكة في "وضع كارثي". فحين هاجم ‏الحوثيون منشآت أرامكو انخفضت صادراتها من النّفط بمقدار النّصف.‏

وبحسب قول ضيف الصحيفة: (إذا تخيّلنا حدوث ضربة لمحطّات تحلية المياه، "فببساطة تموت السعودية من دون ‏ماء").

ورغم اعتراضنا على أنّ السعودية مجبرة على التعاون مع العدو، حيث أنّ التّهديد لايأتي من اليمن التي ترد على ‏العدوان وستتوقّف بتوقّفه، وأنّ التّهديد لا يأتي من إيران التي تهدّد الصهاينة والأمريكيين فقط، وبالتالي لا داعي ‏للتعاون مع العدو الذي يشكّل التّهديد الرئيسي للمنطقة، إلّا أنّنا نتّفق مع الحالة البائسة التي وصلت لها السعودية نتيجة ‏خياراتها واعتمادها على حماية أمريكية رغم عداء أمريكا لأمّتنا وانحيازها للعدو الرئيسي للأمّة، ووقوع المملكة في ‏فخّ تخلّي أمريكا عن حلفائها وأتباعها والذي لم تنجو منه دولة بحجم فرنسا ذات التاريخ الطويل في التّحالف مع امريكا.‏

والأدهى والأمر أنّ السعودية لا تتعلّم من أخطائها بل تحاول علاج الإنكشاف الإستراتيجي بخطيئة أكبر، تتمثّل في ‏الإرتماء في الحضن الصهيوني والذي يشكّل العدو المباشر للأمّة والذي لا يحمل أي تبعات تاريخية تمنعه من التّخلي ‏عن المملكة والغدر بها، حيث لا مقارنة بين العلاقة بينه وبين السعودية مع العلاقة التاريخية بين امريكا والسعودية!‏