علاقات » ايراني

"اتفاق وشيك".. هل يدخل خلاف الرياض وطهران مرحلة جديدة من التهدئة؟

في 2021/10/14

الخليج أونلاين-

وسط أحاديث متصاعدة عن تقدم ملموس في المفاوضات الجارية بين الرياض وطهران، كشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن اتفاق وشيك بين البلدين لتهدئة التوترات وتخفيف الحرب بالوكالة وإعادة فتح القنصليات.

وحاءت هذه الأنباء بعد جولات من المفاوضات التي جمعت مسؤولين سعوديين وإيرانيين في العاصمة العراقية بغداد خلال الأشهر الماضية، كان آخرها في 24 سبتمبر الماضي، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية السعودية هذا الأسبوع.

وفيما أعلنت الأمم المتحدة دعمها هذا التقدم بين الخصمين الإقليميين، شهدت الفترة الماضية تصريحات إيجابية من البلدين، فيما تحدث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير  عبد اللهيان، هذا الشهر، عن تقدم إيجابي في المفاوضات ومرحلة جديدة من العلاقات.

اتفاق وشيك

وفي تطور جديد، قالت وكالة "فرانس برس" (11 أكتوبر 2021)، إن الجولة الأخيرة من المفاوضات انطوت على ما يشبه الاتفاق على تهدئة التوتر وتخفيف الحرب بالوكالة، مشيرة إلى أن الطرفين على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن تسوية الخلافات.

ونقلت الوكالة عن مصدر أجنبي بالرياض، أن جولة المفاوضات التي جرت في بغداد أواخر سبتمبر الماضي، شهدت اتفاقاً مبدئياً على إعادة فتح القنصليات بين البلدين، وأن جولة مفاوضات مرتقبة ستشهد وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.

وقال المصدر: "سيضع البلدان على الأرجح اللمسات الأخيرة للاتفاق، في جولة جديدة من المحادثات قد تأتي بغضون أيام"، مضيفاً: "لقد توصلا من حيث المبدأ إلى اتفاق لإعادة فتح القنصليات.. أعتقد أن الإعلان عن تطبيع العلاقات قد يأتي في الأسابيع القليلة المقبلة".

وتبدي السعودية، بحسب المصدر، اهتماماً بإنهاء الصراع في اليمن؛ لأنه كلفها مليارات الدولارات، فيما تسعى طهران لإيجاد فرص اقتصادية مع المملكة؛ لإنعاش اقتصادها المتضرر من العقوبات.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي، وصفه الوضع الحالي بـ"الإيجابي والمشجع جداً"، غير أن الرياض "تحتاج إلى أن تكون هناك خطوات فعلية".

وبحسب الشهابي، فإن المملكة "تطلب من إيران اتخاذ خطوات حقيقية وليس كلاماً لطيفاً، خصوصاً فيما يتعلق بحرب اليمن ودعم الحوثيين مالياً وعسكرياً"، والذين صعّدوا هجماتهم على المملكة مؤخراً.

تمهيد إيراني

وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قال في مؤتمر ببيروت (8 أكتوبر 2021)، إن المفاوضات بين البلدين "تسير في الاتجاه الصحيح"، مشيراً إلى التوصل لاتفاقات بشأن الأمور، لكنه لم يعطِ مزيداً من التفاصيل.

وأكد عبد اللهيان أهمية استمرار الحوار بين البلدين المهمين في المنطقة، وقال إن أي تفاهم بينهما سيخدم المنطقة عموماً؛ لافتاً إلى أن الحوار بين الرياض وطهران سيعزز أمن منطقة الشرق الأوسط ويؤمّن مستقبلها.

وكان وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، أعلن في (3 أكتوبر 2021)، أن بلاده عقدت في 21 سبتمبر الماضي، جولة رابعة من المفاوضات مع إيران، لكنه جدد تأكيد أن الأمور ما تزال في مرحلة الاستكشاف.

وخلال مؤتمر صحفي في الرياض مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قال "بن فرحان" إن هذه الجولة من المفاوضات هي الأولى منذ أن تسلم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منصبه، في أغسطس الماضي.

الوقت مبكر!

وتأتي أحاديث الاتفاق الوشيك مخالفة لتوقعات كثير من المحللين الذين يرون أن الوقت ما يزال مبكراً للحديث عن توافق سعودي إيراني، رغم أهمية اللقاءات المباشرة بينهما.

الكاتب والصحفي العراقي إياد الدليمي يعتقد أنه من المبكر الحديث عن أي اتفاقيات بين الجانبين، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أهمية اللقاء الأخير الذي حضره وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

وفي حديث لـ"الخليج أونلاين"، قال الدليمي: "كان لقاءً مُهماً وربما شكَّل نقطة مفصلية في طريق المفاوضات الذي شكّلته كل من طهران والرياض". وعلى الرغم من ذلك، يضيف المحلل العراقي، فإن "هذا اللقاءات لم تثمر اتفاقاً حتى الآن، لكنها قد تفعل لاحقاً".

ويرى الدليمي أن سبب عدم التوصل إلى اتفاقات حتى الآن هو وجود رغبة لدى البلدين في عدم التوصل لاتفاق سريع، لأنهما يسعيان للاستفادة من المفاوضات ومن النتائج التي تترتب عليها.

وخلص المحلل العراقي إلى أن "استمرار هذه اللقاءات يؤكد أننا أمام واقع إقليمي جديد يقوم على التهدئة وتبريد الخلافات".

دعم أممي

وفي دخول هو الأول على خط المفاوضات، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (7 أكتوبر 2021)، ترحيبه الشديد واستعداده لدعم هذا الحوار في حال طُلب منه ذلك.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، إن هذه المناقشات بين السعودية وإيران "تكتسب أهمية قصوى"، مؤكداً أنها "مسألة في غاية الحساسية بالنسبة لأمن المنطقة".

وكانت العلاقات بين السعودية وإيران قد قُطعت في بداية عام 2016، بعد اقتحام سفارة الرياض في طهران، بسبب خلاف بشأن إعدام السعودية رجل دين شيعياً، في حين تشير المباحثات الجارية بين الطرفين إلى تحوُّل واضح نحو تطوير العلاقات بين القوتين الإقليميتين.

وبعد سنوات من الخلافات السياسية بين السعودية وإيران، عقد البلدان 4 جولات من الحوار في العاصمة العراقية بغداد، حيث تشير المحادثات الأخيرة إلى تحوُّل دبلوماسي بين أكبر دولتين عاشتا صراعاً بالشرق الأوسط، في وقت تسعى فيه المملكة جاهدةً إلى إيجاد حل للنزاع في اليمن.

وتقول السعودية إنها تراقب السلوك الإيراني بعد وصول الرئيس المحسوب على المحافظين إلى الحكم، والذي كان قد أكد فور توليه منصبه، أنه يمد يده للجيران، لكنه أكد أيضاً أن قوة بلاده تعزز استقرار المنطقة.

كما أنه أكد في أول خطاب رسمي له بعد تنصيبه، أن بلاده ستواصل دعمها لمن سمّاهم "المظلومين" بسوريا واليمن، في إشارة ضمنية إلى بشار الأسد والحوثيين باليمن.

غير أن ظروفاً طرأت في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، قد تدفع الطرفين باتجاه التوصل إلى تسوية تخدم مصالحهما حتى لو من خلال هدنة يمكن أن يعمل كل طرف من خلالها، على معالجة مخاوف الطرف الآخر، خاصة مع قدوم الرئيس جو بايدن إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.