دول » دول مجلس التعاون

لماذا تعمق أوروبا علاقتها بدول الخليج؟

في 2021/10/22

متابعات-

أولى الاتحاد الأوروبي منطقة الخليج العربي أهمية بالغة للشراكة، حيث تميزت العلاقات بين الجانبين عن غيرها من الشراكات الأخرى لدول المجلس بأنها الوحيدة التي تأسست على الإطار الجماعي (مجلس التعاون مقابل الاتحاد الأوروبي)، والأساس الاقتصادي، ومجالات التعاون الأمني.

ولم تكن علاقات مجلس التعاون الخليجي مع المجموعة الأوروبية وليدة لحظة انفعال فرضتها ظروف مؤقتة، ولكنها  قامت بناء على قرار استراتيجي من ثمانينيات القرن الماضي يعكس الأهمية الاقتصادية والسياسية للمجموعتين على مستوى العالم.

ومؤخراً تبحث المجموعة الأوروبية تطوير العلاقات بين البرلمان الأوروبي العريق والبرلمانات الخليجية، والسياسات الخارجية، وصولاً إلى الإعلان عن افتتاح مقر لبعثة الاتحاد في قطر، ضمن سياسة توسيع العلاقات بين الجانبين.

اجتماع وزاري 

شهد مطلع شهر أكتوبر الجاري، زيارة قام بها مفوض الاتحاد الأوروبي السامي للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، إلى الإمارات وقطر والسعودية، بحث خلالها عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين دول الخليج والاتحاد.

وعقب انتهاء تلك الزيارة كانت لوكسمبورغ على موعدٍ مع اجتماعٍ لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في الـ19 من الشهر ذاته، حينما أعلن بوريل، في مؤتمرٍ صحفي عقب الاجتماع أنه يعتزم تنظيم اجتماع على مستوى وزراء الخارجية مع دول مجلس التعاون الخليجي مطلع العام المقبل؛ لتعزيز العلاقات بين الجانبين.

وقال بوريل: "من أجل تعزيز علاقاتنا سنعقد اجتماعاً بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أوائل العام المقبل".

ووفقاً لوسائل إعلام، فإن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بحثوا خلال الاجتماع سبل تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي.

بعثة بالدوحة لتعزيز العلاقات

كما أعلن المسؤول الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي سيفتتح بعثة له في قطر العام المقبل ضمن جهوده لزيادة تمثيله في منطقة الخليج، مشيراً إلى أنه يقوم بإعداد خطة "تواصل مشترك" مع الخليج سيقدمها للمفوضية الأوروبية في الربيع المقبل.

ولفت إلى أن الموضوع الأبرز على طاولة مباحثات الوزراء الأوروبيين كان هو العلاقات مع دول الخليج، لافتاً إلى زيارته لمنطقة الخليج قبل نحو أسبوعين.

وتابع: "كان من الواضح لي ولزملائي أن الاتحاد الأوروبي غائب عن هذه المنطقة. وأن دول الخليج تريد تواجداً متزايداً للاتحاد الأوروبي، ولدينا مصلحة استراتيجية للتواصل معها".

ولفت إلى أن دول الخليج لها دور متزايد في السياسة الخارجية، مضيفاً: "على سبيل المثال إذا كنت ترغب في التعامل مع أفغانستان فمن الأفضل أن تذهب إلى قطر".

وشدد بوريل على حاجة الاتحاد الأوروبي إلى "دعم الزخم الإيجابي في المنطقة ومتابعته بنشاط لبناء الثقة والمساهمة في جدول الأعمال العالمي ليس فقط في التحول الأخضر والمناخ بل أيضاً التجارة".

ويوم الخميس (21 أكتوبر)، اجتمع الأمين المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون عبد العزيز حمد العويشق، مع نائب الأمين العام للشؤون السياسية لجهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي والمنسق الأوروبي لمحادثات الاتفاق النووي الإيراني إنريكي مورا، وسفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية باتريك سيمونيه، والوفد المرافق لهما.

وجرى خلال اللقاء مناقشة الملف النووي الإيراني، واستعراض سير العمل في مجالات التعاون بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، تحت إطار اتفاقية التعاون المبرمة بينهما في عام 1988، كما نوقشت آخر التطورات والمستجدات للقضايا الإقليمية والدولية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.

عوامل عديدة

الباحث في العلاقات الدولية نجيب السماوي، يعتقد أن أن طبيعة العلاقات بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي تعود لعدة عوامل، من بينها "الجغرافيا"، حيث يقول إن الاتحاد الأوروبي يعد الأقرب إلى منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وينعكس أمنه واستقراره على أوروبا.

ويقول لـ"الخليج أونلاين"، إن حديث المسؤول الأوروبي عن أهمية افتتاح بعثة في قطر على غرار افتتاحها بعثة في السعودية، يشير إلى الاهتمام المتزايد للاتحاد الأوروبي بدول الخليج، وما يمثله ذلك من الدور الذي تلعبه هذه الدول، كما حدث مؤخراً في أزمة أفغانستان.

ويضيف: "ما قامت به قطر تحديداً في الأزمة الأخيرة بأفغانستان، وقيامها بإجلاء رعايا هذه الدول، دفع الأوربيين للنظر في ضرورة تعزيز استراتيجيتهم السياسية والعسكرية ذات الاهتمام المشترك بدول الخليج والتفكير بالعمل بشكل أوسع معها".

وتابع: "لذلك أرى أن المرحلة القادمة، ستجعل الاتحاد الأوروبي يضع أمن المنطقة الخليجية في المرتبة الثانية مباشرة بعد أمن دوله الأعضاء، فضلاً عن إيلاء الاتحاد الأوروبي أهمية كبيرة لمفهوم الأمن الناعم ومن ذلك المجالات الثقافية والتعليمية، والجانب الاقتصادي الذي يعد أكبر جانب في العلاقات بين الجانبين.

ويؤكد أن أكبر قضية رئيسية ستكون ذات تأثير على تشكيل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، تتمثل في بقاء النفط مؤثراً في تشكيل العلاقات بينهما، باعتباره مكوناً أساسياً لحجم التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات التي تحتاج إليها أوروبا خصوصاً.

وتعود العلاقات بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية ومجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 3 عقود ماضية، رغم أن العلاقات مع الدول الأوروبية دون الاتحاد (خصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ترجع لفترات تاريخية أطول، فيما بدأ التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون عام 1987 حينما قررت دول الخليج الموافقة على الدخول بمفاوضات رسمية مع الجماعة الأوروبية. وفي عام 1988 تم التوقيع على الاتفاقية الإطارية بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي ودخلت حيز التنفيذ في بداية عام 1990.

رغبة مشتركة

على مدار السنوات الماضية، أبدت دول الخليج والاتحاد الأوروبي، في أكثر من مناسبة، رغبتهما في تعزيز العلاقات بينهما في مختلف المجالات.

وكان أبرز ذلك مؤخراً، سعي دول الخليج لعقد مشاورات أكبر مع البرلمان الأوروبي والبرلمانات الخليجية التي تعمل على تعزيز دورها وأنشطتها في السنوات الأخيرة، فقد أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم، في يونيو الماضي 2021، أن رئاسة البرلمان الأوروبي وافقت مبدئياً على اقتراحه عقد قمة برلمانية مشتركة في الكويت، بين برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي والبرلمان الأوروبي بلجانه كافة.

وقال الغانم في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي، عقب المباحثات التي أجراها الجانبان بمقر الاتحاد الأوروبي، إنه وجَّه دعوة إلى ساسولي لعقد قمة برلمانية بين برلمانات دول مجلس التعاون والبرلمان الأوروبي في المستقبل القريب.

وستناقش القمة البرلمانية المقترحة التي لم يحدد موعدها جميع القضايا المشتركة، وعلى رأسها تعزيز العلاقات بين الطرفين، مضيفاً: "كما تعرفون فإن الاجتماعات المباشرة مهمة، وتحقق فرصاً أكثر لتفاهمات أكبر ولتبادل الأفكار، وأنا سعيد بأنني تلقيت موافقة مبدئية من السيد ساسولي".

من جانبه أشاد رئيس البرلمان الأوروبي في المؤتمر الصحفي المشترك، بإسهامات دولة الكويت ودورها في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، ومساعداتها الإنسانية المتواصلة.

وتعقد البرلمانات الخليجية، تحت مظلة مجلس التعاون، اجتماعات دورية تبحث خلالها آخر مشاريع القوانين والمراسيم الصادرة عنها أو التي تقترحها بهدف إقرارها حكومياً وبدء تنفيذها، وهي إحدى الأدوات المهمة في التنسيق بين دول الخليج ومؤسساته المشتركة.