علاقات » تركي

العلاقات الإماراتية التركية.. هذه أسباب التقارب الاستثنائي

في 2021/11/23

طه العاني - الخليج أونلاين-

تشهد العلاقات السياسية بين الإمارات وتركيا نقطة تحول جديدة وتطور لافت مع إعلان تسريبات غير رسمية حول زيارة مرتقبة لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، إلى تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس رجب طيب أردوغان.

وذكرت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مسؤولين أتراك، بأن الزيارة التي قد تجري يوم 24 نوفمبر، ستتم خلالها مناقشة العلاقات الثنائية والتجارة والاستثمار والتطورات الإقليمية.

ويعزو جلال الدين دوران، المدير العام لمركز العلاقات الدولية والدبلوماسية التركي، توقيت التقارب إلى أن "الإمارات لم تعد تشعر بالأمان بعدما سحبت أمريكا منظومة باتريوت من السعودية، ويضاف إلى ذلك توجه السياسة الأمريكية نحو الخيار الدبلوماسي مع إيران التي تضغط على الإمارات".

وفي حديثه مع "الخليج أونلاين" ينوه دوران بأن "الإمارات لا تريد أن تبقى وحدها بعد أن رأت رغبة مصر في التقارب مع تركيا وكذلك السعودية، وهي تبحث عن شريك قوي في المنطقة، وفق النموذج القطري الذي استطاع استعادة دوره أكثر من السابق بعد تحالفها مع تركيا".

ويضيف الأكاديمي التركي بأن السبب الآخر هو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؛ "حيث كانت الإمارات تمتلك معسكرات وبعض المراكز فيها".

وحول موقف تركيا يوضح دوران أن أنقرة تريد أيضاً الاستفادة من التقارب مع الإمارات لأسباب اقتصادية؛ ولأن هذا التفاهم يجعل تركيا أقوى في اليمن وليبيا، ولهذا ستكون العلاقات بين البلدين أفضل. 

الأولى من نوعها

وتشير التقارير إلى أن هذه الزيارة إن حصلت بالفعل فستكون الأولى من نوعها منذ 10 سنوات، وستشكل علامة فارقة وذات أهمية كبيرة على صعيد العلاقة بين البلدين، وستكون لها انعكاسات واضحة في المنطقة.

وبدأت بوادر التقارب التركي الإماراتي في 31 أغسطس الماضي، عندما بحث الرئيس التركي مع ولي عهد أبوظبي، في اتصال هاتفي، العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، وقبل ذلك بنحو أسبوعين استقبل أردوغان مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، في أنقرة؛ لبحث الاستثمارات الإماراتية في تركيا، وملفات أخرى.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة.

وأوضح تشاووش أوغلو في تصريحات صحفية، أنه سيكون من الخطأ النظر إلى الأحداث الماضية على أنها عقبة أمام المصالحة وتطبيع العلاقات.

وأضاف: "في العلاقات الدولية لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وحدثت لقاءات رفيعة بين الجانبين على مستوى الرؤساء والوزراء، وهناك اتفاق حول الزيارات المتبادلة، وإذا استمر الزخم الإيجابي الحالي فيمكن للعلاقات أن تعود إلى مسارها الصحيح".

توقيت الزيارة

ويشير تقرير نشره موقع "الحرة" إلى أن الزيارة المرتقبة رغم كونها حدثاً مفاجئاً فإن عدة مؤشرات كانت قد مهدت لها، خلال الأشهر الماضية؛ أبرزها الاجتماع النادر الذي جمع أردوغان مع مستشار الأمن القومي الإماراتي، بعد زيارة غير مسبوقة للأخير إلى أنقرة.

وعن توقيت زيارة ولي عهد أبوظبي إلى أنقرة يقول الباحث المختص بالشأن التركي، محمود علوش، بأن "الديناميكية الجديدة التي تسير بها السياسات الإقليمية منذ مطلع العام ساعدت على دفع قطار تطبيع العلاقات بين تركيا والإمارات، كما أن ظروف التنافس الحاد، الذي أوصل الخلافات بين البلدين إلى مستوى قياسي قد تراجعت".

ويضيف علوش في حديثه لنفس الموقع أن "المصالحة التركية الإماراتية والمصالحات الأخرى في المنطقة تُشير إلى أن المنطقة باتت أكثر استعداداً لطي صفحة الاضطرابات في العلاقات الإقليمية بعد الربيع العربي".

من جانبه يرى المحلل الإماراتي عبد الخالق عبد الله، أن اللقاء المرتقب "تتويج لزيارات سابقة ومحادثات عميقة حصلت وتمت على مستويات مختلفة".

وينوّه عبد الله في تصريحه للموقع بأن "إقدام ولي عهد أبوظبي على تتويج اللقاءات السابقة بزيارة شخصية له إلى تركيا يعني أن فرص النجاح كبيرة".

وأوضح المحلل الإماراتي أن "الهدف الأساسي من هذه الزيارة إعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها بعد انقطاع طويل، لا سيما بشأن الجوانب السياسية والدبلوماسية منها".

ويعتقد عبد الله أنه "لا عودة إلى الوراء، وأن كلاً من تركيا والإمارات ينظران إلى المستقبل"، ويستدرك بأن العديد من الملفات الإقليمية لا تزال عالقة، ولكن الإمارات لديها الرغبة في وضع الاقتصاد على قائمة اهتماماتها في المرحلة المقبلة".

طابع اقتصادي

وعن بعض تفاصيل الزيارة كشفت صحيفة "إندبندنت تركية"، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن بن زايد يحمل معه قضايا عدة لمناقشتها مع أردوغان، في مقدمتها الاقتصاد والعلاقات الثنائية.

وأشار رئيس تحرير الصحيفة نوزت جيجك، إلى أن أهم البنود في المجال الاقتصادي سيكون متعلقاً بفتح طريق تجاري بين تركيا والإمارات يمر من إيران من أجل اختصار مدة الرحلات التجارية.

وتزامناً مع ذلك نقل موقع "روسيا اليوم" عن مسؤولين ومصادر مطلعة بأن البلدين يعملان على خطط لتطوير التعاون الاقتصادي بينهما، بما في ذلك عبر الاستثمارات الإماراتية في قطاع الطاقة بتركيا.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن تركيا وقعت اتفاقين منفصلين مع كل من الإمارات وباكستان بشأن طريق شحن جديد لنقل البضائع، يختصر المدة الزمنية اللازمة للشحن عبر قناة السويس لمواجهة أزمة زيادة تكاليف النقل البحري بشكل كبير في الفترة الماضية.

وفي حين أن طريق الشارقة - مرسين، الذي يستخدم قناة السويس، يستغرق 20 يوماً، فإن المسار الجديد سيكون من 6 إلى 8 أيام.

أما عن الرحلات البحرية القادمة من باكستان نحو تركيا، والتي كانت تتطلب شهراً واحداً، فستستغرق بعد ذلك من 10 إلى 12 يوماً عبر الطريق البري.

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، فإن البلدين يتطلعان إلى آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري، والفرص الاستثمارية في مجالات: النقل، والصحة، والطاقة، بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين.