دول » الكويت

نالت الكويت استقلالها في عهده.. تعرف على الشيخ عبد الله السالم الصباح

في 2021/11/25

طه العاني - الخليج أونلاين-

يعود فضل تأسيس دولة الكويت الدستورية إلى الحاكم الحادي عشر من أمراء آل الصباح الشيخ عبد الله السالم الصباح، حيث دشن أول برلمان في البلاد، وشهد عهده مرحلة اقتصادية واعدة.

وبعد رحلة سياسية حافلة بالإنجازات توفي الأمير الراحل في 24 نوفمبر 1965 عن عمر ناهز 70 عاماً، بعد حكم دام 15 سنة، أرسى فيها الدعائم الرئيسية لدولة الكويت الحديثة.

ولد الشيخ عبد الله السالم عام 1895، وتلقى تعليمه في الكويت، وكان يحب العلم والأدب والتاريخ ومعرفة الأنساب، وكان قبل توليه الإمارة يرعى الأطفال والأيتام، وكان له العديد من الأصدقاء الأدباء مثل يوسف بن عيسى القناعي وقد اشتهر بولعه بالشعر، فحفظ كثيراً من الشعر العربي، خصوصاً شعر المتنبي وما فيه من الحماسة والحكمة، وكثيراً ما كان يستشهد بشعره في العديد من المناسبات.

وظائف مرموقة

وبعد وفاة والده في فبراير 1921 تولى الحكم بشكل مؤقت حتى مجيء الشيخ أحمد الجابر الصباح من مهمة في السعودية، واختير أحمد الجابر الصباح ليصبح أميراً للكويت، وكان هو نائباً للأمير منذ 1921 حتى 1950، وخلال تلك الفترة كان يدير شؤون الكويت المالية والإدارية.

ساهم الأمير الراحل في استثمار الأموال القادمة من تصدير النفط لتطوير الخدمات التعليمية والصحية في البلاد، وتولى رئاسة المجلس التشريعي الأول الذي تأسس في عام 1938 حتى حله، كما ترأس المجلس التشريعي الثاني الذي انتخب في 27 ديسمبر 1938، حتى حله، وكذلك تولى رئاسة البلدية حتى عام 1950، كما كان رئيساً لدائرة الصحة منذ عام 1936 حتى عام 1952 حيث تركها لأخيه الشيخ فهد السالم الصباح.

إنجازات عديدة

ومن أبرز الإنجازات التي تحسب للأمير الراحل إسهامه في ارساء دعائم الدولة بالمؤسسات الدستورية والقانونية، بمجرد توليه الحكم بعد وفاة ابن عمه الشيخ أحمد الجابر الصباح، حيث تسلم مقاليد الحكم رسمياً في 25 فبراير 1950.

وشهدت سنوات حكمه العديد من الإنجازات، منها استقلال الكويت 1961، وإلغاء معاهدة الحماية المبرمة مع بريطانيا عام 1899 وتغييرها إلى معاهدة صداقة وتعاون، وتوّجت جهوده بأن أصبحت الكويت دولة مستقلة ذات سيادة وعضواً في جامعة الدول العربية.

وما إن نالت الكويت استقلالها حتى تشكلت أول وزارة، وأجريت انتخابات عامة لاختيار عشرين عضواً يكوّنون المجلس التأسيسي الذي اضطلع بمهمة وضع الدستور ثم أجريت انتخابات لاختيار أول مجلس أمة بعد الاستقلال في يناير 1963 وتوالت بعد ذلك المجالس النيابية.

وأولى اهتمامه الخاص بقطاع التعليم حيث زوّدت المدارس بالأجهزة والوسائل التعليمية الحديثة، وأنشئت معاهد المعلمين والمعاهد الخاصة للمعوقين، وفي الجانب الصحي تم تأمين العلاج للمواطنين والمقيمين مجاناً، بالإضافة إلى تشييد المستوصفات والمراكز الصحية ومستشفى الصباح النموذجي.

وتطورت مشاريع البنى التحتية حيث أنشئت أكبر محطة لتقطير مياه البحر ومحطة كبيرة لتوليد الكهرباء وبنيت المساكن لذوي الدخل المحدود ونظمت المساعدات المالية لذوي الحاجة.

كما صدرت في عهده مجلة العربي في عام 1958، وفي عام 1961 تم افتتاح تلفزيون الكويت.

وفي الجانب الدبلوماسي أسس شبكة علاقات متينة مع معظم دول العالم، وانضمت الكويت إلى هيئة الأمم المتحدة في مايو 1963، وصدر في عهده أول دستور كويتي ولقّب بـ"أبو الدستور".

أبو الدستور

ويشير الكاتب عبد الله بشارة إلى أن الشيخ عبد الله السالم تعامل في الداخل بأسلوب الصابر والمجرب، فوسع المشاورات مع رجال الكويت، مستفيداً من الدروس التي عرفها في تاريخ الكويت، ورسم خريطة إعداد الدستور، منطلقاً من وضع الكويت على درب المشاركة الشعبية عبر دستور يؤمن هذا الهدف، إيماناً منه بأن الدستور يوفر صيغة المشاركة في إدارة الكويت، بأسلوب ثنائية تجمع الأسرة وممثلي الشعب المنتخبين، من أجل ضمان وحدة وطنية نابعة من تداخل الطرفين.

ويبيّن بشارة في مقاله أن الدستور يضم في أحشائه أسمى المبادئ الإنسانية؛ الحرية في إطار حكم القانون، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، وسيادة العقل، والتلاحم انطلاقاً من وحدة المصير، فالكويت بلا دستور تتعرى، ومع الدستور تتعالى.

ويشدد بشارة على أن الدستور يفرض حكم المشاركة، ويملي واقعه على الجميع حسن التصرف، وطيب المعاملة، ورقة المفردات، وإزالة سوء الفهم عبر التحاور والتواصل.

حذاقة سياسية

ويقول الكاتب والباحث الدكتور محمد الرميحي إن أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم جاء في مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد، حيث كانت المنطقة تشهد اضطرابات عديدة، منها الانقلابات العربية والتغير في مواقف الدول الكبرى تجاه المنطقة.

ويضيف الرميحي لـ"الخليج أونلاين" بأن الأمير الراحل كان رجلاً استثنائياً ووطنياً، أدخل الكويت في مرحلة مهمة من تاريخها، فهو أبو الاستقلال الحديث، كما أنه كان رجلاً زاهداً، فلا يغره المال ولا السلطة، وقد قدم أكثر من مرة رغبته بالتنازل بسبب المضايقات التي حصلت له من قبل بعض الأطراف.

ويلفت إلى أن علاقاته الدولية والخارجية اتسمت بالتوازن، وكان يستخدم حذاقته السياسية بتوظيف الأموال التي جاءت إلى الكويت من واردات النفط في دعم الاقتصاد، وربط العملة الكويتية حينها بالجنيه الإسترليني، وكانت بذلك مساعداً للاقتصاد الكويتي.

وحول إنجازات عبد الله السالم يؤكد الرميحي أنها ما تزال باقية، وخير دليل عليها الدستور الحالي الذي لا يزال يطبق، فقد حمى الكويت من الكثير من العثرات، بفضل وجوده الذي يثبت أن دولتنا ديمقراطية يحكمها الدستور والقانون.

ويشير إلى أن الأمير الراحل كان رجلاً مثقفاً، حيث اهتم بالتعليم بشكل كبير، كما أنه اهتم بالمسرح وتابع المسرحيات، وقد أوعز للسلطات الكويتية حينها بإنشاء عدد من المؤسسات الفنية مثل معهد المسرح وغيره.

وفاته

وأثناء افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة، في 23 أكتوبر 1965، تعرض الشيخ عبد الله السالم لوعكة صحية شديدة ألزمته الفراش شهراً، إلى أن توفي في 24 نوفمبر 1965 في مقر سكنه في "قصر الشعب" متأثراً بالمرض.