سياسة وأمن » تصريحات

القيادة العسكرية الموحدة بمقر جديد.. ماذا تضيف لأمن دول الخليج؟

في 2021/11/25

طه العاني - الخليج أونلاين-

مع إعلان دول مجلس التعاون الخليجي تدشين مقر "القيادة العسكرية الموحدة" في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة وزراء الدفاع في دول مجلس التعاون، أثير العديد من التساؤلات حول دوافع هذه الخطوة وأهدافها ودلالات توقيتها.

رسالة عزم

وخلال مراسم افتتاح المقر الجديد، في 22 نوفمبر، قال نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: إن افتتاح "القيادة العسكرية الموحدة يأتي رسالة عزم لحماية أمن ومكتسبات دول الخليج العربية، وتوحيداً للقدرات والقوى الخليجية لمواجهة التهديدات المحدقة، وردع من يحاول النيل من أمن شعوبها".

وعدّ الأمين العام افتتاح القيادة العسكرية الموحدة "واحداً من أبرز المكتسبات العسكرية في مسيرة مجلس التعاون، ورسالة سلام تبني للمستقبل، ورسالة عزم على حماية أمن ومكتسبات دول مجلس التعاون، والحفاظ على استقرارها ومقدراتها، بوجود قوة موحدة لدول المجلس مشكلة من برية وجوية وبحرية ودفاع جوي، تتناسب مع التهديدات التي تحدق بالمنطقة، وتكون رادعة؛ لحماية مواطنيها ومكتسباتها من أي تهديد خارجي يحاول النيل من أمنها واستقرارها".

قيادة مركزية

وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية فإن "القيادة المركزية المشتركة" تضم عدداً من المراكز والقيادات التابعة لها؛ منها قوات (درع الجزيرة)، و(مركز الدفاع الجوي)، و(مركز القيادة البحري)، وذلك للمساهمة في توحيد جهود وقدرات وزارات الدفاع لدى دول الخليج العربية؛ لمواجهة التحديات والتهديدات الإقليمية.

وتشير صحيفة "الشرق" السعودية إلى أن القيادة الجديدة تحل محل "قيادة قوات درع الجزيرة" التي أصبحت جزءاً من القيادة المستحدثة.

وبحسب الصحيفة فإن تغيير المسمّى جاء استجابة لقرار المجلس الأعلى لقادة دول الخليج في دورته الماضية، الذي نص على تغيير مسمى قيادة قوات درع الجزيرة إلى القيادة العسكرية الموحدة، مع إقرار تنظيمات أخرى تسهم في رفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني والعسكري بين دول المجلس.

وقرر قادة دول الخليج، في 5 يناير 2021، في ختام قمة العلا، تعديل المادة السادسة من اتفاقية الدفاع المشترك، وذلك بتغيير مسمّى قيادة "قوات درع الجزيرة المشتركة" إلى "القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون".

وجاء ذلك القرار ضمن حزمة قرارات أخرى لتعزيز العمل الأمني الخليجي المشترك لضمان أمن واستقرار دول المجلس.

اجتماع عسكري

وسبق افتتاح القيادة عقد وزراء الدفاع في دول الخليج العربية اجتماعهم الـ18، بمقر الأمانة العامة بالرياض، برئاسة وزير شؤون الدفاع بمملكة البحرين الفريق الركن عبد الله بن حسن النعيمي.

وتناول الاجتماع العديد من موضوعات العمل العسكري المشترك المدرجة على جدول الأعمال، واتخذت القرارات والتوصيات المناسبة بشأنها.

وعقب مشاركته في الاجتماع، قال نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، عبر حسابه في "تويتر": "بحثنا أوجه التنسيق والتكامل بين دول المجلس في المجال الدفاعي، بما يعزز أمن المنطقة واستقرارها".

تكتّل قوي

وفي هذا الشأن يرى مدير المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة)، محمد السلمي، أن الخطوة العسكرية التي قام بها قادة الخليج مهمة في ظل التطورات التي يشهدها الملف الأمني في المنطقة بفعل السلوك الإيراني.

وفي حديثه مع صحيفة "إندبندنت عربية"، أشار السلمي إلى وجود "توجه خليجي منذ قمة العلا لتشكيل تكتل متكامل، ليس على البعد السياسي والاقتصادي، بل على المستوى العسكري وتطوير القدرات العسكرية المشتركة، وأيضاً لتوحيد الجهود فيما يتعلق بالتصدي للأخطار الخارجية".

ويعتقد السلمي أن التنسيق بين دول المجموعة قائم أيضاً في سياق التعامل مع الملفات الإقليمية ومعالجة بعض الإشكالات في المحيط الجغرافي، "بخاصة عندما نتحدث عن الحال التركية والباكستانية، فهناك توجه تركي واضح في محاولة حل إشكالاتها مع دول الخليج، كما أن هناك تقارباً جيداً مع باكستان، إضافة إلى الحضور المصري".

وخلص إلى أن القوة العسكرية الخليجية المعلنة حملت "رسالة واضحة بأن هناك تكتلاً قوياً في الخليج قد يتوسع مستقبلاً، ويقوم بدور حيوي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بشكل عام، خصوصاً في ظل الحديث عن الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وأيضاً المفاوضات مع إيران، وهكذا نجد أن هناك نواة مهمة على المستوى الإقليمي، واتجاهاً نحو بناء تحالفات جديدة في المنطقة".

أهميته الاستراتيجية

ويعتقد الأكاديمي والباحث في شؤون الخليج والشرق الأوسط عبد الله باعبود، بأن أهمية افتتاح المقر الجديد تأتي من حرص دول مجلس التعاون على الدفاع عن نفسها والحفاظ على أمنها واستقرارها، وهذا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى قيام مجلس التعاون الخليجي.

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى العديد من النجاحات التي تحققت في هذا المجال، ومن ضمنها إنشاء قوة درع الجزيرة، واتفاقية الدفاع المشترك لدول الخليج، "ورغم كل الخلافات التي ألمّت بهذا المجلس فإن التعاون الأمني والعسكري ظل قائماً ولو على أنساق ضعيفة نوعاً ما".

وعن دور المقر العسكري الجديد ومهامه يوضح باعبود أنه "رسالة مهمة ورئيسية بأن أمن واستقرار دول الخليج واحد، وفيه رسالة لدول الجوار في هذا المجال وخاصة إيران، وكذلك رسالة للعالم الخارجي في نفس الوقت".

ويبيّن بأن هناك ضغوطاً دولية، وخصوصاً أمريكية، في أن توحد دول الخليج منظومتها العسكرية على الأقل في مجال الدفاع ومنظومة صد الهجمات الصاروخية، ولكن هنالك تأخر كبير في هذا الموضوع، وما زالت كل دولة تعتمد بنفسها على منظومتها الصاروخية دون أن يكون هنالك تعاون مشترك.

وينبه باعبود إلى "غياب الإرادة السياسية في توحيد الاستراتيجيات العسكرية المشتركة بين دول المجلس، لوجود الكثير من الشك ما بين دول الخليج نفسها، وهناك تخوف داخلي بينها، خصوصاً بعد أزمة الخليج الأخيرة وما سبقها، فهذا يبين اهتزاز الثقة رغم كل المحاولات الجارية لرأب الصدع وإعادة بناء المجلس، إلا أن إعادة الثقة بين دول المجلس ستأخذ الوقت الكثير".

ويلفت الباحث إلى أن وجود مقر هذه القوة في الرياض "هو في حد ذاته ربما يكون أحد العوائق الرئيسية، رغم مكانة السعودية والدور المحوري والمهم الذي تؤديه المملكة في المنطقة والعالم الإسلامي، لكن كان بإمكان السعودية توزيع مقرات مؤسسات مجلس التعاون الخليجي على الدول الشريكة والصغيرة في المنظومة لكي تشعر بنوع من الارتياح".