اقتصاد » تطوير بنى

السعودية تتجه لخصخصة 160 مشروعاً.. ما انعكاسات ذلك على اقتصادها؟

في 2021/11/29

طه العاني - الخليج أونلاين-

دخل نظام خصخصة القطاعات الحكومية في السعودية حيز التنفيذ، منتصف العام الحالي، لتدشين شراكة فاعلة بين القطاعين الخاص والعام في 16 مجالاً، أبرزها الصحة والتعليم والإسكان والنقل والاتصالات وغيرها.

وفي هذا الشأن قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الخميس 25 نوفمبر، إن بلاده تعمل على 160 مشروعاً ضمن برنامج الخصخصة في عدد من القطاعات خلال الفترة المقبلة.

وتوقع الجدعان أن تنشر استراتيجية التخصيص المحدثة واستراتيجية مركز التخصيص، في النصف الثاني من العام القادم.

وذكر أنه ليست هنالك أولويات لقطاعات محددة، وإنما الأولوية داخل القطاعات للمشاريع الأكثر أثراً، ولن يتم تخصيص القطاع الصحي كتقديم خدمة، وإنما ستُخصص أجزاء من القطاع يمكن تخصيصها مثل الأشعة وغيرها.

وكان مجلس الوزراء السعودي أصدر موافقته على نظام التخصيص في مارس الماضي، كما حددت المملكة 160 مشروعاً في 16 قطاعاً على مدار الأعوام الخمسة المقبلة؛ أملاً في تأمين 38 مليار دولار من خلال بيع الأصول و16 ملياراً ونصف المليار دولار من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

55
مليار دولار

وتدرس المملكة بيع أصول في قطاعات لم تكن تدرس خصخصتها من قبل، وذلك في الوقت الذي تكابد فيه البلاد التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورنا، وانخفاض أسعار النفط.

وكشف الجدعان في تصريحات أدلى بها في مايو الماضي، أن بلاده تتفقد قطاعات لم تكن مستهدفة بالخصخصة من قبلُ مثل الرعاية الصحية والتعليم، وبسؤاله عن حجم الإيرادات التي قد تتولد عن عمليات الخصخصة، قال إنَّ بيع الأصول سيدرُّ نحو 55 مليار دولار في الأعوام الخمسة المقبلة.

وخلال افتتاحه حوار "مستثمري البنية التحتية لمجموعة العشرين: التمويل المستدام للبنية التحتية من أجل الانتعاش الاقتصادي"، في يونيو الماضي، أعاد الجدعان تأكيده أن خصخصة مشاريع القطاع الخاص تشمل مبيعات الأصول والشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وأضاف: "نتطلع إلى الاستعانة بالقطاع الخاص لإدارة وتمويل البنية التحتية والخدمات الصحية وشبكات النقل في المدن، والمباني المدرسية، وخدمات المطارات، ومحطات تحلية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، من خلال هذه الشراكات؛ وذلك لضمان التنفيذ بشكل أفضل وأكثر فاعلية من حيث التكلفة والكفاءة، بما يقلل من استخدام المواد والطاقة، مع توفير المنتجات والخدمات المحسنة لصالح المواطنين والعالم أجمع".

ويعد قطاع مطاحن إنتاج الدقيق من أول القطاعات التي يجري العمل على تخصيصها بالكامل، حيث استُكملت المرحلة الأولى من تخصيص قطاع مطاحن إنتاج الدقيق في ديسمبر 2020.

وفي أبريل 2021، أعلن المركز الوطني للتخصيص والمؤسسة العامة للحبوب عن اكتمال المرحلة الثانية والأخيرة من عملية تخصيص قطاع مطاحن إنتاج الدقيق، والتي شملت عملية طرح الحصص بالكامل في شركتين من شركات المطاحن الأربع العائدة لمستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص، وقد قام المستثمرون المؤهلون بإجراء الدراسات المهنية اللازمة خلال الفترة السابقة.

وفي قطاع التعليم وقَّع وزير التعليم السعودي حمد بن محمد آل الشيخ وشركة تطوير للمباني "TBC" عقد مشروع المجموعة الأولى لتمويل وتصميم وبناء وإدارة مرافق 60 مدرسة حكومية في مكة المكرمة وجدة، لاستيعاب أكثر من 50 ألف طالب وطالبة، وذلك ضمن برنامج الشراكة مع القطاع الخاص.

ونقلت "الإندبندنت" عن الرئيس التنفيذي للشركة المهندس فهد الحماد، أن "الشراكة الاستراتيجية بين وزارة التعليم والشركة نتجت عنها عدة مشاريع ومبادرات مختلفة لدعم قطاع التعليم في المملكة، ومن أهمها مبادرة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير المباني التعليمية، والتي تهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من خبرات القطاع الخاص في تحسين وتطوير ورفع كفاءة المرافق التعليمية".

الانطلاقة والأهداف

انطلق برنامج التخصيص في عام 2018، وسعى لتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات، وتطوير منظومة وآليات التخصيص، وتحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية.

وبحسب رؤية 2030 فقد نجح البرنامج بالمرحلة السابقة في وضع الأطر العامة لمنظومة التخصيص، من خلال إصدار نظام التخصيص وإنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يهدف إلى تنظيم الإجراءات المُتعلقة بمشاريع هذه المنظومة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.

وسيركّز البرنامج جهوده في المرحلة القادمة، على تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات، وتعظيم القيمة المستفادة من الأصول الحكومية ورفع كفاءة الإنفاق، حيث سيستمر البرنامج في تطوير استراتيجيات تخصيص قطاعية، تشمل النقل والصحة والتعليم وغيرها، مما سيمكن إعادة تركيز الجهود الحكومية على الأدوار التشريعية والتنظيمية.

ويهدف برنامج التخصيص إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، مما يحسن من جودة الخدمات المقدمة ويسهم في تقليل تكلفتها، كما يحفز التنوع الاقتصادي ويعزز التنمية الاقتصادية، مع زيادة القدرة التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية، علاوة على ذلك يسعى البرنامج إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسين ميزان المدفوعات.

الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور يقول: إن "الخصخصة تهدف عموماً إلى تحوُّل إدارة بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية من الدولة إلى القطاع الخاص، وذلك لعدة أسباب، منها الشراكة مع القطاع الخاص في رفد منظومة التنمية ومشاركته في عجلة الإنتاج والخدمة الصناعية العمومية بهدف تحقيق المصلحة والربح المادي".

وفي حديثه مع "الخليج أونلاين" يشير الهور إلى أن "تمويل القطاع الخاص من الشعب ومن ثم فإن مردودات الاستثمار مردودات اقتصادية ربحية للشعب، وعليه فمن المفترض انعكاس ذلك على مستوى الرفاه الاقتصادي للناس في تلك الدولة".

ويرى أن ذلك يتعارض ضمناً مع فكرة أن الخصخصة للأثرياء فقط، بما يصب بالتحول الكامل نحو الرأسمالية، وهذا ما تتوجه إليه السياسة الاقتصادية في المملكة مع خصخصة 160 مشروعاً جديداً لدعم القطاع الخاص، بشكل متوازن مع سيطرة الدولة على سير الأحداث.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى مجموعة من التحديات تواجه فكرة الخصخصة، من أهمها "قدرة القطاع الخاص على توفير السلع والخدمات المخصصة بالكمّ والنوع والزمان المناسب، وذلك يؤثر في التكلفة ومن ثم على مصلحة الدولة، كما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة اعتماداً على تغير تكاليف الإنتاج عند القطاع الخاص، وبالنسبة للقطاع الحكومي كذلك التغير بالجودة حسب رقابة الدولة على عمليات ومخرجات القطاع الخاص".

جدير بالذكر أن السعودية أعلنت في 2016، عن رؤيتها المستقبلية 2030 الهادفة إلى خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، فيما تعد الخصخصة أحد 12 برنامجاً يتضمنها برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وفي 2018 اعتمد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خطة تنفيذ "برنامج التخصيص"، الذي يستهدف بيع أصول حكومية في أكثر من 10 قطاعات تشمل الموانئ، والتعليم، والصحة، والطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المياه، الزراعة، والاتصالات، والرياضة.