اقتصاد » ميزانيات

بدون توقعات العجز.. كيف ستحقق السعودية فائضاً في موازنة 2022؟

في 2021/12/15

طه العاني - الخليج أونلاين

تسود حالة من التفاؤل في المملكة العربية السعودية مع إعلان الموازنة العامة لعام 2022، والتي تضمنت توقعات بتحقيق فائض يقدّر بـ90 مليار ريال (24 مليار دولار) بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لأول مرة منذ عام 2013.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن إجمالي النفقات سيبلغ 955 مليار ريال سعودي (255 مليار دولار)، بزيادة تبلغ نحو 10% عن العام الماضي (849 ملياراً)، مع عائدات تقدر بـ1.045 تريليون ريال، بفائض 90 مليار ريال.

وخلال إعلانه إقرار الموازنة، يوم الأحد 12 ديسمبر، أشار الملك سلمان بن عبد العزيز إلى تحسن الوضع المالي في المملكة بعد تجاوز التداعيات الاقتصادية والمراحل الاستثنائية لجائحة كورونا.

وبحسب الميزانية الجديدة، تخطط الرياض لخفض الإنفاق العسكري العام المقبل بنحو 10٪ من تقديراتها لعام 2021، في إشارة إلى تراجع تكاليف الحرب في اليمن.

تعافي الاقتصاد

ويعزو خبراء الاقتصاد أسباب حصول الفائض في الميزانية السعودية إلى تحسن أسواق النفط بعد تعافي الاقتصاد العالمي وعودة النشاط الصناعي، وانتعاش حركة التنقل تدريجياً، الأمر الذي نتج عنه تزايد الطلب على جميع مصادر الطاقة.

ويتوقع تقرير الميزانية السعودية استمرار وتيرة التعافي الاقتصادي لعام 2022، مع افتراض تزايد أعداد المحصنين ضد فيروس كورونا، وتخفيف القيود المفروضة حول العالم، فضلاً عن نمو الأنشطة الاقتصادية إلى مستويات مقاربة لما قبل الجائحة خلال العام القادم.

واستندت بيانات الموازنة إلى تقارير المؤسسات المالية العالمية المتخصصة، والتي قدرت تراوح أسعار النفط بين 65 و90 دولاراً للبرميل، مع الأخذ في الاعتبار المعطيات السابقة، إضافة إلى التحديات المتمثلة في حالة عدم اليقين حول تجدد الإغلاقات؛ بسبب الموجات الجديدة من جائحة كورونا، فضلاً عن الضغوط التضخمية ومشاكل سلاسل الإمداد، والارتفاع المتوقع للمخزونات النفطية.

4 سيناريوهات

وأشارت المالية السعودية إلى أنه وفقاً لهذه المعطيات تم بناء الميزانية على 4 سيناريوهات؛ أحدها هيكلي لا يرتبط بالتطورات المستقبلية لأسعار النفط، وهو ما تم استخدامه لتقدير حجم النفقات وفق برامج الاستدامة المالية، فيما استند السيناريو الأساسي على تطورات الأسواق العالمية، وهو المستخدم في تقدير الإيرادات.

كما قدرت الميزانية سيناريو يفترض إيرادات أقل من السيناريو الأساسي، وآخر أعلى، وكلاهما ستحقق فيه المملكة فائضاً مالياً يتراوح بين 36 و175 مليار ريال.

ويعتقد خبراء الاقتصاد أن السعودية بحاجة لسعر خام يبلغ نحو 80 دولاراً للبرميل لموازنة ميزانيتها.

ضخ الاستثمارات

وتسعى المملكة إلى تشجيع القطاع الخاص والشركات الأجنبية لضخ استثمارات كبيرة، حيث نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في تصريحات أدلى بها، الأحد 12 ديسمبر، أن "النتائج والمؤشرات المالية والاقتصادية تؤكد أننا نتقدم بشكل إيجابي".

وأضاف أنّ "ميزانية العام القادم تأتي وسط مناخ عالمي يتسم بالتحديات الكبيرة في ظل تداعيات جائحة (كوفيد 19)، والطموحات الكبيرة محلياً، ولكن في إطار منضبط مالياً يركز على كفاءة وفاعلية توجيه الإنفاق الحكومي".

وأكّد أن "الفوائض ستستخدم لزيادة الاحتياطيات الحكومية لمواجهة احتياجات جائحة كورونا، وتقوية المركز المالي للمملكة، ورفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية".

ونوه ببرنامج صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؛ لكونه الذراع الاستثمارية المحلية والخارجية المساهمة في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل التي تدعم وتكمل الجهود التي تقوم بها الحكومة لتنويع الاقتصاد، وأسهمت في تحقيق أثر وإنجازات واضحة على الصعيدين المحلي والعالمي؛ سعياً لتحقيق طموحاته على المدى المتوسط.

وحقق الصندوق وشركاته التابعة مساهمة فاعلة في الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة المحتوى المحلي في استثماراته والشركات التابعة له بما يصل إلى 60%، ويخطط لاستثمارات محلية إضافية تزيد على 150 مليار ريال لعام 2022، ويصل إجمالي استثمارات الصندوق المحلية إلى 3 تريليونات ريال حتى عام 2030، مقارنة باستثمار محلي في عام 2016 يبلغ 2.‏11 مليار ريال.

عجز 2021

وبينما كانت السعودية تعاني العام الماضي من انخفاض أسعار النفط عندما انهار الطلب العالمي أثناء الوباء وأدى إلى انكماش اقتصادي، سجلت المملكة عجزاً قدره 85 مليار ريال (22 مليار دولار) في العام 2021، بحسب وزير المالية، مقابل عجز بلغ 79 مليار دولار في 2020، و35 مليار دولار في 2019.

وبحسب تقرير وكالة "فرانس برس"، يأتي تراجع عجز موازنة السعودية في عام 2021 مقارنة بعام 2020 مع عودة شركة أرامكو العملاقة للطاقة لتحقيق أرباح مماثلة لمستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، في الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2021.

وحققت أرامكو أرباحاً فصلية إجمالية في 2021 بلغت 77,6 مليار دولار، مقابل أرباح بلغت 49 مليار دولار فقط في عام 2020.

في المقابل خسرت السعودية هذا العام مئات ملايين الدولارات جراء تعليق العمرة للأجانب، خلال الأشهر الثمانية الأولى، وتقليص المشاركين في موسم الحج إلى نحو 60 ألفاً، على خلفية وباء كوفيد-19، بعدما كانت المناسك تستقطب ملايين المسلمين من أنحاء العالم سنوياً.

وتجاوز عجز موازنات المملكة، في الفترة 2014-2021، أكثر من 400 مليار دولار، ما دفعها إلى الاقتراض واللجوء إلى الإنفاق من احتياطاتها النقدية التي تراجعت من 125 مليار دولار في 2019، إلى 92 مليار دولار في 2020، إلى 70 مليار دولار في سبتمبر 2021.

وأوضح وزير المالية السعودي في مؤتمر صحفي أن المملكة تتوقع أيضاً "تحقيق فائض مالي في عامي 2023 و2024".

وأشار إلى أنّ "ميزانية 2022 تتضمن إنفاق 185 مليار ريال (49,3 مليار دولار) في قطاع التعليم، و138 مليار ريال (36,8 مليار دولار) على قطاع الصحة، و171 مليار ريال (45,6 مليار دولار) على القطاع العسكري، و182 مليار ريال (48,5 مليار دولار) على البنود العامة".

مرونة التعاملات

ويقول المحلل الاقتصادي جهاد العبيد إن حكومة المملكة أثبتت مرونتها في التعاملات المالية ونجاحها بتحقيق الفائض لأول مرة منذ 8 سنوات، إضافة إلى ذلك سبقت الكثير من المؤشرات التي توقعت بطء التعافي، وأيضاً ارتفاع نسبة المداخيل غير النفطية إلى 40٪؜ من الميزانية العامة.

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن ضبط كفاءة الإنفاق ومرونة اتخاذ القرار كانت اللبنة الأساسية لتحقيق هذا الفائض، بالإضافة إلى تعافي الأسواق، وارتفاع أسعار النفط، ونجاح البرامج الحكومية التابعة لرؤية 2030، التي تكاملت لتحقيق فائض رغم المصروفات الضخمة التي تم إقرارها للمشاريع.

ويضيف العبيد أن الفائض يتوقع أن يكون بحدود 90 مليار ريال (24 مليار دولار أمريكي)، لافتاً إلى ما صرح به العاهل السعودي بأن الفوائض ستستخدم لتعزيز مركز الدولة المالي ودعم الاحتياطيات التي ما زالت في مستويات عالية مطمئنة.

وحول سعر البرميل الذي استندت عليه توقعات الميزانية يقول إنها تمت حسب المنهجية الجديدة للميزانية السعودية، "فهي لا تستند على توقعات مستقبلية لسعر النفط، ولكن من المرجح أن تكون الأسعار المطلوبة كمتوسط هي 75 دولاراً للبرميل".