اقتصاد » فساد

ماذا يعني إدراج الإمارات على "القائمة الرمادية" لغسل الأموال؟

في 2022/01/07

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة خطراً وشيكاً بإدراجها من قبل مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) على "القائمة الرمادية" التي تتضمن 23 دولة؛ وذلك بسبب معاناتها من أوجه قصور استراتيجية في التعامل مع ملفات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وسيترتب على إدراجها في هذه القائمة التي سبقتها إليها دول مثل تركيا والأردن والمغرب خلال العام الماضي، عقبات اقتصادية كبيرة، خاصة على مستوى تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية إليها.

وكشفت وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية، في تقرير نشرته (4 يناير 2022)، أن هيئة الرقابة العالمية للبلدان التي تخضع للرقابة المالية (مجموعة العمل المالي الدولية)، تميل لإدراج دولة الإمارات ضمن "قائمتها الرمادية" بسبب أوجه القصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وذكرت أن الإمارات العربية المتحدة تحتل مرتبة متدنية في مؤشر الضعف أمام غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأشارت الوكالة إلى أنه من المتوقع أن تتخذ المجموعة الدولية قراراً في الاجتماع العام المقرر عقده في أواخر فبراير المقبل.

ولفتت إلى أن مصادر في المجموعة قالت إنه "لا تزال هناك العديد من الفرص للمسؤولين الإماراتيين لعرض قضيتهم لمجموعة العمل المالي".

وقالت الوكالة، نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر لم تسمهم- أن ذلك يأتي رغم الضغط الحكومي والإجراءات الأخيرة للقضاء على المعاملات المالية غير المشروعة.

جهود لمكافحة غسل الأموال

وفي أغسطس الماضي، أعلن المكتب الإعلامي لحكومة دبي أن الإمارة أنشأت محكمة متخصصة بجرائم غسل الأموال في خطوة لتعزيز نزاهة النظام المالي.

وقال المكتب: إن "إنشاء المحكمة يستهدف تحقيق فاعلية النظام القضائي في تعزيز التنافسية الدولية لدولة الإمارات العربية المتحدة ولإمارة دبي في ترسيخ أسس العدالة الناجزة، التي تتسم بالدقة والسرعة وإعلاء قيم العدل والاستقلالية والشفافية في مكافحة شتى صور الإجرام الحديث، بما فيها عمليات غسل الأموال".

كما أنشأت الحكومة الإماراتية في فبراير 2021، المكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

[غسل]

وأصدر مصرف الإمارات المركزي، في أكتوبر الماضي، توجيهات جديدة بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للمؤسسات المالية المرخصة التي تقدم خدماتها للأعمال التجارية التي تستخدم النقد بكثافة.

وقال البنك المركزي، في بيان له آنذاك، إن التوجيهات الجديدة ستساعد هذه المؤسسات في فهم وفعالية تنفيذ التزاماتها القانونية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وحددت الإرشادات الجديدة الأعمال التجارية التي تستخدم النقد بكثافة، بأنها أعمال لشركات تستقبل تدفقات نقدية كبيرة الحجم ضمن قطاعات صناعية مختلفة، كتجارة التجزئة والجملة والسفر والنقل، وقد تكون في بعض جوانبها أعمالاً تُوقع ناقلي الأموال والودائع النقدية وتبادل العملات وحركة النقد عبر الحدود، في أنشطة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.

كذلك تلزم التوجيهات المستجدة، المؤسسات المالية المرخصة التي تقدم خدماتها للأعمال التجارية، والتي تستخدم النقد بكثافة، تبني نهج مبني على المخاطر في برامج مواجهة غسل الأموال الخاصة بها، من خلال تقييم جميع عملاء هذه الشركات لتحديد درجة المخاطر المرتبطة بهم.

كما يترتب على المؤسسات المالية المرخصة الحصول على المعلومات المناسبة فيما يتعلق بمصدر النقد المودع في حساب العميل، والتفويض باستخدام الهوية الإماراتية للإيداعات النقدية في أجهزة الصراف الآلي، إلى جانب الحفاظ على أنظمة مراقبة المعاملات المجهزة لتحديد أنماط الأنشطة غير العادية.

وفي مارس 2021، أعلن المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الإمارات، اعتماد مجموعة من الأنظمة التقنية للتصدي للجرائم المالية، من خلال العمل على تلقي وجمع البيانات وفحصها ودراستها، ومن ثم تعميمها على السلطات المختصة عند الحاجة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

وتشمل هذه الأنظمة برنامج (goAML) لرفع التقارير المصرفية المشبوهة وتحليلها واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، وبرنامج (IEMS) للتراسل بين وحدة معلومات المالية والقطاع الخاص، وجهات إنفاذ وتطبيق القانون في الدولة.

إضافة لبرنامج "فوري تيك"، الذي يتيح اتخاذ الإجراءات الفورية فيما يتعلق بالقضايا المالية المتعلقة بمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وكذلك برنامج (Declare)، الذي يقوم على حصر حركة انتقال المبالغ النقدية والأحجار والمعادن الثمينة قبل الوصول وبعد وصولها، وفق حركة المسافرين عبر الحدود الجمركية البحرية والبرية والجوية.

وقال حميد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي الإماراتي لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، في تصريحات صحفية مؤخراً، إن بلاده دخلت في شراكة مع متخصصين من ذوي المهارات العالية والخبرة، ولديهم سجل حافل في تلبية أفضل الممارسات والمعايير الدولية فيما يتعلق بغسل الأموال".

وأضاف الزعابي قائلاً: "نؤكد التزام الإمارات بدعم نزاهة النظام المالي الدولي، والذي يشمل العمل عن كثب مع شركائنا في جميع أنحاء العالم لمكافحة الجرائم المالية".

تداعيات اقتصادية

وحول تأثير إدراج الإمارات على "القائمة الرمادية"، قال الخبير المالي منير سيف الدين خلال حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إن "إقدام مجموعة العمل المالي الدولية على إدراج الإمارات على هذه القائمة سيعني تكبدها خسائر اقتصادية كبيرة".

وأضاف سيف الدين: "سيكون مطلوباً من البنوك والمؤسسات المالية الدولية، وحتى الشركات الأجنبية، فرض المزيد من التدقيق على البنوك والأنظمة المالية والشركات العاملة في الإمارات، ما يعني الكثير من الإجراءات التي ستقيد المعاملات بشكل كبير، وستؤثر على سير العمل والتدفقات المالية".

وأشار إلى أن هذه الخطوة خطيرة على مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية؛ فالشركات ورجال الأعمال وحتى الدول ستتخوف من ضخ استثماراتها في السوق الإماراتية لكونها من المناطق عالية الخطورة.

بكل المقاييس سيشكل إدراج الإمارات ضمن هذه القائمة نكسة قوية لها خاصة في ظل مساعيها لتصدر اقتصادات المنطقة، حسب الخبير المالي.

ورأى أن البورصة الإماراتية ستعاني أيضاً من هذا القرار حيث ستخشى الشركات الأجنبية ضخ أموالها إليها أو شراء أسهم فيها جراء هذا التصنيف.

إلا أن سيف الدين ذكر أن اقتصاداً بحجم الإمارات سيتمكن من تخفيف هذه التداعيات عليه، لكنه بالتأكيد "لن يتمكن من التخلص منها بشكل نهائي إلا بعد حذف البلاد من (القائمة الرمادية) لمجموعة العمل المالي".

وفي تصريحات لوكالة "بلومبيرغ" قالت كاثرين باور، المسؤولة السابقة بوزارة الخزانة الأمريكية، في 4 يناير 2022، إن  هناك بلا شك تكاليف ستتكبدها الدول التي يتم تصنيفها ضمن القائمة الرمادية".

وأضافت: "يطلب العديد من المنظمين العالميين أن تقوم البنوك والمؤسسات المالية بمراجعة تصنيفات المخاطر الخاصة بها، وإجراءات العناية الواجبة ذات الصلة للأطراف المقابلة في البلدان المدرجة في قوائم التصنيف الرمادي".