سياسة وأمن » حروب

السعودية واسرائيل تقفان وراء عودة الامارت للتورط مجدداً في العدوان على شعب اليمن

في 2022/01/24

الوقت بتصرّف-

بلا جدال، لقد شكّلت عمليتي "إعصار اليمن" الأولة والثانية التي نفذتها قوات الجیش واللجان الشعبية اليمنية، يوم الإثنين الماضي وفجر اليوم في العمقين الإماراتي والسعودي، ضربة قوية ومؤثرة أصابت حكام الإمارات بالصدمة والرعب، بحسب محللين سياسيين، لكن الصدى الأكبر لهذه العملية الناجحة تردد في كيان الاحتلال الصهيوني الذي بات يقرأ مضامين وأبعاد مثل هذه العمليات النوعية بعقلية أكثر إدراكا وفهما، على عكس ما هو عليه حال القادة والسياسيين في نظامي "آل سعود وعيال زايد" والذين يسارعون عند تلقيهم لأي صفعة إلى التقليل من شأن الخصم، وينسبون الإنجاز إلى أطراف أخرى قبل أن يقدموا على الانتقام من المدنيين الأبرياء.

وحول هذا السياق، كشف العديد من التقارير الاخبارية، أن القادة الاماراتيين قاموا بالتوجه لکیان الاحتلال الصهيوني لإنقاذهم من هذا المستنقع. ولفتت تلك التقارير إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، "نفتالي بينيت" قد اعلن عن "استعداد إسرائيل لتزويد الإمارات بالمساعدة، استخبارياً وأمنياً"، بعد العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في العمق الإماراتي. وبعث يوم الثلاثاء الماضي برسالة إلى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، معبراً من خلالها عن إدانته الشديدة للهجمات التي استهدفت منشآت في أبو ظبي، الاسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مصرع 3 أشخاص.

وقال "بينيت" إن "إسرائيل تقف إلى جانب الإمارات، ومع الشيخ محمد بن زايد". وتوجه إلى "بن زايد" قائلاً إن "إسرائيل ملتزمة بالعمل معكم في الكفاح المستمر ضد المتطرفين في الشرق الأوسط، وسنواصل الاتحاد معكم للعمل سوياً ضد أعدائنا المشتركين". وأعلن استعداده "لتقديم مساعدة استخباراتية وأمنية، لحماية الإمارات من اعتداءات مماثلة، ووجهت أجهزة الأمن الإسرائيلية لتزويد نظيراتها في الإمارات بأي مساعدة مطلوبة، إذا كنتم مهتمين".

وهنا يتساءل العديد من المراقبين ويتساءل الشارع العربي، هل وصل بنا الحالي إلى أن تطلب دولة عربية مسلمة الدعم والمساعدة من كيان الاحتلال الصهيوني التي تمتلك سجل أسود في قتل الابرياء في الاراضي المحتلة.؟ وهل فعلا اصبحت اسرائيل هي راعية السلام والامن في منطقة الشرق الاوسط.؟ هل اصبح القاتل هو الحارس الامين على الضحية؟. إن هذه الاحداث تؤكد بما لا تدع مجالا للشك بأن بعض الدول العربية وصلت إلى الحضيض وأنها باعت قيمها الاسلامية واصبحت ترى المجرم على أنه الحامي والمدافع.

وعلى نفس هذا المنوال، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن قلقٍ متزايد من تعرض الكيان الغاصب لهجمات جوية مماثلة لتلك التي دكت أبوظبي. وكشف الإعلام العبري عن إجراء خبراء عسكريين إسرائيليين اتصالاً مع القيادات العسكرية في الإمارات لعرض المساعدة في التحقيق وهو ما اعتبره مراقبون وخبراء عسكريون، استباقا صهيونيا للسيناريوهات القادمة المحتملة على صعيد المخاوف المتزايدة التي باتت تؤرق قطعان الصهاينة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الثلاثاء الماضي، عن مصدرٍ صهيوني قوله "إن مصدر القلق يرجع إلى إمكانية القيام بهجوم مماثل على مواقع إسرائيلية بواسطة مسيّرات موجهة ومتفجرة". وأفادت الصحيفة بأن "خبراء عسكريين إسرائيليين أجروا اتصالاً مع القيادات العسكرية في الإمارات وعرضوا المساعدة في التحقيق بالحادث، إضافة إلى الخوض في مراجعة حيثيات الحالة للاستفادة من الدروس على نحوٍ يكفل إحباط هجمات مماثلة في المستقبل".

بدورها، قالت مراسلة الشؤون السياسية في قناة "كان" الإسرائيلية، جيلي كوهين، إن "المسؤولين في إسرائيل يتابعون ما يجري في الإمارات ويخشون من هجومٍ مشابه". وأوضحت كوهين أن "أحد السيناريوهات يتحدث حقاً عن هجوم مسيّرات وصواريخ من ناحية اليمن، على الأقل بحسب المعلومات المتراكمة لدى إسرائيل هذا ما جرى في أبو ظبي، وهو هجوم يذكر بالهجوم على السعودية في أرامكو". كما أشارت إلى أن "المسافة بين اليمن وأبو ظبي هي حوالي 1500 إلى 1600 كلم وهي تقريباً نفس المسافة بين اليمن وإسرائيل، ولذلك إذا كان لدى القوات اليمنية القدرة على الوصول إلى حد تنفيذ هجوم صاروخي، فعلى ما يبدو أنهم قادرون على القيام بهذا ضدنا".

الجدير بالذكر أن كيان الاحتلال الصهيوني يحاول تعزيز تغلغله العسكري والسياسي والاقتصادي في المنطقة العربية من خلال استغلاله الهجمات التي تعرضت لها أبو ظبي الاثنين الماضي والتي خلفت العديد من القتلى والجرحى وطلب حكام الامارات العاجل من شركة "سكاي لوك" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع دعمها بعد الهجوم. ويمكن الفصل بين التغلغل العسكري الاسرائيلي الأخير في المنطقة وبين تراجع الحضور الأمريكي فيها؛ فأمريكا مهدت وسمحت لإسرائيل بان تأخذ دورها في التدخل بذريعة حماية الأنظمة العربية وذلك بعد انضمام عدد من الدول العربية الى معاهدة ابراهام، وبعد ان قلصت عدد قواتها في الخليج من ما يقارب 50000 ألف جندي إلى 20000 ألف جندي، ونقل حاملة طائرات ومعدات عسكرية إلى مناطق أخرى من العالم للتصدي الى تنامي النفوذ الصيني والروسي الذي أصبح يهدد المصالح الأمريكية في اروبا ومنطقة المحيط الهادئ.

فإسرائيل وامريكيا تدركان بان الأسلحة التي تباع للإمارات والمغرب وبقية الدول العربية التي هرولت للتطبيع مع الكيان الغاصب لن تستخدم الا ليقتل العرب بعضهم بعضا، وللحيلولة دون تطوير علاقة مشتركه بينهم وخاصة إذا كانت تهدد او تتعارض مع مصالح إسرائيل في المنطقة. ولهذا ستبقى إسرائيل وأمريكا المستفيدتان الكبريان من تغلل الكيان الصهيوني في المنطقة؛ فإسرائيل لن تتردد عن تزويد الامارات بالأسلحة لان ذلك سيعطيها مواطئ اقدام متزايدة الاتساع في المنطقة، وسيجعلها قادرة على بسط املاءاتها بصورة اكبر على العرب بما يتماشى مع اطماعها الاستراتيجية بتقسيم واضعاف الدول العربية لتثبيت احتلالها لفلسطين كما حدث بدعمها لتمزيق السودان الى شمال وجنوب، وتعزيز اقتصادها لاستقطاب المزيد من الصهاينة للهجرة اليها من جميع انحاء العالم وبناء المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية، وسلب أراض عربية أخرى كهضبة الجولان، وإنشاء تحالف عربي بقيادتها للتصدي ولإفشال الاتفاق النووي الغربي مع إيران، وامريكا تستخدم إسرائيل للتغطية على تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط و للتركيز على التصدي لتهديد الصين وروسيا لمصالحها.

ولن تجني الامارات ومن لف لفها من الأنظمة العربية التي تراهن على حماية إسرائيل لعروشهم شيئا؛ فالإمارات والسعودية تلقتا ضربات موجعه في عمقهما رغم انفاقهما مئات المليارات من الدولارات مقابل الأسلحة الامريكية، كما تستنزف إسرائيل ثروات المغرب ببيعه اسلحه هدفها تهديد الجارة الجزائرية في حرب لو وقعت سيكون الملك محمد الخامس الخاسر الأكبر فيها. ومصر والتي همش دورها في المنطقة بعد توقيعها معاهدة كامب ديفيد تقف متفرجة وعاجزة عن حماية امنها المائي من خطر سد النهضة الاثيوبي الذي تحميه إسرائيل، ناهيك عن السودان الذي يعاني من ازمة سياسية واقتصادية خانقة بسبب رغبة العسكر الانفراد بالحكم ودعم إسرائيل الامني واللوجستي لهم. إن تغلغل إسرائيل العسكري والسياسي والاقتصادي في المنطقة العربية يساعدها في الحصول على المزيد من الشرعية الدولية، وافشال بعض المحاولات لإحكام الحصار حولها بسبب جرائمها وارهابها تجاه الشعب الفلسطيني، ويمكنها من نسف أسس مقومات التضامن العربي بحرمان المنطقة من انشاء جسد عربي واحد يحمي مصالح وتطلعات الشعوب العربية للديموقراطية والرخاء الاقتصادي.