ملفات » قضية جمال خاشقجي

"بعد إنهاء ملف خاشقجي".. ما مستقبل العلاقات السعودية التركية؟

في 2022/04/02

متابعات-

بعد التصعيد الكبير التي تسببت به قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، عام 2018، بين السعودية وتركيا، بدأت تظهر مؤشرات لإنهاء القضية بشكل نهائي، وعودة العلاقات إلى قوتها بين البلدين.

وتعد أولى المؤشرات التي تؤكد نية تركيا إنهاء القضية، هي مطالبة النيابة العامة التركية بإحالة قضية محاكمة الأشخاص الـ 26 المتهمين بقتل خاشقجي، إلى السلطات القضائية السعودية.

وخلال جلسة المحاكمة التي عقدت، (الخميس 31 مارس الجاري)، في المحكمة الجنائية الـ 11 في إسطنبول، والتي لم يحضرها المتهمون الـ 26، طالبت النيابة العامة ببدء الإجراءات اللازمة من أجل تأمين نقل المحاكمة إلى الجهات القضائية السعودية.

كما قررت المحكمة التوقف عن مواصلة النظر في القضية، والبدء بالأسس والإجراءات اللازمة من أجل نقلها للسلطات القضائية السعودية، وتأجيل الجلسة مع مطالبة وزارة العدل التركية بالإدلاء برأيها حول نقل القضية إلى السلطات القضائية السعودية.

وإلى جانب الإجراءات القضائية، كشف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، عن وجود خطوات مهمة في سبيل تطبيع العلاقات بين بلاده والسعودية.

وخلال لقاء تلفزيوني (الخميس 31 مارس)، أكد تشاووش أوغلو، أنه التقى نظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، وأعلن في وقت سابق أنه يعتزم زيارة تركيا، وهو ما يعكس تقدم العلاقات بين البلدين وأوضح أنه لم يتم التخطيط لهذه الزيارة بعد بسبب الزخم الموجود في الحراك السياسي.

كما التقى تشاووش أوغلو الأمير فيصل في العاصمة الباكستانية إسلام آباد (في 22 مارس الجاري على هامش أعمال الاجتماع الثامن والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي).

وفي أبريل الماضي، نقلت وكالة رويترز، على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قوله: "سنبحث سبل إصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية".

وحول ملف خاشقجي، قال قالن: "لديهم محكمة وأجريت محاكمات.. اتخذوا قراراً وبالتالي نحن نحترم ذلك القرار".

بداية الأزمة

بدأت الأزمة بين البلدين، حين أكدت تركيا، أن 15 سعودياً، برفقة ثلاثة من عناصر المخابرات، وصلوا إلى إسطنبول قبل أيام من اغتيال خاشقجي، وقامت هذه المجموعة بإزالة كاميرات المراقبة والمواد التي سجلتها داخل القنصلية السعودية قبل وصول الصحفي الذي لقي مصرعه في المبنى.

وفي أكتوبر 2018، أكد المحامي العام في إسطنبول عرفان فيدان، أن خاشقجي خنق وقطعت جثته بعد دخوله القنصلية بقليل.

وفي مقال كتبه في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن "التحقيقات كشفت أن خاشقجي قتل بدم بارد على يد فريق قتل، وكان القتل عمدا مع سبق الإصرار".

وأضاف: "هناك أسئلة أخرى لا تقل أهمية سوف تسهم إجاباتها في فهم ملابسات هذا العمل المشين.. أين جثة خاشقجي؟ من هو المتعاون المحلي الذي تزعم السعودية أنه تخلص من أشلاء جاشقجي؟ من أعطى الأوامر بإزهاق تلك الروح الطيبة؟ لسوء الحظ، رفضت السلطات السعودية الإجابة على تلك الأسئلة".

وأوضح أردوغان إنه علم أن الأوامر بقتل خاشقجي "جاءت من أعلى المستويات في الحكومة السعودية"، وفي مارس2020، وجه المحامي العام في إسطنبول اتهامات رسمية بقتل خاشقجي إلى سعود القحطاني، وأحمد العسيري و18 متهما آخرين.

تطور العلاقات

عقب مطالبات النيابة التركية بنقل ملف خاشقجي إلى السعودية، والتصريحات الإيجابية لوزير الخارجية التركي، يؤكد الباحث بالشأن السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، أن ذلك يعد خطوة لتطبيع العلاقات وتطورها بين البلدين.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يتوقع رضوان أوغلو، أن "تقدم تركيا على إنهاء ملف خاشقجي مع السعودية بشكل نهائي، من خلال الإطار القانوني والقضائي، خاصة أن تركيا لديها حرص على تحسين علاقاتها مع المملكة".

ولا تستطيع تركيا، كما يوضح المحلل السياسي التركي، على "أن تكون بحالة خصام متواصلة مع السعودية، خاصة أن العالم والمنطقة يتجه إلى السلام، إضافة إلى أن المملكة أيضا تعد قوة إسلامية اقتصادية عالمية".

وعلى المدى المتوسط، يتوقع رضوان أوغلو، أن "تشهد العلاقات بين السعودية وتركيا، تحسناً في مجالات مختلفة، خاصة بعد الخطوة التركية حول قضية الصحفي خاشقجي، والمتمثلة بالإطار القانوني".

التبادل التجاري

وإلى جانب المؤشرات السياسية، ظهرت بعض الإرهاصات الاقتصادية التي تعكس مدى وجود قرار لتحسن العلاقات السعودية التركية، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 إلى ما يقارب 3 مليار دولا، كما بلغ حجم الصادرات التركية إلى السعودية من يناير وحتى نوفمبر الماضي، من عام 2 إلى 189 مليون دولار.

وتستحوذ تجارة المواد الكيميائية على الحصة الأكبر في حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية، إذ تؤكد بيانات هيئة الإحصاء التركية أن واردات تركيا من السعودية متنوعة وتأتي في مقدمتها المنتجات الكيمائية.

وعلى صعيد السياحة، زار تركيا 66.8 ألف سعودي منذ بداية عام 2021 حتى نهاية شهر أكتوبر من السنة ذاتها، بانخفاض 87.1% عن الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب وكالة "بلومبرغ".

وشهد عام 2020 استقبال تركيا 519.9 ألف سعودي بانخفاض 23.3% عن عام 2018، الذي كان السياح السعوديون يحتلون خلاله المرتبة الثانية عربياً في السياحة إلى تركيا.