ملفات » قضية جمال خاشقجي

انتقادات حقوقية وخطيبته ستقدم طعناً.. القضاء التركي ينقل ملف محاكمة خاشقجي إلى السعودية

في 2022/04/07

متابعات-

قضت محكمة تركية رسمياً، الخميس، بوقف محاكمة السعوديين المتهمين بالمشاركة في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، وإحالة ملف القضية إلى السعودية، وذلك في خطوة متوقعة مهّد لها القضاء التركي طوال الأسابيع الماضية، ويعتقد أنها تمهد لقرب إعادة تطبيع العلاقات المتدهورة منذ سنوات بين أنقرة والرياض على الرغم من الانتقادات الحقوقية، وإعلان خطيبة خاشقجي أنها ستقدم طعناً في القرار.

وصدر القرار عن المحكمة الجنائية الـ11 في إسطنبول، المسؤولة عن النظر في القضية، في جلسة تغيّب عنها المتهمون الـ26 وحضرها محامون من نقابة المحامين في إسطنبول، ممثلون عن المتهمين، إضافة إلى خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز ومحاميها. وأعلنت المحكمة قرارها خلال الجلسة بالتوقف عن مواصلة النظر في القضية، وإحالتها للسلطات القضائية السعودية.

وعلى الرغم من أن قرار نقل القضية إلى السعودية اعتبر بمثابة إغلاق كامل لملف خاشقجي في المحاكم التركية، إلا أن وزير العدل التركي بكير بوزداغ اعتبر في تصريحات سابقة الجمعة أنه “إذا أدانت السلطات السعودية المتهمين، فإن المحكمة التركية ستُسقط القضية، وإذا تمت تبرئتهم في المملكة، فقد تستأنف المحكمة التركية المحاكمة”، في إشارة إلى أن تركيا ستواصل متابعة سير القضية في القضاء السعودي، وأنها يمكن أن تعود لفتحها مجدداً في القضاء التركي.

والخميس الماضي، طلب المدعي العام التركي في مدينة إسطنبول، من القضاء التركي وقف المحاكمة المتواصلة منذ سنوات لـ26 متهماً بالمشاركة في قتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول ونقل ملف القضية والمحاكمة إلى السعودية، حيث قررت المحكمة إحالة الطلب لوزارة العدل من أجل “إبداء الرأي” قبيل اتخاذ قرار نهائي.

والجمعة، أعلن وزير العدل التركي بكير بوزداغ أن وزارته ستبدي “رأياً إيجابياً”، حيال طلب النيابة العامة نقل قضية محاكمة المتهمين إلى السعودية، موضحاً أن الرياض طلبت نقل قضية المحاكمة إلى السعودية “في إطار اتفاقية التعاون القضائي الدولي”، وفسر الوزير دوافع القرار بكونه “لا يوجد مشتبه بهم موقوفون في تركيا وأن جميع المتهمين موجودون في الخارج”.

وقال بوزداغ: “عندما طلبت النيابة العامة إيقاف المحاكمة، طلبت المحكمة من وزارة العدل إبداء رأيها، ونحقق في هذا الأمر وسنرسل رأينا اليوم في إطار اتفاقية المساعدة القانونية الدولية ولم نبد أي رأي بعد.. سنعطي رأيا إيجابيا بشأن نقل هذه المحاكمة والقضية، وعملاً بالمادة 24 من القانون رقم 6706 سنقرر وفقًا لذلك”.

وبدأ هذا المسار في جلسة نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما طلبت هيئة المحكمة من دائرة العلاقات الخارجية بوزارة العدل التركية رداً عما إذا كانت هناك محاكمة للمتهمين في السعودية أم لا، وعلى إثر ذلك، خاطبت وزارة العدل التركية المدعي العام السعودي الذي طلب بدوره نقل ملف القضية للقضاء السعودي واعداً بالنظر فيها ومتابعتها. وفي جلسة الخميس، رأى المدعي العام التركي أن ملف القضية بات “معلقاً بسبب أن المتهمين أجانب ويصعب الوصول إليهم والاستماع لأقوالهم أو جلبهم بواسطة الإنتربول، وبناء على ذلك طلب وقف النظر في القضية ونقلها للقضاء السعودي، مع مواصلة متابعتها حسب الأصول القانونية”.

وفور صدور قرار القضاء التركي، الخميس، بنقل ملف القضية إلى السعودية، أعلنت خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي أنها ستقدّم استئنافا ضد قرار المحكمة نقل القضية إلى السعودية. وقالت للصحافيين خارج محكمة اسطنبول الرئيسية، إن تركيا “لا تُحكم من عائلة كما هو الحال في السعودية. لدينا نظام قضائي يُعنى بشكاوى المواطنين.. سأقدّم استئنافا للقرار بما يتوافق مع نظامنا القضائي”.

وفي وقت سابق، نددت جماعات حقوقية مختلفة بخطوة القضاء التركي نحو إغلاق ملف القضية، وشددت خديجة جنكيز على أنه “لا يمكن توقع إجراء محاكمة عادلة في السعودية”، بينما وصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامار طلب المدعي العام بأنه “يفتقر للأسس”، كما علقت منظمة “مراسلون بلا حدود” بأن طلب المدعي العام بمثابة “خبر مروع”.

وفي لقاء على تلفزيون “أ خبر” التركي، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الخميس الماضي، إن تركيا ليس لديها أي موقف أو خطوات سلبية اتجاه السعودية في أي مجال سياسي أو اقتصادي أو غيره، لافتاً إلى أنه “تم القيام بخطوات مهمة مؤخراً في مسار تحسين العلاقات بين البلدين”، لافتاً بشكل خاص إلى “التعاون القضائي بين البلدين”.

وكشف وزير الخارجية التركي عن أن نظيره السعودي فيصل بن فرحان كان ينوي زيارة أنقرة في وقت سابق “إلا أنه لم يتم التخطيط للزيارة بسبب الزخم الموجود في الحراك السياسي”، وهو ما اعتبر بمثابة إشارة إلى إمكانية حصول زيارة قريبة للوزير السعودي إلى أنقرة، وذلك عقب المعضلة الأكبر في علاقات البلدين والمتعلقة بمحاكمة قتلة خاشقجي، حيث قال جاويش أوغلو: “يمكنني القول إن المرحلة المقبلة ستشهد اتخاذ خطوات جادة بهذا الشأن”.

وتعتبر قضية قتل خاشقجي من أبرز ملفات الخلاف التي فجرت العلاقات التركية السعودية في السنوات الأخيرة إلى جانب خلافات أخرى مختلفة، ورفض المدعي العام والقضاء السعودي التعاون مع تركيا في القضية، كما طالبت السعودية مراراً بإغلاق ملف القضية في تركيا باعتبار أن القضاء السعودي أقام محاكمة كاملة للمتهمين وأنزل أحكاماً نهائية بحقهم

وفي إطار مساعي إنهاء الخلافات وتحسين العلاقات بين أنقرة والرياض، اشترطت السعودية مراراً إغلاق ملف قتل خاشقجي الذي طالب سابقا المسؤولون الأتراك بتسليم قتلته لمحاكمتهم في تركيا كون الجريمة وقعت على أراضيها، وهو شرط أساسي طالما شددت عليه الجهات الرسمية التركية، قبل أن تتراجع التصريحات الرسمية التركية حول القضية في العامين الأخيرين بشكل لافت.

وفي أبرز تطور في هذا السياق، نقلت وكالة رويترز في أبريل/ نيسان الماضي على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قوله: “سنبحث سبل إصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية”، وحول ملف خاشقجي قال قالن: “لديهم محكمة وأجرت محاكمات.. اتخذوا قراراً وبالتالي نحن نحترم ذلك القرار”، وهو ما اعتبر حينها بداية لتغير جذري في الموقف التركي الذي وصف سابقاً المحاكمة السعودية بـ”المسرحية” وطالب مراراً بأن تجري المحاكمة على الأراضي التركية التي وقعت عليها الجريمة.

وفي تصريحاته له بطريق عودته من الإمارات، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده والسعودية تواصلان الحوار، وإنه من المرتقب تحقيق تقدم عبر اتخاذ خطوات ملموسة في الفترة المقبلة، ونقل عن أردوغان قوله: “حوارنا الإيجابي مع السعودية مستمر، وننتظر تقدما من خلال الخطوات الملموسة في الفترة المقبلة.. نريد التقدم في هذه العملية مع السعودية في اتجاه إيجابي”.

ونهاية العام الماضي، تحدث أردوغان أمام رجال أعمال عن أنه ينوي زيارة السعودية قريباً لحل الخلافات السياسية والاقتصادية بين البلدين، لكن الرئيس التركي أو أي مسؤول تركي لم يتحدثوا لاحقاً عن أي خطوات للتحضير للزيارة أو موعد زمني لها، بينما التزم الجانب السعودي الصمت، ولم تتحقق الزيارة حتى اليوم.