اقتصاد » اسكان ومصارف

بعد انهيار العملة.. هل تكفي وديعة الرياض وأبوظبي لإنقاذ اقتصاد اليمن؟

في 2022/04/10

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

بينما كان اليمنيون يعتقدون أن وديعة سعودية بملياري دولار قدمت لهم في عام 2018، ستنقذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، وجدوا أنفسهم أمام انهيار مستمر للعملة المحلية وتزايد أسعار السلع المختلفة.

وبعد مرور أكثر من 4 سنوات، ومحاولات يمنية للحصول على دعم خليجي، أعلنت السعودية مجدداً تقديم ثلاثة مليارات دولار، منها مليار لأبوظبي، بهدف إعادة الاستقرار الاقتصادي لليمن، وإيقاف تدهوره.

ويعتقد كثيرون أن الوديعة المقدمة لليمن لن تكون كافية لإنقاذ اقتصاده ما لم تُتخذ خطوات أخرى، من بينها السماح بإعادة تشغيل المنشآت النفطية، واستقرار الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة الحكومة، وإنهاء الانقسام المالي بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين.

وديعة سعودية

بالتزامن مع إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تشكيل مجلس رئاسي يقود اليمن، وتنازله عن صلاحيته بالكامل للمجلس، أعلنت المملكة تقديم "دعم عاجل" للاقتصاد اليمني والبنك المركزي اليمني قيمته 3 مليارات دولار، منها مليارا دولار مناصفة بين السعودية والإمارات.

وأشارت في بيانٍ نشر في 7 أبريل، إلى أن المملكة ستقدم ملياراً إضافياً بواقع 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون لمشاريع ومبادرات تنموية.

وبينت أن السعودية قدمت أيضاً 300 مليون دولار "لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة عام 2022، لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني وتحسين أوضاعه المعيشية والخدمية".

ودعت المملكة إلى "عقد مؤتمر دولي لحشد الموارد المالية اللازمة لدعم الاقتصاد اليمني والبنك المركزي اليمني وتوفير المشتقات النفطية".

اشتراطات سابقة

كانت وسائل إعلام يمنية قد كشفت في وقتٍ سابق، أن اشتراطات سابقة طرحتها السعودية لتقديم الوديعة، تمثلت في توحيد الإيرادات للبنك المركزي في عدن، وضمنها الإيرادات النفطية التي توردها الحكومة لحسابات في البنك الأهلي السعودي.

وأشارت إلى وجود موافقة مبدئية على نقل الحسابات للبنك المركزي، غير أن الجهات المالية السعودية كانت تطالب بخطوات عملية لتسريع إعلان "الوديعة" لتعزيز الوضعين المالي والاقتصادي وإنقاذ الريال اليمني من الانهيار غير المسبوق.

ومن بين الاشتراطات السابقة، إعادة تشكيل هيئة البنك المركزي، وهو ما حدث في ديسمبر الماضي، بتعيين أحمد غالب المعبقي محافظاً، ومحمد عمر باناجه نائباً للمحافظ، وفقاً لقرار جمهوري نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

وإلى جانب ذلك، أرسلت الدول المانحة للوديعة خبراء أجانب إلى اليمن؛ لوضع شروط وآليات استخدامها، في إطار حرصها على سلامة الاستخدام وضمان استخدامها في مكانها الصحيح واستعادتها مستقبلاً كما حدث مع الوديعة السعودية السابقة.

مؤقتة ومحدودة

يعتقد المحلل الاقتصادي أحمد سعيد شماخ أن الوديعة لن تجدي نفعاً، وستكون حلولها "مؤقتة ومحدودة للغاية لا تتعدى أشهراً قليلة، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه من الانهيار".

ويرجع "شماخ" ذلك إلى وجود "اقتصاد منهار وبنى تحتية وخدماتية غائبة وعملة محلية في جزء من البلاد منعدمة وتالفة ومنهارة (مناطق سيطرة الحوثي)، والجزء الآخر منه (مناطق سيطرة الحكومة) متضخمة ولها ثلاثة أسعار (شيك مقابل نقد، جديد مقابل قديم، تالف مقابل سليم)،  فضلاً عن تراجع عملية الإنتاج وزيادة الفاتورة الاستيرادية".

ويؤكد في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، ضرورة وجود حل جذري شامل للقضية اليمنية من مختلف الأطراف والفاعلين الدوليين والإقليميين والمحليين تتمثل في "إيقاف حقيقي للحرب وإحلال السلام بشكل نهائي في كل مدينة ومنطقة وقرية وفي مناطق المواجهات باليمن، وليس عن طريق أنصاف أو أرباع الحلول".

وإلى جانب إيقاف الحرب، يؤكد أن إعادة إنعاش الاقتصاد وإيقاف التدهور يأتيان من خلال "إعادة تصدير النفط والغاز وتأمين الأمن الغذائي لليمنيين من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية والصناعية والمنجمية"، مشيراً إلى أن هذه العناصر كلها "ستؤدي في نهاية المطاف إلى استقرار الوضع الاقتصادي وتحسين العيش الكريم والخدمات للمواطنين".

ويضيف: "مهما حاولت السعودية أو غيرها تضخيم أو زيادة المساعدات العينية أو النقدية، فإنه لن يكون هناك أي استقرار إذا لم تكن هناك مصالحة وطنية يمنية - يمنية، والبدء ببناء اليمن بعيداً عن التدخلات الخارجية".

مهمة للتعافي

في المقابل يعتقد د.رداد الشامي، الأكاديمي والباحث بمجال الإدارة والاقتصاد، أن "الوديعة ستكون جزءاً مهماً في تعافي الاقتصاد اليمني، واستقرار أسعار المواد الأساسية من مواد غذائية ومشتقات نفطية".

ويضيف "الشامي" لـ"الخليج أونلاين": "ستكون أيضاً سبباً رئيساً في الحد من تدهور الريال اليمني، وسيكون هناك استقرار في سعر الصرف نوعاً ما".

لكنه أيضاً يتشارك مع ما طرحه "شماخ"، في أن الوديعة السعودية والإماراتية لن تكون كافية لإنقاذ الاقتصاد اليمني، موضحاً أنها "ستسهم في استقرار الاقتصاد اليمني ولكن لفترة قصيرة ما لم يتم القيام بإصلاحات اقتصادية واسعة".

ويوضح: "يجب على البنك المركزي تقليص الفجوة بعدم الثقة بينه وبين المانحين الدوليين، من خلال إثبات قدرته الإدارية على إدارة الوديعة بشكل يخدم الاقتصاد والمواطن اليمني، من خلال دعم استيراد المواد الأساسية من غذاء ودواء ومشتقات نفطية وأن يتجاوز الأخطاء السابقة التى حصلت في إدارة الوديعة السابقة بالنسبة لسعر الصرف الممنوح للمستوردين وسعر صرف السوق".

وتابع: "كذلك يجب على البنك المركزي تفعيل الجهاز الرقابي بشكل كامل ومهني مع ضرورة تبني البنك المركزي إجراءات شفافية واضحة لنشر جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بسعر الصرف والأنشطة النقدية، والقرارات المتعلقة بتمويل خطابات الاعتماد وأسماء المستوردين المستفيدين منها وكذلك أنشطة وبيانات سوق القطاع المالي".

وديعة سابقة.. وانقسام

كانت السعودية قد قدمت، في العام 2018، وديعة بمبلغ ملياري دولار، وذلك بعد الانهيار التاريخي للعملة المحلية، واستمرت في تقديمها بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية.

وكانت آخر دفعة من الوديعة قد أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً سحبها، في 21 ديسمبر 2020، بعد حصولها على موافقة لسحبها بهدف تغطية طلبات فتح الاعتمادات لاستيراد السلع الأساسية.

ويمثل الانقسام المالي في البلاد، بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي المدعومة من إيران، عاملاً حاسماً في تدهور العملة المحلية، لا سيما بعد قرار الحوثيين نهاية 2019 منع تداول الطبعات الجديدة من العملة التي ضخها البنك المركزي في عدن.

وبلغ الأمر فرض رسوم على التحويلات من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية (جنوب) إلى مناطق سيطرة الحوثيين (شمال)، بأكثر من 150٪ من قيمة الحوالة.

وإلى جانب ذلك يعاني اليمن عجزاً كبيراً في العملة الصعبة من الدولار؛ وهو ما يجعله غير قادر على مواجهة المتطلبات المتعلقة بتوفير العملة الصعبة للتجار للاستيراد.

كما تعاني الحكومة اليمنية من عجز كبير في مواردها المالية بسبب تأثر إيراداتها النفطية وغير النفطية نتيجة أزمة كورونا التي مرت بها البلاد العام الماضي، وتعطيل الإمارات للموانئ، إضافة إلى الانخفاض الحاد في تحويلات المغتربين إلى اليمن لتأثر أعمال أغلبيتهم في دول الاغتراب.

ومنذ اندلاع الحرب في اليمن، لم يشهد الريال اليمني غير الهبوط المتواصل مقابل العملات الأجنبية، والذي قابله ارتفاع بأسعار السلع والمواد الغذائية.