دعوة » هيئة الامر بالمعروف

"هيئة الأمر بالمعروف" في السعودية.. جدل متجدد رغم تغير المهام

في 2022/04/13

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

أعادت الدراما الرمضانية الجدل في السعودية حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رغم أن نشاطاتها تقلصت عن ما كانت عليه في السابق.

جاء ذلك بعد تجسيد "مخالفات" بعض أعضائها في مسلسل "العاصوف" الذي يعرض على قناة "MBC" السعودية من بطولة الممثل المعروف ناصر القصبي.

وتباينت آراء السعوديين حول ما يعرضه المسلسل من تصرفات تتضمن "انتهاكات ومخالفات جسيمة لحقوق الإنسان" لعناصر الهيئة، خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي.

وفي تلك الفترة كان أعضاء الهيئة يجوبون الشوارع والمراكز التجارية للتأكد من عدم ارتكاب أي مخالفات للشريعة الإسلامية -كما يقولون- ومن أبرزها كما كان معروفاً عنهم بذلك الوقت مراقبة ارتداء السيدات والفتيات أزياء مناسبة، كما كانوا يحرصون على إغلاق جميع المتاجر والمحال أثناء مواعيد الصلوات.

كما شملت صلاحيات الهيئة آنذاك، اعتقال أفراد الهيئة من يشرب الخمور أو يتناول المخدرات أو من يمارسون السحر والشعوذة، إلا أن المملكة سجلت عدة "مخالفات" قام بها أعضاء في الهيئة سابقاً، ما تسبب باستياء من بعض سلوك الهيئة.

آراء متباينة

ورأى البعض أن المسلسل يتضمن "مبالغات"، فيما يعتقد آخرون أنه يحاول "تشويه" صورة الهيئة وتحسين صورة الانفتاح القائم بالمملكة.

إلا أن فريقاً ثالثاً دافع عما يعرضه "العاصوف"، وقال: إنه "غيض من فيض" لما كان عليه الحال في تلك الفترة الزمنية.

وكتب تركي الحمد، وهو أستاذ علوم سياسية في جامعة جنوب كاليفورنيا، عبر حسابه الموثق على تويتر: إن "الكثير من متابعي مسلسل العاصوف يشككون في صدقية الأحداث التي يعرضها المسلسل حول وحشية الهيئة أيام الصحوة".

وأضاف: "لكن تلك أيام عشناها ولا يقال قيل لنا، وما عرض هو غيض من فيض. ببساطة كانت أيام إرهاب علني بكل معنى الكلمة، وكان المجتمع عاجزاً عن المقاومة في ظل تغلغلهم في أجهزة الدولة".

وكتبت الطبيبة السعودية لمياء البراهيم في تدوينة عبر حسابها الموثق على تويتر: "لما نشاهد العاصوف ونتذكر تلك الحقبة ويستغربها أولادنا تلقائياً أدعو لمحمد بن سلمان. فلا سلطة تعلو على سلطة الدولة".

وأضافت: "كشعب محب للوطن وسيادته ندعم القرارات الوطنية فهي تصب في مصلحتنا والأجيال القادمة".

وفي السياق ذاته غرد المستشار الإعلامي السعودي ناصر صالح الصِّرامي، عبر حساب موثق على تويتر قائلاً: "قد يخجلون من بعض ما يكشفه العاصوف، إلا أن المسلسل لم يقدم إلا أقل من 10٪ من ملامح الحقبة الظلامية  تلك".

وأضاف الصرامي: "نحتاج أكثر من عاصوف لندرك كيف تغيرنا. تقدمنا، وحتى لا يعود الظلام بعد النور".

فيما كتبت مغردة سعودية عبر حسابها الذي يحمل اسم "ديما": "صدمتي في  العاصوف لا توصف معقولة كانوا الهيئة يسوون في الناس هكذا ولا الموضوع مبالغ فيه؟".

وغرد الناشط السعودي محمد الحربي قائلاً: "الهيئة ينبغي أن ينظر إلى نتائجها الإيجابية الكثيرة، وتعالج أخطاؤهم وتجاوزاتهم القليلة، أما نشر التجاوزات القليلة وإنكار محاسنها الجمة على الدين والوطن هذا ليس من الإنصاف".

وأكمل: "هناك من البشر لا يهمه دين، وقد لا يصلي، ويتطاول على الهيئة وينتقصها، ليس هدفه دين أو وطن، بل شهوة محرمة على الأغلب".

تغير المهام

وتلاشى دول الهيئة تدريجياً خلال السنوات الأخيرة وبات "توجيهياً" إلى حد كبير، بعد أن أصدرت الرياض قراراً في أبريل 2016، بتعديل صلاحياتها طبقاً لقانون صدر عن مجلس الوزراء، وذلك بعد "مخالفات" سجلتها.

وحسب القانون، ليس من حق أعضاء الهيئة إيقاف الأشخاص أو التحفظ عليهم أو مطاردتهم أو طلب وثائقهم أو التثبت من هوياتهم أو متابعتهم.

ويقتصر دور أعضاء الهيئة على إخبار أفراد الشرطة أو إدارة مكافحة المخدرات عن الاشتباه في شخص معين.

كما طالب القرار أعضاء الهيئة بالعمل على نشر الفضيلة والحض عليها ومنع المنكر بالقول الحسن والرفق بالآخرين.

ويفرض القرار على أعضاء الهيئة أن يبرزوا هوياتهم التي تتضمن أسماءهم ومناصبهم في الهيئة وساعات عملهم الرسمي عند الحديث مع أي شخص، ولا يجوز لهم أن يقوموا بذلك خارج مواعيد عملهم الرسمية.

ومع تقليص دورها في الشارع، باتت الهيئة تطلق حملات للتوعية بالأخلاق ومواجهة الوباء والتحذير من مثيري الفتن من على الشاشات الرقمية واللوحات الإعلانية في الشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي.

وفي 7 أبريل الحالي، أعلنت الهيئة عن إنجازاتها خلال عام كامل، والتي بلغ عدد المستفيدين منها أكثر من 13 مليون مستفيد من المناشط التي بلغ عددها أكثر من 900 ألف.

وقالت إن نشاطها شمل الزيارات والكلمات التوعوية والتوجيهية واللقاءات والمصليات المتنقلة والمعارض وورش العمل التوعوية والتوجيهية، وجولات الأماكن العامة لأعضاء الهيئة البالغ عددها أكثر من 800 ألف جولة توعوية، في حين بلغ عدد الزيارات المنفذة خلال العام 1769 زيارة، استفاد منها نحو 228 ألف مستفيد مع تنفيذ 2277 لقاء وكلمة توعوية قدمها نخبة من كفاءات الرئاسة العامة.

كما قدمت ورش العمل التوعوية والتوجيهية والمعارض وتوزيع المواد التوعوية والتي بلغ عددها 12,868 مادة، مع المنصات الرقمية والوقائية التي تحمل رسائل توعوية ووقائية.

وبلغ معدل نشر التوعية الرقمية مليوناً و100 ألف مادة، وحظيت بمشاهدة ما يزيد عن 53 مليون مشاهدة، نشرت ضمن مواد الحملات التي أطلقتها الرئاسة العامة؛ مثل حملة "الخوارج شرار الخلق" وحملة "رب اجعل هذا البلد آمناً" وحملة "مكارم الأخلاق" وحملة "إن الله لا يصلح عمل المفسدين".

وفي العام 2016، قبل تقليص صلاحيات الهيئة، انتشر مقطع مصور أثار الرأي العام، حيث تظهر فيه فتاة بمول النخيل في العاصمة الرياض يقبض عليها رجل هيئة يقوم بمطاردتها وضربها وسحلها.

واعترفت الهيئة، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية (واس)، العام الماضي، عن عبد الرحمن بن عبد الله السند، الرئيس العام للهيئة: بأن رجالها قد قاموا بمخالفة الأنظمة، وقامت بإعفاء مدير عام الهيئة بمنطقة الرياض.

وأرجعت هذه "المخالفات" إلى أنّ أعضاء الهيئة كانوا يمارسون "مسائل أمنية من دون أي مرجعية أو خلفية أو تأهيل مسبق".

وأكّد السند أن شريعة المسلمين لا تنص على أن "النهي عن المنكر يعني بالضرورة إزالة المنكر"، وهو ما يعد تغييراً كبيراً بفكر الهيئة في الماضي.

وطالما أكدت الهيئة والسلطات السعودية الدور المهم الذي تؤديه بالحفاظ على تماسك المجتمع السعودي وحمايته من "الفتن" و"المحرمات" ومنع تفشي المخدرات فيه.