دول » دول مجلس التعاون

وسط أزمة الواردات.. ما حجم اهتمام دول الخليج بزراعة القمح؟

في 2022/04/28

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-

تولي دول الخليج زراعة القمح اهتماماً بالغاً؛ من خلال دعمها للمزارعين عبر برامج تحفيزية، وتوفير مصادر المياه لهم، خاصة في ظل حاجة تلك الدول لهذا المنتج الذي يعد المصدر الأول للغذاء.

وأظهرت الحرب الروسية الأوكرانية حاجة دول الخليج لأن تكون لديها مساحات واسعة من زراعة القمح تؤمن لها احتياجاتها وتحقق الأمن الغذائي لها من هذا المنتج الزراعي المهم.

وتشير توقعات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن الزيادة المستمرة في الطلب على القمح ستزيد عن 60% بحلول عام 2050 نتيجة لزيادة التعداد السكاني.

وتعتمد زراعة القمح على نثر بذور القمح وحراثة بسيطة للتربة، ثم ري البذور بعدها مباشرة، كما يحتمل الجفاف نوعاً ما، إذ يمكن ريه مرة كل أسبوع، ولا يستهلك الكثير من المياه، وهو ما يشجع دول الخليج على التوسع في زراعته.

الزراعة في الإمارات

تهتم الإمارات، التي تستورد 53.3% من احتياجاتها للقمح من روسيا، فيما تحصل على نحو 0.9% من أوكرانيا، لتلبية احتياجاتها المحلية، في زراعة مساحات واسعة من أراضيها بالقمح، باعتباره من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسة المرتبطة بالأمن الغذائي، فتعمل على دعم المزارعين من خلال توفير مواد ومستلزمات الإنتاج الزراعي بنصف الثمن، وتسهيل تسويق المنتجات المحلية.

ويؤكد مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة محمد الظنحاني أن المسوحات الأولية للوزارة أظهرت أن إجمالي المواقع الزراعية لمحاصيل القمح في الدولة بلغ 140 موقعاً.

ولدى الوزارة الإماراتية، وفق تصريح الظنحاني لصحيفة "الاتحاد"، في أغسطس الماضي، عزم لتنفيذ 6 خطط خاصة بزراعة القمح؛ أولها استمرارية إجراء المسوحات لكافة مزارعي القمح في مختلف أرجاء الدولة.

وتشمل الخطة الثانية، حسب الظنحاني، تأسيس منصة إلكترونية ببيانات فئة مزارعي القمح الإماراتيين؛ للاطلاع على احتياجاتهم وتحديد هيكلة توزعهم في الدولة، وتحديد قائمة بأسمائهم ومعلومات حول إجمالي إنتاج مزارعهم وغيرها.

وتتضمن الخطة الثالثة تحديد أصناف القمح المناسبة لزراعتها في البيئة المحلية، والرابعة تنفيذ عدد من الأبحاث حول زراعة القمح لتوفير المعلومات الفنية للمزارعين، والخامسة تقديم الإرشاد الزراعي لهذه الفئة، والسادسة العمل مع الجهات الأخرى لتطوير زراعة هذا المحصول المهم، والحديث للمسؤول الإماراتي.

وسبق أن جاءت الإمارات، في تقرير نشره موقع "World's Top ExportsK"، في نوفمبر 2019، بالمرتبة الـ 41 عالمياً والثانية عربياً في قائمة مصدري القمح في العالم، وصدرت الإمارات، حسب التقرير، قمحاً بقيمة 15.1 مليون دولار، بنحو 100 ألف طن.

القمح السعودي

بدأت السعودية بزراعة القمح في الثمانينيات من خلال الاعتماد على المياه الجوفية، ثم توسعت في التسعينيات لتصبح ثاني أكبر منتج للقمح العربي بعد مصر بأربعة ملايين طن، لكنها قررت تقليص المساحات المزروعة من أجل الحفاظ على مخزون المياه الجوفية، وتبني استراتيجيات جديدة للزراعة.

وعادت السعودية التي تستورد نحو 3.5 مليون طن من القمح سنوياً لتلبية احتياجاتها المحلية إلى تشجيع زراعة القمح محلياً بعد سنوات من المنع، بعد أن أعلن صندوق التنمية الزراعية السعودي، في ديسمبر الماضي، عن إطلاق منتج تمويلي خاص بزراعة القمح لتمويل التكاليف التشغيلية لصغار المزارعين، وذلك بهدف المساهمة في دعم الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي.

وستكون قيمة التكاليف التشغيلية لزراعة القمح في السعودية 4000 ريال (1,066 دولاراً) لكل هكتار، والمساحة المرخصة للزراعة ستكون من 30 إلى 100 هكتار بحد أقصى، وفقاً لصندوق التنمية الزراعية السعودي.

وفي بداية أبريل الجاري، كشف مدير عام مركز البذور والتقاوي وبنك الأصول الوراثية والنباتية بوزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، ناصر المري، عن خطة مركز البذور والتقاوي المستقبلية لإنتاج قمح "الديورم".

وتشمل الخطة، وفق تصريح المري، تنفيذ برنامجاً لاستنباط أصناف عالية الإنتاجية والجودة من قمح "الديورم" على ثلاث مراحل زمنية.

وتشمل تلك المراحل، وفق المري، مرحلة قصيرة الأجل، حيث تم الحصول على بذور بعض أصناف الديورم المنتخبة من سلالات هيئات دولية؛ مثل الإيكاردا والسيميت والإكساد، تقيم تمهيداً لتسجيل المتفوق منها كأصناف جديدة وإكثار بذورها لإنتاج درجات الإكثار المختلفة.

قطر

دخلت قطر أيضاً قائمة الدول الخليجية المنتجة للقمح لتعزيز أمنها الغذائي، خاصة في ظل نقص المنتج عالمياً بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وتعمل دولة قطر منذ سنوات على تعزيز أمنها الغذائي باستصلاح المزيد من الأراضي وباستخدام أحدث التقنيات العالمية التي تسمح بزيادة استدامة المياه دون استنزاف المياه الجوفية.

وباشرت شركة "الريان" الزراعية زراعة القمح العضوي، وهو الأول من نوعه بقطر، في عدة مزارع بطاقة إنتاجية مستهدفة تبلغ 2500 طن.

ويؤكد نائب رئيس مجلس إدارة "الريان" الزراعية ناصر علي الهاجري، في تصريح له، في أبريل 2021، أن الكمية سترتفع في الموسم الجديد لتصل إلى ضعف الكمية الحالية للمُساهمة في السلة الغذائية لقطر، والتصدير للدول المُجاورة.

وتراعي خطة إنتاج القمح تخفيض تكاليف الإنتاج مع الحصول على منتج جدير بالمنافسة عالمياً.

ووفرت مبادرة "الريان" حصادات ومحاريث وأنظمة ري محوري متطورة، واستطاعت رغم الظروف الصعبة لدولة قطر، من شح للمياه وملوحتها والمناخ المُتغير، إنتاج حبوب قمح الخبز والقمح الصلب.

وتبلغ مساحة مزارع القمح في دولة قطر نحو 4 ملايين متر مربع، ونتيجة التقنيات المُتطورة تتم عمليات الزراعة بالاكتفاء بعاملين إلى 4 عمّال فقط، وفق شركة "الريان".

اهتمام خليجي

تهتم الكويت التي تستورد سنوياً بقيمة 100 مليون دولار من القمح لتلبية احتياجاتها المحلية أيضاً، بزراعة القمح عبر دعم المزارعين، حيث ساعدت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية في توفير آليات الحصاد والجمع الحديث للمزارعين.

وللكويت تجربة سابقة لزراعة القمح، حيث بدأت زراعته في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990 توقفت البلاد عن ذلك.

سلطنة عُمان تعد من دول الخليج التي تولي اهتماماً بزراعة القمح، حيث بلغ إنتاج المحصول خلال عامي 2020/2021، 2649 طناً، محققاً ارتفاعاً بنسبة 19% على أساس سنوي.

ووفق بيانات وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه العُمانية، في سبتمبر الماضي، بلغ إجمالي الأراضي المزروعة بالقمح في الموسم بالسلطنة 2449 فدّاناً، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 19.6% على أساس سنوي.

وتظهر أرقام ارتفاع عدد مزارعي القمح في السلطنة إلى 5.5% خلال الموسم الماضي، اهتمام البلاد بزيادة المساحات الزراعية للقمح.

وتستورد سلطنة عُمان 65.4% من احتياجاتها للقمح من روسيا، فيما تحصل على قرابة 4% من الاحتياجات من أوكرانيا.

وأفاد مدير إدارة الثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة مسقط عبد الحميد الدرمكي، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية الشهر الحالي، بأن الوزارة تشجع وتدعم جميع المزارعين من أجل تحسين جودة المنتجات الزراعية وزيادتها كماً وكيفاً.

وقال: "الوزارة قامت هذا العام بتوزيع ما يقارب 500 كيلوغرام من بذور القمح (تقاوي القمح المحسنة) على مزارعي ولاية السيب، مقارنة بـ 375 كيلوغراماً تم توزيعها العام الماضي".

البحرين بدورها، والتي تستورد 170 ألف طن من القمح، شهدت زراعة القمح ولكن بكميات قليلة وغير موثقة من قبل الجهات الرسمية.

لا تكاليف عالية

وحول نجاح زراعة القمح في دول الخليج يؤكد المختص الزراعي محمد أبو السعيد، أن زراعة القمح لا تحتاج إلى تكاليف عالية أو مياه وفيرة، بحيث يمكن نثرها قبل فصل الشتاء والاعتماد على مياه الأمطار بشكل كبير.

وحسب حديث أبو السعيد لـ"الخليج أونلاين" فيمكن لدول الخليج، وخاصة السعودية وسلطنة عُمان، زراعة مساحات واسعة من القمح وتوفير احتياجاتها السنوية منه دون الحاجة إلى استيراده من الخارج.

ويحتاج نجاح زراعة القمح، حسب أبو السعيد، إلى دعم وجود قرار سياسي لدى قادة الدول، ثم دعم المزارعين بالحصادات والآلات الزراعية الأخرى، وبذور القمح، وتعويض المزارعين في حالة الخسارة.

ويتطلب تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح استغلال جميع المساحات المتوفرة في الدولة، ومنها المناطق الصحراوية من خلال استغلال مياه الأمطار، والآبار الجوفية، وفق أبو السعيد.