علاقات » عربي

هل يشكل الإفراج عن مقاتلين حوثيين بداية لحلحلة الأزمة اليمنية؟

في 2022/05/07

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

بعد مرور 8 سنوات على الحرب في اليمن؛ بين قوات الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، أصبح المشهد يمضي نحو تفكيك هذه الأزمة الطاحنة، والعمل على إنهاء الحرب.

ومع إعلان الأمم المتحدة هدنة للحرب في اليمن، مطلع أبريل الماضي، بدأت الخطوات تمضي نحو تحقيق تقدم في السلام باليمن، مع تشكيل مجلس رئاسة يمني بديل للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، والحديث عن اتفاقٍ لتبادل الأسرى بين الحكومة والحوثيين.

ولعل آخر تلك الخطوات إعلان التحالف العربي، من جانبٍ واحد، الإفراج عن 163 مقاتلاً في صفوف الحوثيين، وهي خطوة رآها البعض محاولة من التحالف لإبداء حسن نيته في إنهاء الحرب، بانتظار خطواتٍ مماثلة من الحوثيين.

163 أسيراً

أواخر أبريل الماضي، أعلن التحالف العربي بقيادة الرياض عزمه الإفراج عن 163 أسيراً حوثياً من طرف واحد لدعم الهدنة التي بدأت مطلع الشهر ذاته، والتي تشمل السماح برحلات تجارية إلى مطار صنعاء الدولي المغلق منذ العام 2016، والمفتوح فقط أمام رحلات المساعدة الإنسانية.

وقال المتحدث باسم التحالف العميد تركي المالكي، آنذاك، إن المبادرة تهدف أيضاً لتهيئة أجواء الحوار بين الأطراف اليمنية، وهو الحوار الذي انتهى بنقل صلاحيات الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مجلس رئاسي جديد.

وشهد الـ6 من مايو 2022 تسهيل اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات نقل 117 محتجزاً من العدد المعلن، إلى العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة عدن (العاصمة المؤقتة للبلاد).

ووفقاً للصليب الأحمر، تم نقل من الدفعة الأولى، 108 أسرى معظمهم أجانب كانوا يقاتلون في صفوف الحوثي إلى مطار عدن الدولي، و9 آخرين إلى مطار صنعاء، قبل أن يعلن "التحالف" بعد ساعات انتهاء عملية إطلاق سراح ونقل 163 أسيراً من الحوثيين ضمن المبادرة الإنسانية السعودية.

وكان الحوثيون على لسان رئيس وفدهم في اتفاق الأسرى عبدالقادر المرتضى، قد أعلنوا رفضهم استقبال الأسرى من عناصرهم، مشيراً إلى أنهم "غير معنيين" بالأسرى من مقاتلي المليشيات بزعم أنهم غير معروفين.

فشل عملية تبادل 

أواخر أبريل، وعقب إعلان التحالف، كانت قناة "المسيرة" الفضائية التابعة للحوثي قالت إن الجماعة المتمردة قدمت عرضاً جديداً للأمم المتحدة يتضمن الإفراج عن 200 سجين من كل من الأطراف المتحاربة في اليمن قبل عيد الفطر، وهو ما لم يتم.

كما نقلت وكالة "رويترز" عن رئيس لجنة شؤون أسرى الحوثيين عبد القادر المرتضى قوله إن سبب العرض الجديد "هو التأخير في تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى"، مضيفاً أن الجماعة "تنتظر رداً من التحالف الذي تقوده السعودية وتأمل أن يكون إيجابياً".

وفي مارس الماضي، ناقشت الأطراف المتحاربة في اليمن صفقة تبادل أسرى محتملة قد تؤدي إلى إطلاق سراح مئات المعتقلين، بينهم 16 مواطناً سعودياً وشقيق الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، لكن لم يتوصل إلى اتفاق نهائي منذ ذلك الحين.

وقال "المرتضى" إن الصفقة برعاية الأمم المتحدة قد تفرج عن 1400 سجين حوثي مقابل 823 سجيناً من "التحالف"، بينهم 16 سعودياً وثلاثة سودانيين.

حلحلة الأزمة

يرى الناشط اليمني عمار الوليدي أن السعودية تعمل على حلحلة الأزمة اليمنية، وتحميل الحوثي أي فشل في سبيل ذلك؛ من خلال عدة خطوات تقوم بها.

ويقول "الوليدي" في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن الرياض "قدمت كل ما يمكنها أمام المجتمع الدولي لإنجاح أي خطوات لإنهاء الحرب، والتي كان آخرها الإفراج عن الأسرى المقاتلين في صفوف الحوثيين كبادرة حسنة منها دون مقابل".

ويشير إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد خطوات سابقة من خلال الهدنة المعلنة بداية شهر رمضان، إضافة إلى المشاورات التي أقيمت في الرياض، وتشكيل مجلس الرئاسة في اليمن، معتبراً إياها "خطوات نحو ذلك".

ويرى أن الحوثيين يرغبون في إنجاح صفقات الأسرى "ولكن بما يحقق لهم كسب الوقت والعدد، بحيث يخرجون أكثر عدد من أتباعهم، خلافاً للتحالف الذي لا يهتم لذلك مهما كان العدد الذي سيفرج عنه".

وحول الخطوات المقبلة يعتقد الوليدي أن "كل ما يحدث هو تسريع للحل في اليمن، ويبقى الحل الوحيد الآن موجوداً في طهران التي تخوض مباحثات مع السعودية"، معرباً عن قناعته بأن أي إنهاء للأزمة في اليمن يبقى مرهوناً بالتفاهمات السعودية الإيرانية، ما دون ذلك لن يتحقق شيء مهما قُدم من تنازلات للحوثيين".

أكبر عملية تبادل

وتشكل عملية تبادل الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية التي حدثت في أكتوبر من العام 2020 أكبر عملية في تاريخ الصراع في البلاد المستمر، بعدما شهدت إطلاق أكثر من ألف أسير ومعتقل برعاية أممية.

واعتبرت  هذه العملية بمنظور الأمم المتحدة ثغرة مهمة في الحرب اليمنية، وخطوة في سبيل إيقافها، وسط محاولات منها للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة والشروع في عملية سياسية، لكن الأمر لا يزال مرتبطاً برمته بخريطة السيطرة والنفوذ على الأرض، وبمصالح الدول الخارجية المنخرطة في الصراع.

ورغم أن مفاوضات سابقة بين الجانبين منذ سنوات اتفقت على تبادل أسرى فإن نجاح العملية الأخيرة واعتبارها أكبر صفقة تبادل في تاريخ الحرب كانت ربما مشجعاً للعمل على إنجاح عمليات مماثلة.

ومنذ اندلاع الحرب، في مارس 2015، انفتحت نوافذ عديدة لإنهاء الحرب سياسياً، وأجريت عدة مشاورات يمنية–يمنية، مع دخول السعودية في مشاورات سرية مع الحوثيين، لكنها لم تُفضِ حتى الآن إلى اتفاق ينهي سنوات من الدمار والاقتتال باليمن.