علاقات » روسي

مباحثات جارية.. لماذا اتجهت فرنسا للإمارات لتعويض نفط روسيا؟

في 2022/06/11

كامل جميل - الخليج أونلاين-

تزداد الضغوط على الدول المنتجة للنفط في الخليج لتعويض النفط الروسي الذي يواجه حظراً من قبل الغرب، على أثر الحرب الروسية - الأوكرانية؛ وهو ما جعل من الإمارات والسعودية وجهة رئيسة لقادة أوروبا؛ سعياً للحصول على النفط الذي تريده أوروبا بديلاً عن الوقود الروسي.

خبراء النفط أكدوا صعوبة سد النقص الذي يخلفه الحظر على النفط الروسي، حيث كانت أوروبا وجهة ما يقرب من نصف صادرات روسيا من الخام والمنتجات البترولية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

لكن زعماء الاتحاد الأوروبي وافقوا من حيث المبدأ على خفض واردات النفط من روسيا بنسبة 90%، بحلول نهاية هذا العام.

وسينفذ الحظر المفروض على واردات النفط الخام المنقولة بحراً على مراحل خلال ستة أشهر، وبالنسبة للمنتجات المكررة المنقولة بحراً على مدى ثمانية أشهر. وتستثني العقوبات عمليات التسليم عبر خطوط الأنابيب التي تزود المصافي في شرق أوروبا وشرق ألمانيا.

لكن ألمانيا وبولندا قالتا إنهما ستتوقفان طوعاً عن شراء النفط الخام الروسي عبر خطوط الأنابيب بحلول نهاية 2022؛ وهذا يعني أنه في المجمل سيتم إيقاف نحو 90% من واردات النفط الروسية إلى التكتل.

فرنسا والنفط الإماراتي

وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، كشف يوم (5 يونيو 2022)، أن بلاده تجري محادثات مع الإمارات؛ لتعويض مشتريات النفط الروسية.

وصرح "لومير" لراديو "أوروبا 1" قائلاً: "هناك مناقشات مع الإمارات. علينا إيجاد بديل للنفط الروسي"، بحسب وكالة "رويترز".

الإمارات كانت قد أرسلت في 24 مايو الماضي، شحنات نادرة من النفط إلى أوروبا، في ظل تجاهل مشتري الخام الواردات من روسيا.

وأبحرت ناقلة النفط "موسكو سبيريت" التي استأجرتها ذراع الشحن التابعة لشركة "توتال إنرجيز" نحو روتردام بهولندا وعلى متنها شحنة تبلغ نحو مليون برميل من الخام الإماراتي، وفقاً لبيانات تتبُّع الناقلات وبيانات وكلاء الموانئ التي جمعتها "بلومبيرغ".

ولدى الشركة نفسها أيضاً نفط إماراتي على ناقلة عملاقة اتجهت نحو مصر، في طريقها نحو أوروبا.

ولا تعتمد أوروبا على النفط الإماراتي؛ حيث أظهرت بيانات التتبع أن آخر شحنات الإمارات إلى أوروبا تم تسليمها في مايو 2020، عندما ضرب فيروس كورونا أسواق النفط، وفق "رويترز".

سلاح النفط

ينصح مراقبون بأن تستثمر دول الخليج حاجة أوروبا للطاقة لكي تفتح فيها أسواقاً جديدة، وهو ما يذهب باتجاهه في الرأي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "بيان" العراقية، د. علي أغوان، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين".

يعتقد "أغوان" أن هناك فرصة كبيرة بالنسبة لدول الخليج والدول المصدرة للنفط بشكل عام، بأن تستثمر حالة النقص الطاقوي في أوروبا، من جراء ما يحدث من الحرب وانعكاساتها في أوكرانيا.

يقول أغوان إن أكثر الأطراف المهيأة في الوقت الحالي لتعويض النقص الأوروبي هي دول الخليج؛ مستدركاً: "لكن اليوم يتم طرح بدائل أخرى أقرب إلى أوروبا وهي الجزائر وحتى ليبيا".

وأضاف أن "الجزائر اليوم بدأت تستخدم النفط بطريقة سياسية عندما علقت اتفاقية الصداقة مع إسبانيا لأسباب تتعلق بالصحراء الغربية، وكما يعلم أغلب الباحثين فإن إسبانيا على سبيل المثال تحصل على أكثر من 40% من غازها من الجزائر، ما يعني أن الجزائر ورقة جديدة في موضوع الطاقة بالنسبة لأوروبا".

ويعتقد أنه بشكل عام فإن "النفط سلاح سياسي مهم للدول"، مشيراً إلى أن "القوى الخليجية تستطيع أن تعوض جزءاً كبيراً من النقص الأوروبي".

لكنه يقول إن الحديث عن تحول الإمارات والسعودية كبديل للنفط الروسي أو الغاز الروسي باتجاه أوروبا "لا يزال مبكراً".

وأوضح: "أعتقد أن بإمكان الإمارات أن تغطي جزءاً من الحاجة الأوروبية على مستوى الطاقة، لكنها غير مؤهلة لسد الفراغ الكامل الذي قد تخلفه روسيا من جراء إبعادها من الساحة الأوروبية".

علاقات دولية

العقوبات التي شنتها أمريكا وأوروبا على روسيا -وفق ما يراه مراقبون- لن تؤتي ثمارها تماماً ما لم تشمل قطاع النفط والغاز؛ وهو ما جرى بالفعل.

لكن نتيجة هذا الأمر كانت ارتفاعاً جنونياً لأسعار الطاقة، ويأتي ذلك في وقت تستمر أمريكا وأوروبا في الضغط على السعودية والإمارات لتعويض النقص الحاصل بالنفط ليحل الوقود الخليجي محل نظيره الروسي.

وليس مستبعداً حصول تداعيات سلبية نتيجة ممارسة أي ضغوط على منتجي النفط في الشرق الأوسط، لا سيما أن السنوات القليلة الماضية شهدت توترات في العلاقات بين السعودية والإمارات من جهة، والغرب، خاصةً أمريكا، من جهة أخرى.

ذلك كان دافعاً لتوثيق العلاقة مع آسيا لا سيما الصين، التي تعتبر أكبر مشتر للنفط الخليجي.

وفي حال وافقت الإمارات والسعودية على سد حاجة أوروبا من النفط؛ فذلك يعني توجيه الشحنات من آسيا نحو أوروبا، وفق مختصين.

التوازنات السياسية

يعتقد د. علي أغوان أن دول الخليج بشكل عام، "تمتلك المرونة في تحويل مسارات النفط إذا ما أرادت فعلاً ذلك الولايات المتحدة، وهذا يعتبر جانباً سياسياً فالنفط أيضاً يخضع للتوازنات السياسية".

لكن وفق "أغوان" فإن بلداناً أخرى منتجة للنفط تصدّر نسبة كبيرة من نفطها إلى آسيا سيلحقها ضرر كبير ومنها العراق.

يعتقد المتحدث أن روسيا إذا ما جرت مقاطعتها بشكل كامل فستلجأ إلى الهند والصين لبيعهما النفط بأسعار زهيدة، لافتاً إلى أن روسيا قادرة على أن تقنع الصين والهند بشراء نفطها.

وحول بدائل أوروبا يقول "أغوان" إن الأوروبيين يبحثون عن بدائل من دول أخرى مثل الجزائر وليبيا والولايات المتحدة، ومن إيران حيث هناك حديث عن إدخال طهران على الخط، وفق قوله.

يضاف إلى ذلك، فإن الإمارات والسعودية، ضمن إطار البدائل الأهم بحسب ما يقوله "أغوان"، مضيفاً: "الإمارات فعلاً تمتلك مخزوناً من الطاقة ومنشآت للطاقة لكن لا أعتقد أنها قادرة على خلق نوع من الاكتفاء الأوروبي على مستوى الطاقة".

ولفت إلى أن "هناك نقطة مهمة وهي أن أوروبا تحتاج إلى الغاز أكثر من حاجتها إلى النفط على المستويين الحياتي والمجتمعي".

وأوضح أن "الإمارات دولة غير مؤهلة لسد الحاجة الغازية لأوروبا. لو كان الحديث عن قطر لكان الوضع مختلفاً، لكن الإمارات نعم هي تمتلك إمكانات وتكنولوجيا ووسائل نقل حديثة وشركات عالمية بإمكانها العمل على مستوى الطاقة، لكن ما زال هناك شك بالنسبة لي كباحث في مجال العلاقات الدولية، على أن الإمارات يمكن أن تسد الفراغ الأوروبي".