علاقات » روسي

قد ينتقل من أوكرانيا لسوريا.. ما تأثير الصراع الأمريكي الروسي على الخليج؟

في 2022/06/25

كامل جميل - الخليج أونلاين-

تنذر التطورات العسكرية بين القوات الروسية ونظيرتها الأمريكية في سوريا بفتح ساحة حرب أخرى بعد أوكرانيا بين روسيا والغرب موقعها الأراضي السورية، ما يجعل هذه الحرب تنثر من جديد آثارها السلبية على المنطقة لا سيما دول الخليج التي زادت الضغوط عليها لتعويض نقص الطاقة بعد العقوبات الغربية على روسيا.

فوفق ما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" (18 يونيو 2022) فإن مقاتلات روسية هاجمت، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، قاعدة عسكرية تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا.

ونقلت الصحيفة عن عسكريين أمريكيين قولهم: إن "القوات الروسية نفذت قبل أيام عمليات ضد التحالف الدولي في سوريا، ومنها استهداف مقاتلتين من طراز سوخوي موقعاً في قاعدة التنف (جنوب شرقي سوريا)".

وأضافت المصادر أن روسيا أخطرت الولايات المتحدة قبل القصف بأنها سترد على هجوم مزعوم ضد قوات النظام السوري.

وبحسب المصادر، فإن هجمات روسيا أثارت قلق واشنطن من أن تؤدي لمواجهة أمريكية - روسية في سوريا.

وتقع قاعدة "التنف" التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن على بعد 24 كم غرب معبر "التنف" (الوليد) عند المثلث الحدودي السوري- العراقي- الأردني، في محافظة حمص.

بدورها أوردت شبكة سي إن إن الأمريكية نقلاً عن "مسؤولين دفاعيين أمريكيين" قولهم إن الرد الروسي جاء على خلفية تعرض قوات روسية لهجوم بقنبلة زرعت على جانب الطريق من قبل قوة مدعومة من الولايات المتحدة.

وأفاد المسؤولون أن الولايات المتحدة تعتقد أن ذلك لم يحدث، وأن الروس زعموا ذلك كسبب لشن غارات جوية.

الوجود العسكري في سوريا

لكل من الولايات المتحدة وروسيا وجود عسكري في سوريا يشمل قوات عسكرية برية وبحرية وجوية.

فلروسيا في سوريا قاعدة "حميميم" الجوية، التي تعد الأكبر من نوعها في المياه الدافئة، وتقع في ريف مدينة اللاذقية الشمالي.

وتنتشر قوات من "الشرطة العسكرية الروسية" في عموم المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، ومناطق تخضع لما يعرف بـ"اتفاقيات التسوية". 

ولموسكو قاعدة في مطار القامشلي بمحافظة الحسكة، زودتها بطائرات حربية ومروحية، ومنظومات دفاع جوي، من نوع "بانتسير".

أما القوات الأمريكية فتنتشر بشكل خاص في مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، وفي عدة محافظات أبرزها محافظة الحسكة بالقرب من الحدود العراقية التركية.

كما تنتشر في قاعدة "التنف" الشهيرة عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، وفي منطقة "الشدادي" الواقعة بين محافظتي الرقة ودير الزور، وفي موقع مدينة كوباني.

وعززت الولايات المتحدة وجودها البحري في شرق المتوسط باتفاقية عسكرية في 15 أكتوبر الماضي لتوسيع الوجود الأمريكي في 4 قواعد عسكرية جديدة في الجزر اليونانية، وخاصة في خليج سودا بجزيرة كريت.

وفي شمال شرق سوريا توجد قاعدة إنجرليك التركية التابعة لحلف الناتو، وهي من أكبر قواعد الناتو في المنطقة، وتشكل مع القواعد الأمريكية في اليونان، وخاصة جزيرتي لاريسا وكريت، أدوات قوية في يد الولايات المتحدة.

من أوكرانيا إلى سوريا

يأتي التصعيد الروسي في سوريا فيما تشتد المواجهة بين موسكو وواشنطن، على خلفية الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا، منذ فبراير الماضي.

وفرضت واشنطن، ومعها دول أوروبا، عقوبات اقتصادية وسياسية قاسية ضد روسيا، كما قدمت دعماً عسكرياً سخياً للجيش الأوكراني لمواجهة نظيره الروسي.

وتحولت أوكرانيا إلى منطقة نزاع أخرى بين البلدين النوويين تلت سوريا التي شهدت تنازعاً بين القوتين لسنوات، حيث تدعم روسيا حكومة بشار الأسد، وتدعم الولايات المتحدة الطرف المعارض، ليعود الصراع مرة أخرى من أوكرانيا إلى سوريا، ما ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة بحسب مراقبين.

يقول المحلل السياسي مفيد مصطفى لـ"الخليج أونلاين" إنه لم يعد هناك شك أن حُمم البركان الأوكراني وصلت إلى سوريا، لكنه لا يعتقد أن الضربة التي وجهتها القوات الروسية للقوات الأمريكية في التنف تصب بالضرورة في هذا الجانب، كما أنه لم يستبعد بذات الوقت أن يكون التصعيد بين الطرفين ناجماً عن التصعيد في أوكرانيا.

واستدرك قائلاً: "لكن هل التصعيد بين الطرفين سيصل إلى مواجهات أكبر أو حرب بين الطرفين على الأراضي السورية؟"، وأجاب عن تساؤله قائلاً: "من المستبعد بالوقت الحالي أن يحدث ذلك".

احتمالات عديدة مفتوحة أمام هذا الصراع، وفق ما يرى "مصطفى"، حيث يعتبر أنه في حال حققت القوات الأوكرانية تقدماً في الأسابيع القادمة، بعد أنظمة الصواريخ التي زودتها بها الولايات المتحدة، فليس مستبعداً أن تضغط روسيا على القوات الأمريكية في سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر، ويصبح هناك تصعيد بين وكلاء وحلفاء كلا الطرفين.

بالمقابل ليس مستبعداً أن يكون هناك احتمال أن تشرع روسيا في طلب مشروع قرار بشأن المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شرق أوكرانيا؛ مقابل تمرير القرار الخاص بممر بشمال سوريا، وفق مفيد مصطفى.

الحرب والخليج

منذ 2011 تحولت سوريا إلى ساحة صراع بعد قمع النظام للمتظاهرين السلميين والمعارضين لحكمه بالقوة العسكرية؛ ليتحول إلى اقتتال داخلي برزت فيه دول عديدة داعمة للطرفين، وكان لروسيا وإيران الفضل في الإبقاء على بشار الأسد في السلطة.

إيران جعلت من سوريا موطئ قدم ضمن مواطئ قدم أخرى في المنطقة مثل العراق ولبنان واليمن، ما يعطيها المزيد من القوة التي تعتقد دول خليجية، لا سيما السعودية، أنها تمثل تهديداً للخليج.

فبالإضافة إلى نفوذ إيران في مياه الخليج التي تعتبر ذات أهمية كبيرة لدول الخليج، حيث تمر نحو 20% من صادرات النفط الخليجية إلى العالم، هناك أذرعها المسلحة في المنطقة.

وإيران التي تعتبر مصدر قلق لدول عديدة في المنطقة أبرزها السعودية، تعتبر حليفاً لروسيا، ومن ثم فإن ما تملكه الأخيرة من قوة ونفوذ في سوريا يصب في مصلحة قوة ونفوذ حليفتها إيران.

وعلى السعودية لكي تكسب نقطة في هذا الصراع أن تسهم في إضعاف النفوذ الروسي بسوريا، وليس من شك أن ذلك يتمثل بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة، والأخيرة بدورها طالما دعت السعودية  لضخ المزيد من النفط، لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة نتيجة الحرب في أوكرانيا.

يعتقد مفيد مصطفى أن التشابك الجيوسياسي بين روسيا وأمريكا أصبح يطال مصالحهما بكل العالم، ومن بينها منطقة الخليج.

وأشار إلى أن منطقة الخليج "تشهد ضغطاً من واشنطن لرفع إنتاج النفط، وخفض أسعاره، والهدف الرئيسي لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية المقررة في يوليو القادم تصب بهذا الجانب"، بحسب المتحدث الذي لفت النظر إلى أن "نجاح هذه الزيارة أو فشلها سيحدد كفة الميزان بين موسكو وواشنطن بالمرحلة القادمة".