قضاء » قضايا

قضية "رافعة الحرم" تعود لأروقة المحاكم بعد 7 سنوات.. ما الجديد؟

في 2022/07/25

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

7 سنوات مرت منذ انهيار الرافعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة، بسبب رياح عاتية قبيل انطلاق موسم الحج، آنذاك، ما أدى إلى مقتل 110 أشخاص وإصابة 209 آخرين غالبيتهم من جنسيات أجنبية.

وخلال نحو 6 أعوام بعد الحادث، جرت محاكمة المسؤولين عنه؛ لتعلن المحكمة الجزائية في مطلع العام 2017، إسقاط التهم عن 13 متهماً كانوا في القضية، قبل أن تؤيد محكمة الاستئناف حكم البراءة للمتهمين في أغسطس 2021.

عودة من جديد

ولكن لم تنته القضية هنا، فالسعودية بدأت من جديد فتح ملف القضية وعادت جلسات المحاكمة إلى نقطة الصفر في قرار مفاجئ.

وقالت صحيفة "عكاظ" المحلية إن "الدائرة الأولى في المحكمة العليا بالمملكة، قررت نقض جميع الأحكام الصادرة (البراءة وتأييدها) في قضية حادثة رافعة الحرم وإعادة نظرها من جديد أمام دائرة قضائية جديدة".

وأكدت أن "المحكمة عقدت أول جلسة من المحاكمة الجديدة – لم تذكر موعد انعقاد الجلسة- بحضور 10 من المتهمين، وتغيب 3 آخرين رغم علمهم".

وأوضحت أن "أول جلسة شهدت تقديم لائحة اتهم فيها 13 فرداً بالإهمال والتقصير ما تسبب في سقوط الرافعة".

وطلب المتهمون "مهلة للرد والاطلاع على قرار النقض"، فيما قررت المحكمة "منحهم فرصة لتقديم مذكرات الرد".

البداية والبراءة

ولكن لماذا تعاد قضية رافعة الحرم من جديد إلى أروقة المحاكم رغم مرور سنوات طويلة عليها وانتهائها بصدور حكم البراءة بحق المتهمين وتعويض الضحايا سواء من القتلى أو المصابين بمبالغ مالية كبيرة؟

للحصول على إجابة عن هذا السؤال يجب العودة قليلاً إلى حيثيات حكم البراءة الذي أيدته محكمة الاستئناف في مكة المكرمة في أغسطس 2021.

في ذلك الوقت صادقت محكمة الاستئناف بمكة المكرمة على الحكم الصادر ببراءة جميع المتهمين الـ13 في قضية رافعة الحرم، من بينهم مجموعة "بن لادن" للمقاولات، ليسدل الستار على قضية نالت اهتمام الرأي العام على مدى سنوات.

وقبل إصدار هذا الحكم تم تشكيل لجنة تحقيق آنذاك من قبل السلطات السعودية، حيث نفى تقرير اللجنة الشبهة الجنائية للحادث، مؤكداً أن سبب الحادث هو "تعرض الرافعة لرياح قوية وكونها في وضعية خاطئة".

وأصدر الديوان الملكي السعودي حينها أمراً باتخاذ جملة من الإجراءات العقابية بحق مجموعة بن لادن، بمنع سفر جميع أعضاء مجلس إدارتها وكبار المسؤولين التنفيذيين في المجموعة وغيرهم ممن لهم صلة بالمشروع، وذلك حتى الانتهاء من التحقيقات وصدور الأحكام القضائية بهذا الشأن، وإيقاف تصنيف المجموعة السعودية ومنعها من الدخول في أي منافسات أو مشاريع جديدة.

وقرار محكمة الاستئناف جاء في أغسطس الماضي، تأييداً لحكم محكمة مكة الجزائية التي قضت، يناير 2017، ببراءة المتهمين في القضية.

وجاء في حكم المحكمة الجزائية، آنذاك، أن "هيئة الأرصاد وحماية البيئة أصدرت نشرة عن أحوال الطقس في يوم الحادثة واليوم الذي قبله، تضمن بأن سرعة الرياح في البحر الأحمر تراوحت ما بين (1) و(38) كيلومتراً في الساعة فقط، ولم تتضمن وصف الحالة بأنها أعاصير أو نحوه، ما يجب معه أخذ الحيطة والحذر".

ولم تجد المحكمة في أوراق الدعوى ما يفيد بقيام الهيئة العامة للأرصاد بالتحذير والتنبيه على توقع حدوث هذه الكارثة.

كما تشير المحكمة إلى أن ما حصل في مكة ذلك اليوم "يمكن إلحاقه بالجوائح والآفات السماوية التي يصعب إن لم يستحل معها أخذ حيطة أو حذر، ومن المتقرر عند الفقهاء بسقوط الضمان فيها وبالتالي انتفاء المسؤولية".

لماذا إعادة المحاكمة؟

ولكن المحكمة العليا في المملكة كان لها رأي آخر بعد 7 سنوات من الحادث، كشفت عنه صحيفة "عكاظ" نقلاً عن مصادر مطلعة.

وحسب الصحيفة فقد جاء قرار نقض المحكمة العليا بعد "دراسة الدائرة الأولى بالمحكمة للقضية، وما أجري فيها من تحقيقات وما صدر بها من أحكام، وبعد الاطلاع على ما اشتملت عليه مرفقات المعاملة من مخاطبات".

وبعد الاطلاع على التقرير الذي نشرته الصحيفة السعودية، يتبين أن أسباب إعادة إحياء قضية كارثة الحرم تشتمل على نقاط أساسية لم يتم الالتفات إليها بالشكل المطلوب سابقاً، تتعلق بالإهمال والتقصير وعدم وجود عمالة مناسبة.

ومن بين أبرز أسباب إعادة المحاكمة وجود خطاب لممثل وزارة المالية بطلب إزالة الرافعة لانتفاء الحاجة إليها قبل سقوطها.

كما أنه "لم يتبين أن المدعى عليها (شركة بن لادن) قدمت ما يثبت السماح ببقاء الرافعة قائمة منصوبة بنص صريح من مالك المشروع أو الاستشاري المشرف، واستندت في ذلك على تأويل بعض الجمل الواردة في المخاطبات وعلى السكوت اللاحق؛ ولأنه لا ينسب إلى ساكت قول، ولأن المنع آخر ما تم التصريح به فإن واجب المتابعة وطلب الإذن يقع على عاتقها؛ أي شركة المقاولات".

كما تبين خلال إعادة النظر بالقضية، "عدم البحث الكافي بشأن وجود تنبيه بشأن الحالة الجوية المتصلة بالواقعة من حيث اتجاه الرياح وسرعتها ومتى صدر هذا التنبيه وكيفية إبلاغه لذوي الشأن".

وأشارت المحكمة العليا إلى أنه كان يجب التمحيص والتحقيق مع كل من يتوجه بحقه التقصير في إزالة الرافعة وتركها مدة تزيد عن الحاجة الفعلية إليها في موقع مكتظ بالأرواح البشرية، ومدى تأثير هذا التقصير في الحادث.

وتضمنت الأسباب كذلك عدم تفعيل واتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وعلاوة على ذلك ينقص مسؤولي السلامة الخبرة اللازمة لتطبيق أنظمة السلامة الأساسية ومعرفة المسؤوليات المنوطة بهم.

وأشار الم

دعي العام السعودي إلى أن المقاول الرئيسي (شركة بن لادن) اعتمد على معايير ولوائح السلامة الداخلية الخاصة به، وهي أقل من الحد الأدنى المعتمد للسلامة، حسب "عكاظ".

كما أن بعض عمال تشغيل وتركيب الروافع والمفتشين العاملين في الموقع تنقصهم الكفاءة، وهناك نماذج لعمال معتمدين لتشغيل الروافع مع أنهم أميون.

وضمن أسباب المحاكمة الجديدة اكتشاف أن الشركة المسؤولة عن الرافعة لم تقدم أي أدلة موثقة لفريق التحقيق لإثبات مستوى الكفاءة والتدريب.

واتهمت اللائحة المقاول الرئيسي بأنه "يعاني نقصاً في اعتماد عمال أكفاء للتشغيل والتحميل والمناولة بسبب تعدد جنسيات العمال ولغاتهم وتباين مستويات كفاءتهم وغياب برنامج تدريب واعتماد واضح لهم".

وكشفت لائحة الاتهام عن "عدم وجود رخصة استخدام فحص للرافعة التي سقطت، وعدم توافر دليل تشغيل مترجم باللغة العربية بمقصورة الرافعة التي سقطت، وعدم تزويدهما بتقارير عن أحوال الطقس عند التشغيل".

وبناء على الأسباب سابقة الذكر، قرر المدعي العام السعودي في القضية الجديدة توجيه تهم لمجموعة بن لادن بـ"الإهمال والتقصير وعدم اتخاذ مسؤولي السلامة ومديري المشروع ما يجب عليهم من الحيطة والحذر في متابعة الأحوال الجوية وفق مراحل التنبيهات الصادرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والتفاعل معها بإجراءات احتياطية تكفل سلامة الموقع ومرتاديه أو تقليل المخاطر".

من ناحيتهم، طلب المدعى عليهم، "مهلة لتحرير الجواب، كما طلبوا إطلاعهم على قرار النقض الصادر من المحكمة العليا، حتى يتسنى لهم دراسته وصياغة جوابهم على الدعوى"، ومنحت المحكمة المتهمين فرصة لتقديم مذكرات جوابية على التهم كلاً على حدة.

والمتهمون في القضية هم: 6 سعوديين و7 مقيمين (باكستانيان وأردني وفلبيني وكندي وفلسطيني ومصري وإماراتي).